سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أقصبي: استمرار وجود الفساد مشكل يتجاوز مضامين قانون المالية الخبير الاقتصادي قال ل« المساء » إن صندوق التكافل الاجتماعي لا يجب أن يمول على «ظهر المأجورين»
- ما هي قراءتك الخاصة لمشروع قانون المالية لسنة 2013؟ التقليص من النفقات غير الهامة وترشيد الإنفاق كلها خطابات مكرورة تعيدها حكومات مختلفة دائما، ولكن الواقع يشهد على ارتفاع ميزانيات التسيير، وهناك تفاقم لعجز الميزانية، وأتوقع أن تصل نسبة العجز هذه السنة إلى 6 في المائة أو أكثر، نظرا لمرور المغرب من وضعية صعبة، ولكون المشاكل الأساسية لم تُحل بعد ولا يظهر على أن هناك أفقا لحلها، ومنها ميزانية صندوق المقاصة، التي خُصص لها هذه السنة تقريبا 52 مليار درهم، بدون احتساب الديون المترتبة عن تمويل صندوق المقاصة، والتي يجب تسديدها. وهذا يعني أن المشكل سيظل مطروحا. ثانيا، أسعار المواد الأولية والبترول في السوق العالمي تنحو نحو الارتفاع، وبالتالي يمكن أن يكون هناك عجز أكبر أو حاجة أكثر إلى السيولة. أما من ناحية المصاريف المرتبطة بالموظفين ومثلها فهي مصاريف لا يمكن تغييرها ويتم التخطيط لها بشكل أوتوماتيكي، تضاف إليها تبعات الزيادات، التي تم إقرارها في الأجور وما تم الاتفاق عليه بين الحكومة والنقابات من إجراءات ستدخل حيز التطبيق، وبالتالي أرى أنه من الصعب النظر إلى مشروع قانون مالية مختلف، في ظل وصول حجم المديونية إلى مستوى لا بأس به، ففي الفترة ما بين 2000 و2010 تم تسجيل تقلص في المديونية، لكن هذه السنة عاد حجم الديون إلى الارتفاع، ولو أن هناك حديثا عن مساعدات من البلدان الخليجية، فإن هذه المساعدات ستكون عبارة عن ديون وليس هدايا. عموما نحن في وضعية توجد فيها الميزانية في ظرف صعب، وهناك عجز وظرفية دولية لا يساعدان على تحقيق نمو اقتصادي عادي، وهو ما تعقبه مضاعفات، سواء على مستوى المداخيل، خاصة الخارجية مثل تحويلات المغاربة الموجودين بالخارج، أو على صعيد خلق مناصب شغل ومشاريع استثمارية. يظهر لي أن الظرفية صعبة وليس هناك، إلى حدود ما اطلعت عليه بشأن قانون المالية لسنة 2013، أي مؤشر يمكن أن يغير من الوضعية. لا يبدو أن هناك توجها جديدا، والمشكل الذي ما زال موجودا، ويتجاوز مضامين قانون المالية، هو استمرار الفساد داخل قطاعات مهمة، وأنت تعرف أن نحو 43 مليارا من ميزانيات الحسابات الخصوصية لا نعرف عنها الشيء الكثير، وهناك ضبابية على مستوى الصناديق التضامنية. - ولكن هناك من يتحدث عن كون مشروع القانون الجديد جاء بنفس اجتماعي وبتحملات اجتماعية جديدة. هذه الحكومة تحدثت عن أنها تعتزم القيام بإصلاح ضريبي، لكننا لم نر أي إصلاح ضريبي. ما سمعناه، خلال مناقشة ميزانية 2012، هو نقاش حول إقرار ضريبة على الثروات وقد تم رفض هذه الضريبة بعد ذلك. كما كانت هناك اقتراحات على مستوى قطاعات لا تؤدي الضرائب مثل الفلاحة، وهنا لا أتحدث عن الفلاحين الصغار الذين يشكلون أغلبية، بل أتكلم عن الناس الذين لديهم أرباح كثيرة وهائلة ويصدرون منتوجات فلاحية، ومع ذلك لا يؤدون الضرائب، ففي الوقت الذي نجد أن موظفين متوسطين يمكن أن يؤدوا الضرائب نرى أن مستثمرين كبارا في مجال الفلاحة لا يؤدون أي ضرائب، رغم أنهم يراكمون أرباحا كبيرة. عموما كان هناك توجه نحو إقرار إصلاح ضريبي يساعد الدولة على تحسين المداخيل، في الوقت الذي تصل نسبة الشركات التي لا تؤدي الضرائب نحو 60 في المائة. كان، إذن، مفروضا أن تسير الإصلاحات الضريبية في هذا الاتجاه، لكن ما يقع هو أن الحكومة تتجه نحو أجراء يؤدون أصلا ضرائب مهمة ويطلبون منهم أداء نحو 900 درهم في الشهر، وهذا في نظري لا يحل المشكل، ويزيد من حدة استهداف الطبقة المتوسطة، علما أن مداخيل الضرائب عن هذه الأجور ستظل محدودة ولن تساعد في تجاوز عجز الميزانية العمومية. الإصلاحات التي يجب إقرارها هي تعميم سداد الضرائب على جميع القطاعات وإقرار ضريبة على الثروات وبذل جهد لتقليص التهرب الضريبي الذي يعتبر بمثابة رياضة وطنية يحترفها عدد كبير من المغاربة. وماذا عن الأرقام التي يتضمنها مشروع قانون المالية المقترح، والذي يتحدث عن توفير ملايين الدراهم مقابل الرفع من مداخيل الضرائب المباشرة وغير المباشرة؟ هناك فعلا ضرائب جديدة على الشركات وضريبة مفروضة على استغلال الرمال. وهذه يمكن أن تُدخل مداخيل سيمول بها صندوق التكافل الاجتماعي، لكن مساهمة المأجورين في هذا الصندوق جد مهمة، وبالتالي كان يجب التوجه نحو قطاعات لا تؤدي الضريبة ولديها إمكانيات أكبر. هذه الإجراءات يمكن أن تطرح مشاكل بالنسبة للدولة لأنه رغم أن أجور الموظفين قد تكون جيدة، لكن المصاريف الكبيرة الملقاة على عاتقهم تُحدث لهم أزمة، رغم أنهم ليسوا هم المعنيين بتمويل صندوق التكافل العائلي. - بعيد مصادقة الحكومة على مشروع قانون المالية، الذي تحدث عن كون 20 مليارا من الموارد سيتم توفيرها عن طريق الاقتراضات والهبات، سافر الملك محمد السادس على رأس وفد كبير لاستقطاب تمويلات خليجية، هل تعتقد أن هذا الأمر سيساهم في تجاوز المغرب أزمته الحالية؟ في جميع مشاريع الميزانيات يكون هناك تقدير تخميني بالديون التي يمكن اقتراضها، أو التكهن بالمداخيل الخاصة، لكن يمكن أن تحصل الدولة على هذه المداخيل أو لا يمكن أن تحصل عليها. وبالنسبة لزيارة الملك للخليج يمكن أن يحصل من خلالها على وعود من الخليجيين، وهي وعود يمكن أن يتم الوفاء بها جميعا أو بعض منها، كما يمكن ألا يتم الوفاء بها مطلقا، لأن هذا الأمر مرتبط بمعطيات يمكن أن تأتي في المستقبل، وحتى لو تم الوفاء بالوعود وتقديم قروض، فإن هذا لن يؤدي إلا إلى تضخيم مديونية المغرب لأن لا أحد يقدم المليارات مجانا، بل على شكل قروض بشروط يمكن أن تكون جيدة أو سيئة. - بشكل عام، وباعتبارك محللا اقتصاديا، ما الذي كان يجب أن يتضمنه مشروع قانون المالية المقترح في نظرك؟ هذا موضوع يتجاوز الجانب الاقتصادي، فالمغرب يعرف مشاكل كثيرة ومتنوعة على عدة مستويات، منها المؤسساتي والسياسي وعلى صعيد الحكامة والقضاء وغيرها من الأمور، وهامش الإصلاح الاقتصادي ضعيف لأن هناك حاليا ظرفية دولية ومعطيات بنيوية صعبة تعرفها البلاد. في المقابل كان الهامش السياسي أكبر نوعا ما بشكل افترض إصلاحات سياسية حقيقية ستساعد المغرب على الرجوع إلى مكانه لمواجهة التحديات. لكن هذه الإصلاحات السياسية لم تُنجز ولا يبدو لي أن هناك استعدادا للإصلاح، بل ما يُنجز هو عمليات تجميلية فقط، وأعطيك مثالا: فمنذ 17 عاما ولجان ملكية، على مستوى عال، تخطط لإصلاحات قطاع التعليم وتعد البرامج، والنتيجة التي تظهر بعد كل تقييم وحصيلة، تُظهر أن هناك مشاكل كثيرة، باعتراف من رئيس الدولة، فمن المسؤول عن هذا الوضع؟ لا يمكن القول إن المغاربة غير قادرين على إقرار نظام تعليمي صالح، لكن المشكل هو في السياسات والتوجهات التي ترسم لإصلاح التعليم، إلى جانب الأشخاص الذين يتم تعيينهم لتطبيق هذا الإصلاح. ومن بين غرائب بلادنا أن المخطط الاستعجالي، الذي كان إعلانا عن فشل إصلاح التعليم، كان في عهدة شخص تم جلبه من المعارضة وتعيينه وزيرا لإنجاز المشروع، وها هو البرنامج فشل الآن فمع من ستكون المحاسبة؟، هذه هي المشاكل العميقة بالمغرب، التي يجب التعامل معها عبر إصلاح جدي من طرف المسؤولين. إذ قبل القيام بإصلاحات اقتصادية وتقنية يجب القيام بإصلاح أشمل وأكبر.
بنكيران يعول على قروض وهبات بقيمة 20 مليار درهم ركن الأرقام المتعلقة بتوازن موارد وتكاليف الدولة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2013، والتي تكشف تفاصيل ما سيدخل خزينة الدولة وما سيخرج منها، يكشف اختلافات جوهرية بين مشروع قانون المالية الحالي والمشروع المنتظر تطبيقه. الاختلاف الكبير يرتبط بارتفاع تكاليف التسيير ونفقات الموظفين، رغم اعتزام حكومة بنكيران شد الحزام بشكل أكبر عن طريق نهج سياسة تقشفية وتخفيض نفقات التسيير. كما تم تسجيل رفع مداخيل الضرائب وموارد أخرى، إلى جانب تخصيص هامش كبير من الموارد للقروض الخارجية والهبات. بشكل عام، نفقات الدولة المغربية ستفوق مواردها أزيد من 12 مليار درهم. هكذا سيبلغ مجموع موارد الدولة خلال 2013 ما قدره 345 مليارا و912 مليونا و676 ألف درهم، بزيادة أكثر من 30 مليار درهم مقارنة بالسنة الماضية. هذه الزيادة ستتحصل عن طريق الرفع من موارد الميزانية العامة، من خلال الرفع من الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة بشكل سيوفر لخزينة الدولة ما يقدر بستة مليارات درهم، إلى جانب توفير نحو أربعة مليارات درهم مقابل الرفع من مداخيل الضرائب في المباشرة. الرفع من حصيلة مؤسسات الاحتكار والاستغلالات والمساهمات المالية للدولة سيوفر أيضا ما يناهز مليارا ونصف مليار درهم، في حين ستتحصل بقية الزيادة من موارد الاقتراضات والهبات والوصايا التي سترتفع بأزيد من 20 مليار درهم مقارنة بالسنة الماضية. هذه الاقتراضات والهبات متحصلة، بالأساس، من صناديق مالية عربية ودول خليجية، وهو ما يفسر لجوء الملك محمد السادس إلى القيام بزيارة غير مسبوقة لدول الخليج بعيد مصادقة الحكومة على مشروع قانون المالية الحالي. في المقابل، يكشف جدول ما ستتحمله الدولة من نفقات ارتفاعا في نفقات التسيير والموظفين، رغم أن حكومة بنكيران كانت تعول على التقليص منها في ظل الأزمة الحالية. وهكذا سترتفع، هذه السنة، نفقات التسيير بالنسبة للميزانية العامة بنحو 12 مليار درهم، لتبلغ 199 مليارا و260 مليونا و123 ألف درهم، مقارنة بالسنة الماضية التي بلغت فيها نفقات التسيير أزيد من 187 مليار درهم. هذه الزيادة في نفقات التسيير ستشمل رفع نفقات الموظفين بنحو 5 مليارات درهم، فضلا عن تسجيل ارتفاع أقل نسبيا فيما يتعلق بنفقات شراء المعدات والنفقات المختلفة. ما ستنفقه الدولة من ميزانيتها سيذهب أيضا، فضلا عن نفقات التسيير والموظفين، في اتجاه نفقات غير منتجة، بينها نفقات الفوائد والعمولات المتعلقة بالدين العمومي، التي ستعرف زيادة ملياري درهم مقارنة بالسنة الماضية، في حين ستزداد نفقات استهلاكات الدين العمومي المتوسط وطويل الأجل بنحو ستة مليارات درهم. البلاط يشغل 200 موظف جديد والتعليم والصحة في مقدمة المشغِلين تميط وثيقة مشروع قانون المالية لسنة 2013 اللثام عن الخطوط العامة للتوظيفات المعتزم القيام بها السنة المقبلة. 2013 ستعرف تقلصا في عدد المناصب المالية المحدثة، رغم الرفع من نفقات الموظفين ضمن الميزانية العامة. عدد المناصب المحدثة خلال 2013 ستبلغ 24 ألفا و290 منصبا، علما أن عدد الوظائف المحدثة السنة الماضية بلغ 26 ألفا و84 منصبا. الانخفاض في عدد الوظائف المحدثة سببه أن غالبية التوظيفات تمت السنة الماضية بحكم شروع الحكومة الجديدة في العمل، وهو ما يتطلب توفير موارد مالية جديدة وإضافية. تراجع عدد المناصب شمل عدة وزارات ومرافق حكومية سيقتصر التوظيف فيها، خلال السنة المقبلة، على أعداد محددة من الموظفين، تشمل، على سبيل المثال، خمسة موظفين في الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة. في المقابل حافظت وزارات معينة على احتلالها الرتب الأولى ضمن الإدارات العمومية الأكثر توظيفا، حيث يفوق عدد المناصب المحدثة بها عتبة الألف منصب، وهي وزارات يرتبط عملها بمهام سيادية ذات صلة بما هو أمني، مثل وزارة الداخلية وإدارة الدفاع الوطني، أو ذات ارتباط بخدمات اجتماعية حيوية كما هو حال وزارات الصحة والتعليم والعدل. وهكذا سيتم تشغيل 7200 موظف جديد كحد أقصى بوزارة التربية الوطنية، و6400 بوزارة الداخلية، و3000 في إدارة الدفاع الوطني، و2300 موظف بوزارة الصحة، و1000 موظف جديد بوزارة العدل. أما المصالح العمومية التي تتراوح فيها أعداد المناصب بين 100و600 منصب، فهي رئاسة الحكومة والبلاط الملكي ووزارة الاقتصاد والمالية والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة التجهيز والنقل ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون والفلاحة والصيد البحري. في حين يقل عدد المناصب المحدثة في وزارات أخرى عن عتبة المائة وظيفة جديدة.