يرفض أدب الهامش سلطة المركز، و يؤسس لأسئلته الخاصة مشتغلا على ثيمات، و موضوعات محددة، لم يرتبط أدب الهامش بفضاء جغرافي محدد، ففي عالم انمحاء الحدود، أصبح من المتعذرات إقامة فصل جغرافي بين الهامش و المركز، و في عالم الاختلاف الثقافي انشغل أدب الهامش بتأسيس ثقافة الاختلاف و تأكيد المغايرة و الفردة، في أفق تحرير الاختلاف من سلطة التنميط، و وعيا بأهمية تحريره من التوظيفات المزيفة. احتضن فضاء خزانة المركب الثقافي سعيد أشتوك، المقهى الأدبي الأول بمدينة بيوكرى. و هو تأسيس في حد ذاته لممارسة ثقافية جديدة و سابقة من نوعها في جغرافية أشتوكن. سطرت جمعية تيماتارين برنامجا حافلا للقاء الثقافي، تم افتتاحه بقراءة في شعار الدورة قدمها الأستاذ زين العابدين الكنتاوي، تلتها ورقة في أدب الهامش و سؤال الاختلاف للأستاذ أحمد بوزيد. هذه التمهيدات النظرية فتحت مدار مُدارسة تجربة الروائي الأمازيغي ابراهيم العسري أمازيغ في قراءتين في منجزه الروائي الأولى بعنوان "تسريد الجسد بين محكي الذات و شاعرية الوصف قراءة في رواية ايجاوان ن تايري" للأستاذ محند كديرة، و الثانية قدمها الأستاذ الباحث و الكاتب الأمازيغي أنير بويعقوبي بعنوان "اسمضال ن تماكيت أو ملتقى الهويات المفقودة". في معرض قراءته لشعار الدورة قدم الأستاذ زين العابدين الكنتاوي قراءة تحليلية للشعار "لا عرش لي إلا الهوامش" لمحمود درويش، بين من خلاله دواعي اختيار ثيمة الهامش كمنطلق فكري و كأرضية نظرية تؤسس لفعاليات المقهى الأدبي في نسخته الأولى. و في تدخله بسط الأستاذ أحمد بوزيد سؤال الاختلاف كناظم رئيس لوجود أدب الهامش منطلقا من سؤال : أي مفهوم يعطيه أدب الهامش للاختلاف، إذ وضح أن تحرير الاختلاف القصد منه إعادة الاعتبار لأدب الهامش كأدب رافض للمركزية مفككا لها، اختلاف أدب الهامش بهذا المعنى ليس أن يكتب على جدار و أن ينبثق من فضاء الهامش، إنما اختلافه يكمن في تأسيس صورته الخاصة و نسقه المحدد. ضيف شرف المقهى الكاتب و الروائي ابراهيم العسري، كاتب مدينة أكادير، و حتما كاتب المهمش، احتفى المقهى بتجربته الوازنة في السرديات الأمازيغية، اختياره كضيف شرف راجع بالأساس إلى اشتغاله على المهمش، إضافة إلى ذلك هامشية الأدب المكتوب باللغة الأمازيغية في المشهد الأدب المغاربي. البحث في شعرية رواية "ايجاوان ن تايري"، مدخل رئيس للبحث في تسريد الجسد بين محكي الذات و شعرية الوصف، فبالنسبة للأستاذ محند كديرة رواية ايجاوان ن تايري تاريخ خاص لفضاء المدينة و اشتغال على أيقونة الجسد و استحضار لسيرة الذات المرتبطة بضمير المتكلم. و من جهة نظر أخرى تحدد موضوع مقاربة الأستاذ الباحث أنير بويعقوبي المشتغلة على متن رواية "اسمضال ن تماكيت"، و على حد تعبيره اسمضال ن تماكيت ملتقى لهويات مفقودة تتشكل في النص الروائي، فعبر رصد تحولات شخصية "صامويل" من هوية إلى أخرى، أبرز هذا الانتقال تشظي الذات و بحثها عن كينونتها، الانسلاخ من هوية إلى أخرى لدى صامويل، قدم صورة مغايرة للتناول الكلاسيكي لموضوع الهوية في المنجز الروائي المكتوب بالأمازيغية. تفاعل الحاضرون و الإشكاليات المطروحة في مجمل محاور تدخلات الأساتذة ما أنتج نقاشا في إمكانية توسيع دائرة أدب الهامش لتشمل أيضا الحد المقابل أدب المركز، و كذا إمكانية انتماء الروائي ابراهيم العسري أمازيغ إلى دائرة التجريب الروائي.