إنتصف الشهر الفضيل ، وكثر فيه القيل و القال،فأصبح كل من هب ودب يفتي ..ويحتج ويتوعد،هذا ينبح هنا، وذاك يبكي هناك،أما تلك فتموء في خشوع،بل تتمتم في خشوع كي لا يسمعها ظلها.فما كل هذا و ذاك؟حيث بعض الفتاوى لا تعدو أن تكون هلوسات دون برهان..تبكي لها مهجة الإنسان. وعلى ذكر الدموع،فالبكاء أنواع منه من بكى دمعا مالحا،مرا على أرض..أب..أخ..حب..درب..أو لرب،فيعصر الفؤاد لترشح منه أيقونة لعمر ظل طبق الأصل عنها،وهنا أقصد به النسبة الضئيلة ممن يذرف الدموع. أما ما تبقى من النسبة،وهي تلك الشريحة الضخمة العريضة من المجتمع،و أغلبها من النساء،فأخصهن بالقول ما سر لقب بكاء التماسيح؟ألأن هذا الأخير تدمع عيناه صوريا حين يتناول فريسته؟ و من الفريسة في حالة المرأة؟أهو النصف الآخر للمعادلة ؟أم أنها دون إسترسال ضحية نفسها وهي آخر من يدري ؟ وأخص بالقول النساء هنا لأنهن يتقن الأدوار، فتجدهن جميعا ممثلات إلا من بعض الإستثناءات النادرة ،فهذه تتخذها حرفة تكسب بها أضعاف ثمن الماسكارا التي تسيح...فيختلط الوجه بالقناع،وتلك تبكي لتثبت أنوثتها ،ولها أقول ما كانت الأنوثة يوما بعض دموع،وثالثة لم تحترف البكاء بعد،فتكون حجة غيابها عن المدرسة بكاء مرا يرشح من سطح جرة تملأها التفاهات و عشق الأفلام المدبلجة،من أول الحكاية مع المصرية و الهندية..إلى التركية والبرازيلية ..ولحقت بها اليابانية هي الأخرى ..،فتجدها كل مرة تقتل عمدا لإتساع خيالها أحد أفراد الأسرة المصونة،حتى يزل لسانها فتقتل جدتها المسكينة مرتين في الشهر الواحد.أليس هذابالعجيب أن يمشي البعض في جنازة أهلهم وهم أحياء. ومنه ما أبكى من شدة الفرح، لكن هذا نادر لدرجة أنه يفارق الواقع ليعانق الخيال، لأنه لا وجود لدمع حلو أو قاعدي، فالدمع مالح. ولا أظن الرجال مصابين جملة وتفصيلا بقصر نظر يخلطون جراءه الصالح بالطالح،فالتمثيل وجه سريع الزوال..وبكاء حواء ليس فاتورة كهرباء كلما ذرفت منه ألزم الرجل بدفع غرامة تاريخ الباكية... ثم إن البكاء اليوم صناعة وتجارة، فمن النساء من تبكي لتكون التأشيرة *يا فلان رفقا بالقوارير*. فالعبرة ليست بلترات الدموع بل بحجم الألم، فمنه مالا يترجمه دمع السواقي و العيون فما بالك بدمع إنسان..فيبقى سما صامتا دفين الوجدان، فلو بقيت برصيدكن يا معشر النساء..ذرة كبرياء،إسألن أنفسكن،ألهذا الحد بات الدمع بخسا؟وفكرن مليا قبل الإجابة..،وهل تصنفنه ذاك البكاء..تلك الأيقونة لمطلق العناء..بكف المقدس أم المدنس؟