الحمد لله أما بعد، فان اصدق الحديث كلام الله تعالى وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .... من منا لم يسمع بمثل هذه المقدمة من خطيب أوفقيه أو واعظ ؟،ومن منا لايعرف مقام النبي صلى الله عليه وسلم ودرجته العليا في طاعة الله وحسن عبادته ؟ كلنا على علم بهذا الشأن. لكن ولو سئل احدنا عن سننه، عن صفة صلاته أو صفة صومه أو عن كيفية قيامه أوسهره أو غيرها من تفاصيل عباداته، لكان الجواب كما نعلم :قلة العلم بهديه عليه الصلاة والسلام،مع ضعف الاقتداء به وإتباعه . وقد اشرنا في الحلقة الماضية إلى أن كل أعمال المؤمن ومنها صوم رمضان، يتوقف قبولها على أمرين :أن تكون خالصة لله وحده وان تكون بالكيفية المشروعةّ، أي بالكيفية التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم وبالصفة التي كان يصوم بها. فكل عبادة لاتستمد صفتها من كتاب الله آو سنة نبيه ،أو لا يكون لها أصل يعود إليهما،فهي مردودة على صاحبه ، قال صلى الله عليه وسلم: ( من احدث في امنا ما ليس فيه فهو رد). ولا يصح اي عمل تعبدي بغير وجود هذا الشرط. لهذا فالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم- وهو المثل الأعلى - في الصيام وغيره يعتبر واجبا فسنته القولية والعملية هي المبينة للأحكام ، وهي الموجهة لأفعال المؤمن، وبها يتحقق قبول الأعمال، إن كان قصد صاحبها ثواب الله واليوم الآخر.قال تعالى :(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) . وقال كذلك: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)(فصحة الاقتداء هي لقاح الإخلاص ، فإذا اجتمعا أثمرا إصلاح العمل وقبوله والاعتداد به.. وإتباع النبي صلى الله عليه وسلم يكون بتصديق خبره ، وطاعته في أمره، واجتناب نهيه وزجره..(*) أردنا بهذه المقدمة أن نبين أن صيام رمضان بغير الاستهداء بالهدي النبوي فيه سوف يكون ناقصا خاصة لنؤكد أن الأصل في العبادة هو الإتباع والاقتداء . وقد ألف الإمام ابن القيم رحمه الله في هذا الباب كتابا سماه زاد المعاد في هدي خير العباد ومنه تقتبس معالم من هديه صلى الله عليه وسلم في الصيام ،علنا ترتقي بصيامنا من درك العادة الى درجه العبادة ، وان نصحح كثيرا من عاداتنا السيئة ما مظهر منها وما بطن ، ونعمل على تثبيث وإشاعة ما اعتاد عليه بعضنا من السنن الحسنة . أخي الصائم أختي الصائمة، اجعل النبي صلى الله عليه وسلم مثلك الأعلى بالنظر والاقتداء بما ورد عن هديه ومنه: 1. الإكثار من أنواع الطاعات كالصدقة والإحسان وتلاوة القرءان والصلاة والذكر والاعتكاف، وقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة. 2. تعجيل الفطر وتأخير السحور والحض على ذلك ، وفي الحديث : (لازال الناس بخير ما عجلوا الفطر). 3. لا تنس الإفطار قبل صلاة المغرب، وعلى تمرات أوعلي جرعة ماء مع الدعاء عنده بما يلي:ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى. 4. الالتزام السكينة والوقار واجتناب الرفث والسباب قال صلى الله عليه وسلم: ( فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ). 5. تفضيل رخصة الإفطار في السفر فقد كان يقول : إن الله يحب إن توتى رخصه كما يحب أن توتى عزائمه 6. أن كنت جنبا من اهلك وأدركت وقت الإمساك فاغتسل ولو بعد الفجر ولا تتشدد في تعداده من المبطلات . 7. لا تدع قيام الليل والتراويح سواء في السفر أو في الحضر فقد كان عليه السلام لا يدع إحدى عشرة ركعة في رمضان أو في غيره. اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربنا الى حبك واجعل إتباعنا لرسولك دليل صدق على حبك آمين. (*)روح الصيام ص:28