وقف وزير الشباب والرياضة الجنوب إفريقي يصفق بحرارة لمنتخب بلاده بعد انتزاع تعادل بشق الأنفاس من المنتخب المغربي، كان الرجل يلف عنقه المرتهل بشعار لفريق بلاده، دون أن يعير اهتماما لبروتوكول صارم في حضرة ملك الزولو النصف العاري. لم يكن محمد أوزين وزيرنا في الشباب والرياضة حاضرا في المنصة الرسمية، بل كان يتابع المباراة من صالون بيته، بعيدا عن صخب «نفار» جنوب إفريقي يدعى الفوفوزيلا. فقد غادر الرجل دوربان ساعات بعد أن نطحنا الرأس الأخضر، واكتفى بالدعاء للفريق الوطني بحسن الخاتمة في صفحته على موقع الفايسبوك. تعادل المنتخب المغربي مع نظيره الجنوب إفريقي، واعتقد ملك الزولو أن مباراة الكرة انتهت بلا غالب ولا مغلوب، قبل أن يقول له مستشاروه إن التعادل «فيه وفيه»، حينها ردد كلمات بلغة الزولو صفق لها الحاضرون طويلا وكأن الرجل سجل هدف الانتصار. باستثناء التهامي لكلاوي القائم بأعمال سفارة المغرب في جنوب إفريقيا، فإن الحضور السياسي كان غائبا في دوربان، خاصة في مباراة جمعتنا بالراعي الرسمي لأطروحة الانفصال الصحراوي، والمستشهر الرئيسي لشلة البوليساريو، فيما سجل حضور مجموعة من الطلبة الصحراويين الذين يتابعون دراستهم في بريتوريا والذين شجعوا منتخب المغرب بأضعف الإيمان. قال طالب صحراوي، كان يتناول وجبة سريعة في مقصف ملعب موزيس مابيدا، إنه قطع مئات الكيلومترات لمساندة المنتخب المغربي، وأكد أنه من أصول قريبة من سيدي قاسم، رغم أنه ظل مناصرا للمنتخب الجزائري في مدينة روستنبورغ قبل أن يقصى ويخرج صاغرا من المنافسات. قلت لصاحبي، ما دمت من مدينة سيدي قاسم فمن واجبك تشجيع المنتخب المغربي، لأن مدربه رشيد الطوسي يقتسم معك الأصول العقارية لمدينة «بتي جان»،، ردد كلمة والله، ثم اختفى وسط الأمواج البشرية وهو يحول كتيب الدورة إلى مروحية، في عز المطر. في سنة 2004 سحبت الحكومة المغربية سفيرها في بريتوريا، بعد اعتراف جنوب إفريقيا بالكيان الصحراوي، وقال بلاغ الخارجية إن السفير المغربي قد دعي على عجل للالتحاق بالرباط قصد التشاور، دام التشاور ثمان ساعات بالتمام والكمال، في هذه الفترة انسابت مياه غزيرة من تحت جسر العلاقات المغربية الجنوب إفريقية، تنافس البلدان على تنظيم كأس العالم 2010، وحل بالمغرب ذات صباح وفد من بلد مانديلا يدعو سعد الكتاني الرئيس المنتدب لجمعية مغرب 2010 لسحب الترشيح المغربي مع استعداد لطي صفحة الخلاف السياسي، لكن المغاربة رفضوا العرض وراهنوا على الفوز في ملاعب الكرة والسياسة، قبل أن نمنى بهزيمة أخرى ونكتشف أن هوة الخلاف قد اتسعت على نحو كبير. لم ينس جوردان رئيس اللجنة المنظمة لمونديال 2010 صفعة المغاربة، وقرر الانتقام سياسيا، حين أصر على توجيه الدعوة لرئيس الكيان الصحراوي المزعوم لحضور حفل الافتتاح، فاتحا صفحة جديدة في سجل معارك داحس والغبراء بين بريتوريا والرباط. يقول صحفي جنوب إفريقي، تخصص طيلة وجود المنتخب في بلد البافانا بافانا في استفزاز الناخب الوطني رشيد الطوسي، حين يسأله في كل لقاء إعلامي عن سر إقصاء تاعرابت وكأنه صهره، «لقد قطعتم العلاقات الديبلوماسية معنا لأننا اعترفنا ببلد يسعى إلى تقرير مصيره، لكنكم لم تسحبوا سفيركم من الجزائر التي تقولون إنها تدبر خيوط اللعبة». حين ستؤمن الحكومة المغربية بدور الرياضة، وتراهن على الكرة لإصلاح ما أفسدته السياسة، حينها سيصبح سعد الدين العثماني رئيسا للبعثة المغربية في كل التظاهرات القارية، وتتحول منصات الملاعب إلى صيغة أخرى لمفاوضات مانهاست.