يرتبط بناء مدينة مراكش بشخصية فذة بصمت التاريخ واستطاعت أن توحد المغرب بكل أطيافه القبلية خلال القرن الخامس الهجري، بل والتوسع من كل الجهات بحيث أصبح المغرب في عهده امبراطورية كبرى يضرب لها ألف حساب، انه القائد الأمازيغي الكبير يوسف بن تاشفين الذي تميز عهده بعبور جبل طارق و ضم الاندلس الى أقوى دولة مغربية عبر العصور. رغم الوزن الكبير والشخصية الفذة لهذا القائد التاريخي، ترقد رفاته اليوم في ضريح أقل ما يمكن أن يوصف به كونه مهزلة القدر بامتياز، ضريح يشبه الى حد كبير أضرحة أناس لا يتجاوز صيتهم حدود دواويرهم الصغيرة أو زواياهم الضيقة.انها أبشع صور تنكر شعب لتاريخه ولأحد أبنائه البررة، وتجاهل غير مبرر لشخصية طبعت تاريخ أمة بأكملها. شخصية تستحق أن تكرم وتشرف من خلال مقام محترم يليق بما أسداه هذا الزعيم للمغرب، مقام يغري جيل اليوم بزيارته وتستفز فضوله قصد الوقوف على الانجازات التي يستحيل أن تتكرر في زمن كالذي نعيشه. ان رد الاعتبار للأعلام المغربية التاريخية في نظرنا أولى خطوات المصالحة مع الذات، فلا يعقل أن توضع رفات "امبراطور" من وزن يوسف بن تاشفين في "غرفة" لاتتجاوز بضعة أمتار مربعة على قارعة الطريق، في بناء يوحي أن الأمر يتعلق ب"شيخ" لا يتعدى عدد مريديه الألف. إن مدينة مراكش بمكانتها التاريخية وحركيتها السياحية تفرض على المسؤولين هناك التفكير في إنصاف الذاكرة الجماعية للمغاربة وتاريخ مراكش المجيد عبر تشييد مقام يليق بمكانة هذا الزعيم التاريخي الذي تناولته كل الكتابات التاريخية بالإعجاب والتقدير، مقام يلفت انتباه الوافدين على المدينة الحمراء من الداخل والخارج ويغذي فيهم فضول الاكتشاف والبحث للوقوف على الأمجاد التاريخية لبلادنا.