رغما عن تواجده على بعد أمتار قلائل من صومعة الكتبيّة ومسجدها الشهير، إلاّ أنّ ضريح الأمير يوسف ابن تاشفين، مؤسّس الدولة المرابطيّة وواضع أولى اللبنات لمرّاكش، يبقى غير معروف لعموم قاصدي المدينة.. بل حتّى شريحة من المرّاكشيّين لا يمكنها تحديد موقعه بدقّة، مثلهم مثل دلائل وخرائط السياحة الخاصة بالمدينة الحمراء. وسط موقف لعربات النقل المزدوج وسيّارات الأجرة الكبيرة يتواجد باب مقام ابن تاشفين اليوم، فيما صراخ "الكُورْتِيّة" وعبارات الشحّاذين يمكن سماعها بوضوح حين الوقوف بجوار مرقد كبير المرابطِين.. تماما كما تُسمع أصوات منبّهات العربات المارقة وحوافر الخيول الجارّة ل "الكُوتْشِيهَات". الشرقاوي رشيدة، ذات ال52 عاماً والأمّ لطفل وحيد، هي من تتحمّل اليوم مسؤوليّة خدمة "أمير المسلمِين" يوسف ابن تاشفين.. وارثة عن جدّها محمّد علي أوحدّو وأمّها فاطمة أدوار مقترنة بالتنظيف والوقوف في وجه المحاولين المسّ بحرمة الضريح. "هنا ترعرت وسط أسرة تخدم ضريح مولاي يوسف منذ ستّينيات القرن الماضي، وقد روى لي جدّي تفاصيل الحدث التّاريخيّ المتمثّل في زيارة السلطان محمّد الخامس لهذا المقام، وذلك مدوّن بالسقف الخشبيّ لهذا المكان الذي أضحى يعاني إهمالا تامّا" تورد عائشة وهي جالسة بجوار مدفن ابن تاشفين. ضريح مؤسّس الدولة المرابطيّة، وهو الكائن بقلب عاصمتها مرّاكش، لا يتوفّر اليوم على أي تموين بالماء الشروب أو الكهرباء، ولأنّ المصائب لا تأتي فرادى فإنّ صيانة ذات المكان لا تقترن إلاّ بالقاصدين القلائل لفضائه وجودهم الذي لا يتعدّى دريهمات معدودات.. "هي حالة بسيطة قد تكون متّصلة بحكمة ربّانية تواكب الزهد الذي طبع حياة الرّجل" تضيف "خادمة يوسف ابن تاشفين" لهسبريس. ولا تخفي عائشة الشرقاوي يأسها من انتظار عناية أي "مؤسّسة رسميّة" بالمقام الذي تخدمه، مؤكّدة أنّ الأمل الوحيد يقترن بالملك محمّد السادس.. موردة بأنّها لا تتردّد في المرابطة بضريح "أمير المرابطين" طيلة أي فترة تعلم خلالها بانتقال الملك للتواجد بعاصمة النخيل، وكاشفة رغبتها في الحديث للملك محمد السادس بشأن الوضع المزري الخاص بمرقد ابن تاشفين ووضعها الشخصيّ أيضا.