القليعة ، هاد الكلمة العجيبة والغريبة ، واللي ليها مدلولات كثيرة وبلا مندخلو في تفاصيل مفهومها الحقيقي ، ولكن بالحق هي اسم منطقة كتعرف كثافة سكانية كبيرة ، ترقات في الأخير من جماعة باش تولي بلدية ، قريبة من ايت ملول تمر منها طريق رئيسية تربط اكادير باشتوكة ، كانت في القدم مزارع وحقول كبيرة وتعطي الخير العميم لاهلها وزوارها ، اناسها الأصليين الطيبين حافظوا على تقاليدهم وعاداتهم ، بكرمهم وحبهم للخير اعطى للمنطقة هبة وقيمة ، وزادها داك المنبع وديك العين اللي كانت وجهة زوار من كل مدينة ، عين ماءها جاري يشفي من أمراض وتشهرات في كل جهة ، زاروها ناس وسواح وتعرفات من خلال صكوكها وصورها ،في كل خريطة بصمت مكانتها بمداد ظاهر وباين ، شحال من افراح وأعراس عرفتها البلدة العجيبة ، حفلات وأنشطة عشناها وخصوصا أيام عيد العرش والمواسم لكتقام في الناحية ، الخمايس وبنعنفر والعزيب والقليعة القديمة ،أناسها يتسابقوا في كل محفل باش يبرهنوا حبهم وتقلدهم للعرش ديمة ، صنعوا ملاحم في التمثيل والموسيقى ، ويكرموا الزوار بالرحب في ديورهم بلا تنفيقة ملا قينهم بالحباق والورد ومسك الريحان والمرشة الاصيلة ، وفي اسايس كل حي تلقى منصات مزوقة بالألوان ومزركشة بالورود ومغطية بجريد النخل اللي يدل على السلم والسكينة ، صور ملكنا العزيز ملصقة في كل حيط ، وراية المغرب ترفرف على كل دار عربون محبة والتعلق بالعرش العلوي المجيد… في كل شهر يتقام معروف في مسجد ، المعروف الي منو ياكل الغادي والبادي ، تدبح فيه الابقار وتتفصل قراعي ، وتتفرق على منازل وتترسل في المساء للمساجد باش يتقوتوا طلاب العلم والحاضرين مع الطيب والريحان والمسك الصافي ، يتنعموا باستماع قراءة القران ويتلذذوا بالامداح النبوية ، يتكرموا فيها أهل العلم ويتجازا كل حافظ القران ،و يتعاونوا بجمع الهبات باش يرضوا الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام ، وفي الختام ترفع الكفوف للمتعال بالدعاء وطلب المغفرة والأجر والتواب ، وينعم الله عليهم بالسكينة … كانت السنوات تمر كلها خير في خير الأراضي نتجت واعطات خيرها والسماء ما تقطع خيوط من الغيث اللي ارادو مولانا ، المراعي الخضراء واجنانات اللي عامرا بحشايش وورد وكرم وتفاح ورمان ، وكل جردة تحفر بيها بير كاعوا ما هو بعيد ووافر عيون تبان من سطحو ، تسمع خرير العيون تتسيل باش تزود البير ماء كيف ديما ، “تسيلا” و “الوكاف” و”الناعورة المعلومة” ، ما يتوقفوا بالتحراك ويعمروا الشوارج بالسيل واخا تعبت البهيمة يعوضوها بجهدهم اللي كلو نية ، المياه تدفق مياهها عبر سواقي وخطارات ، تلقى الماء يجاري وصفاه يوري الوجه باين وواضح ، ويتربط في اوزونات وريبوات لي فيها شجاري ونباتي وزراعات ، بعد ما دعموها بتسميدها بامازير غنمهم اللي تركتوا بعدما خرجت لمراعي الغابات، كانوا يشاركوا فيما بينهم بالتويزة بها زرعوا وبها حصدوا وبها دراوا نوادر ، وبتوالا تناوبوا على رعي الاغنام والابقار … والنساء تشارك الرجال في كل عمل في حلب الغنم وترح الماكل … كانت النساء نية وحدة ومن عاداتها كلشي باين ، وفي تاغنجا تلقاهم مجموعين على لمة ، ملبسين مرغاية كسوة تلالي ويقلدوها حلي ومجوهرات ، وتبان من بعيد كانها عروسة ، والاطفال يحوموا عيلهم ويقولوا : “تاغنجا الا يلا يا ربي تجيب السحاب ، تجيب السحاب بلا كلا “… اخلاق اهلها مسك ونبلهم ما يتوصف بقيمة ،الى عاهدوك اوفاو وفي اللمة ديمة عون وسكينة ، متمسكين بارضهم وما يسمحوا في شبر منو واخا توزن ذهب وعليها يموتوا وهادي هي الشيمة ، ربطوا علاقات مع كسيمة واشتوكة ومسكينة ، وتقربوا لدوار اكمرات وادوز واخربان وشاركوا معاهم الحلوة والمرة ، تبادلوا علم الفلاحة وشاركوا في شركات نتجات واعطات للبعد قيمة …. جيل الرعيل الاول منهم ابقى منهم القليل والله ينفعنا ببراكتهم تنعيمة ، لانهم شرفاء اصحاب بركات وكرمات والثاليين تبتوا الصحيح وشهدوا على الكلام الي تقال والي كان لوا مقال ومقال ، وقالوه في شحال من مقام… وفي اخير هاد الايام تقلبت الاية وتبدلت الترنيمة ، تباعت الاراضي اشبار وتفصلت بقع وتفوتات بلا قيمة ، واعرفات نزوح اناس اللي رحلوا من مناطقهم الي اصابها جفاف وعجاف ، باش يصنعوا قبر الحياة بهاد البلدة اللي سمحوا فيها الاحفاد … ما بقات لا جردة ولا بحيرة ، لا اكناري ولا كرمة ، كلشي تقلع من جدوروا باش يتبنى في بلاصتوا صندوق من البريك ، اعوج من بنيانوا باين ، لا بني زين ولا اساس ، طرقان كلها عيوب ، ما يمر فيها راكب حصان ولا سايق كروسة ، الماء الموسخ جاري في الطرقان ومزنفر الجو ويمرض كل ماشي سقمان ، لا ضو بمصابحو شعلان ، ولاماء حلو للشرب صالح يتقطع في الصنبور انقاط ويترك اهل الدار في عطش دايم لا هم ترواوا ولا غسلوا حاجة بالماء الدافق … جمعيات المزودة الماء اصابها شنآن وولات في المهمة الصعبة تترنح ، من كثرة البنيان تزاد الطلب الولهان ،الكل اصبح حيران من هاد العجب العجاب والي جا كالطوفان … ترقات المنطقة لبلدية باش تتعلا شانها وتولي اكبر جماعة حضرية ، رقموها لاكبر تجمع سكاني في المغرب العرابي ، وجل اهلها في الويل عايشين لاسكنة لا خدمة زينة ، لا اهل البلاد القدماء استاطعوا باش يخرجوها من الويلات والا حتى اللي سكنوا وتمكنوا فيها ،كلهم ما قدروا يجددوا فيها تعويدة كلاسلاف اللي راحو مند ازمنة … سوقها لا هو سوق لا حلقة زينة ، شي ناشر هنا شي بالتقليقة نايض ، كرارس وطاولات لا هي مصفوفة ولا حاجة تظهر وتكون ليها قيمة ، اكوام من السلعة القديمة منشرة فكل تركينة ، طاولات اهل السمك والحوت تحوم عليهم الحشرات من الفوق وتحت اقدامهم ماء خانز وانتاف الحوت الطالح … المهم حاشا اقولوا انو سوق ولا مواصفات تنعي اخباروا … الطرقان محفرة بلا قياس ويا ويل السيارة اللي مارة وبالسرعة تنساق ، متواها انكسار وشضية من حجرة في اردافها تتوالى ومنها تتفصل اسواف، ويزيدها الزين الغبار العباب ويغطي كل منفد وجاج … الى كنت شاد الطريق الرئيسية وبسيارتك تكايس شوية وفي سرعتك لا تعاند ، لانك لاقي الزحمة من الدخلة الى الخرجة ، ورد بالك لا تصدم الناس ولا تخرج في شي واحد طالع ليه الراس ، كم من واحد بالسرعة مات ، وكم من واحد بالصدمة دخل للمستشفى وهو ما هو فايق … كثرة الجرايم وهذا تقتل اهنا وهذا هناك ، هذا تعرضو ليه وذاك ضربوه بجرح غاير … لا امن ولا امان الكل في الرعب عايش ، تحركوا جمعيات وحقوقيين مطالبين المسئولين بالتدخل في الحين ، رغم المركز الوحيد اللي ايحاميهم عداد خداموا قلال ما يكفوا جمهور كثير … المهم وينكم يا الاولين يا اللي كانوا في السابق عايشين وفي الخير نعموا بالنعيم ، فينكم تشوفوا هاد التغيير اللي خلا الامكان تتصاب وتتنعى باللي كان عنها بعيد … نتمناوا ترجع السكينة لهاد البلاد اللي بصمته تواريخ واعطات ابطال وابطال … ونتمناوا التغيير اللي يخرج هاد المنطقة من ما أصا تتهنا ها العباد…