أقران يبلغون من العمر ست سنوات قادهم شغبهم الطفولي إلى إزهاق روح صديقهم فوجئ مواطنون يوم الأربعاء الماضي بالهراويين في البيضاء بوجود طفل يبلغ من العمر ست سنوات معلقا بشجرة قصيرة وقد فارق الحياة، في صورة شبيهة بعملية انتحار. وأفادت مصادر الصباح أنه تم إبلاغ عناصر الدرك الملكي التي حلت بالمكان، وقامت بتمشيط مسرح الجريمة، كما عاينت جثة الطفل التي كانت عليها علامات الانتحار، وعاينت أيضا الحبل الذي استعمل في العملية. ولم تدم الشكوك طويلا حول دوافع الانتحار أو ما إن كان جريمة قتل عمد منفذها إلى التمويه بتعليق الجثة على الشجرة، إذ حسم الطب الشرعي في مسرح الجريمة بأن الأمر يتعلق بانتحار فعلا، بناء على التقرير الأولي المستنتج من المعاينة. وانطلقت أبحاث الدرك الملكي تسير في اتجاه تحديد أسباب الانتحار، إذ استمعت إلى وليي أمر الطفل، كما استمعت إلى بعض الشهود، وأفادوا أن الطفل كان يلعب مع قرينين له يبلغان من العمر ست سنوات. وبالاستماع إلى الطفلين بحضور وليي أمرهما، كانت المفاجأة التي أحزنت الجميع. إذ بينت الأبحاث أن الثلاثة كانوا يلعبون، واختاروا أن يقوموا بلعبة يطلقون عليها المحكمة، إذ يحل كل واحد منهم محل المتهم فيما الآخران يلعبان دور القاضي. وتناوب الثلاثة على تقمص الأدوار إلى أن جاء دور الضحية. وأوردت المصادر ذاتها أن لعبة المحكمة تنزل عقوبات على "المتهم" ينبغي عليه تنفيذها لتكتمل اللعبة، وتتوزع تلك العقوبات حسب ما تصل إليه تصورات الأطفال، بين الجري مسافة تحددها المحكمة أو الإتيان بالأكل من المنزل، وغير ذلك من الأحكام الطفولية، في جو تنافسي يتسم بالتحدي وتنفيذ الحكم بتلقائية وبدون عجز أو كلل. وزادت المصادر عينها أن الطفلين اللذين جاءهما دور إصدار الحكم، استشارا في ما بينهما وأقنعا نفسيهما بأن الحكم الذي سينزلانه ب "المتهم" هو الإعدام، فقبل الضحية بشغب طفولي قرار المحكمة واستجاب لما قضت به، فسار الأطفال الثلاثة في البحث عن الوسيلة التي ينفذون بها الحكم، مقلدين ما يسمعونه أو يشاهدونه، فاختاروا شجرة قصيرة وجلبوا حبلا وشرعوا في نصب المشنقة، وما إن وضعاها للطفل في عنقه وانزلق في منحدر حتى اختنق واحمر وجهه، وأمام هول المشهد لاذا بالفرار تاركينه يواجه مصيره المحتوم. وأكملت عناصر الدرك الملكي الاستماع إلى الطفلين بحضور وليي أمرهما، قبل أن تحيل أوراق القضية ومعها الطفلان رفقة والديهما يوم الجمعة الماضي على النيابة العامة التي أمرت بالإفراج عنهما وفق ما تقتضيه المساطر المعمول بها، إذ أن الأمر يتعلق بلعب أطفال، خال من أي تحريض أو نزاع، كما عهد بهما إلى والديهما لمراقبتهما. وختمت مصادر الصباح أن الأطفال يقلدون كل ما يشاهدونه، إذ تنبغي مراقبتهم وتوجيههم وعدم السماح لهم بمشاهدة الأفلام والأشرطة العنيفة واحترام المنع الذي تبثه القنوات والذي يستهدف الفئات العمرية الصغيرة لما له من انعكاسات سلبية على مخيلة الطفل.