تنامت في إقليمتزنيت، في الآونة الأخيرة، ظاهرة الاحتجاجات الاجتماعية التي اكتست في غالبها بعدا مطلبيا، وركزت معظمها على المطالبة بضرورة معالجة الأوضاع المعيشية ومحاربة الفساد المستشري في عدد من القطاعات الحكومية التي تستقطب عددا أكبر من سكان المنطقة. وعلى عكس السنوات الماضية، لم يَنعَم المسؤولون المحليون والإقليميون ب«الراحة» التي «ألِفها» أسلافهم في الإقليم، خاصة أن العديد منهم يأتي إلى المنطقة مسبوقا بصورة نمطية تفيد بضعف النفَس الاحتجاجي لدى ساكنة المنطقة وميلهم إلى التهدئة والصبر، إلا أن الحركات الاحتجاجية التي طفت على السطح مؤخرا كسرت حاجز الصمت وقَلَبَتْ -رأسا على عقب- الصورة النمطية التي كَوّنَها المسؤولون الذين تعاقبوا على تسيير شؤون الإقليم، فالاحتجاجات الأخيرة انتقلت من مرحلة المطالب الفئوية والحزبية الضيقة، إلى مرحلة أكثر حيوية تعتمد على التنسيق بين مكونات المجتمع المختلفة. تمكنت مدينة تزنيت من الحصول مؤخرا على صفة «مدينة الفضة»، في إطار صراعها المحموم مع مدينة الصويرة، التي دافعت كثيرا عن أحقيتها في الحصول على هذه الصفة وحاولت انتزاعها من المنطقة، التي عُرِفت بمادتها الخام وبكثرة الصناع التقليديين المشتغلين في المجال، لكن اللجنة الوطنية المكلفة بتتبع الملف قررت منح صفة «مدينة الفضة» في نهاية المطاف لتزنيت، على اعتبار أن الاحتفاء بهذا المنتوج التقليدي يجب أن يتوجه أساسا لمبدعي التحف التقليدية من الصاغة المعتمَدين وليس للباعة الذين يكتفون فقط بالمتاجرة في التحف الفنية وبيعها في عدد من مدن المملكة، وهو ما جعل القائمين على الشأن المحلي في بلدية تزنيت يأخذون زمام المبادرة ويحتفون بالفضة في مهرجانها الأول، بغية المساهمة في تثمين المنتوج المحلي وتحسين أوضاع المشتغلين في الميدان. إلا أنه، ورغم المحاولات المبذولة لإشراك جميع الحرفيين في إبراز هذا المنتوج التقليدي في المهرجان الذي احتضنته المدينة صيف العام الماضي، فإن عددا من هؤلاء فضلوا المكوث في ورشاتهم المنزلية، رافضين ما أسموه «تزيينا لواجهة المدينة على حساب أوضاع الحرفيين الذين يحرقون زهرة شبابهم في سبيل إبداع تحف فنية تسر الناظرين وتأسر فؤاد الوافدين على المدينة من مختلف الأصناف والأعمار». وفي سياق متصل، طالب الحرفيون بالضرب على أيدي من أسموهم «محتكري المادة الخام والمتطفلين على الحرفة»، كما طالبوا بالإسراع في إعادة النظر في «تنظيم مجمع الصناعة التقليدية وتمكين الحرفيين الحقيقيين من الاستفادة من المحلات والورشات»، لتفادي «العمل في البيوت في ظروف غير لائقة». كما شدّد الحرفيون على ضرورة وقف ما أسموه «التلاعب» بإصدار وتوزيع بطائق الصانع التقليدي وعلى ضرورة «وضع آلية فعالة لمراقبة نقطة بيع الفضة الخام في الإقليم، بما يضمن منع المضاربات، وبحماية السلع المحلية من المنافسة غير الشريفة التي تخلقها السلع المهربة رخيصة الثمن»، مؤكدين على ضرورة التفكير في سبل جادة لمنع بعض الجهات الأجنبية من استغلال إبداعاتهم وعرق جبينهم عبر توظيف التقنية العصرية في استنساخ عدد كبير من التحف الفنية الأصيلة، ومشيرين إلى أنهم يخشون من التأثيرات السلبية ل«الفوضى والتسيب» اللذين يعمان القطاع على حساب سمعة «مدينة الفضة»، خاصة أن هذه السمعة تعتبر -في نظرهم- عامل جذب للسياح المغاربة والأجانب ومصدر دخل هام لشريحة واسعة تقدر بالمئات من الصناع والحرفيين في إقليمتزنيت. كما اشتكى الحرفيون من «غلاء المادة الخام ومن فقدانها في بعض الأحيان في الأسواق المحلية»، وطالبوا بإعادة هيكلة القطاع، بالشكل الذي يرد الاعتبار إلى الصانع التقليدي ويفرض وضع الأختام (الدمغة) القانونية على المنتوجات المحلية لحمايتها من القرصنة والتذويب، وتأسفوا لامتلاء «السوق المحلية بالفضة المختلطة بالنحاس»، وقالوا إن التذويب يطال عددا كبيرا من التحف الفنية القديمة وإن الصانع التقليدي يؤدي للتاجر مبلغ درهم واحد لغرام من الفضة، فيما يتحمل الصائغ، في نفس الوقت، جميع الكسور والخسائر الأخرى المحتمَلة، دون احتساب مصاريف الآلات والغذاء والدواء والكراء والماء والكهرباء وغيرها. التلوث على أبواب المدينة بدأ الحديث في جماعة «ويجان»، التابعة للنفوذ الترابي لعمالة تزنيت، عن قرب انطلاق أشغال إنشاء محطة حرارية بالفيول، بعد رفضها من طرف سكان أيت ملول في أكادير، بسبب ما ستسببه لهم من أضرار بيئية وصفوها ب»الخطيرة»، ورغم أن السلطات الإقليمية والمحلية في تزنيت حاولت تقديم جملة من التطمينات لسكان المنطقة ولمنتخبيها وركزت على المقاربة التنموية ومنطق المكتسبات العينية التي سيجنيها السكان من وراء السماح بإنشاء هذه المحطة التي تصل طاقتها الإنتاجية إلى 75 «ميغا وات» على أراضيهم، فإن مخاوف عديدة بدأت تتسرب إلى نفوس بعض فعاليات المنطقة، خاصة بعد أن تناهى إلى علمها أن المخاطر التي ستترتب عن إنشاء مشروع طاقي من هذا الحجم تتلخص في التأثيرات السلبية على البيئة والصحة، كالضجيج والاهتزازات والانبعاثات الغازية الملوثة وغيرها. وعلمت «المساء» أن الجماعة القروية بصدد وضع اللمسات الأخيرة على المشروع، بتنسيق مع الإدارة المركزية للمكتب الوطني للكهرباء وعمالة الإقليم، لكن المخاوف المطروحة ما تزال في حاجة إلى ضمانات قوية تضع حدا للأقوال التي تفيد أن التبعات البيئية للمشروع لا تبشر بخير، وهو ما يفرض تعميق آليات التواصل مع الساكنة المعنية، لتفادي أي تطورات مقبلة. وفي موضوع ذي صلة بالتلوث الذي يعاني منه سكان المنطقة، يشتكي قاطنو عدة تجزئات سكنية تتواجد في الجهة الشرقية لمدينة تزنيت، من الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح البلدي، القريب من محلات سكناهم، والتي «تهجم» على مقرات سكناهم وتمنعهم من الاستمتاع بالهواء النقي ومن فتح النوافذ، علاوة على إصابة العديد منهم بالأمراض التنفسية، نتيجة الانتشار المستمر للدخان والذباب والبعوض في الأحياء المتضررة. وقال السكان إنهم يعانون كثيرا من «جراء الغازات السامة المنبعثة من المطرح، خصوصا في الآونة الأخيرة»، مضيفين أن «معاناتهم تزداد أكثر عندما ينتشر الدخان بكثافة»، خاصة أن العديد منهم أصيبوا بأمراض الربو، كما يخشون على الأطفال الصغار وعلى النساء الحوامل من الآثار السلبية لهذا المطرح»، وطالبوا بوضع حد لمعاناتهم اليومية وتحويل المطرح، الذي أُحدِث منذ سنة 1990، إلى منطقة أخرى غير مأهولة وبعيدة عن السكان، كما اشتكوا من عمليات الإحراق المستمر للأزبال وطالبوا باتخاذ كافة التدابير الكفيلة بحماية البيئة المحلية من التلوث، عبر تحسين الظروف الصحية للسكان والتدبير الجيد للنفايات الصلبة، كما دعوا مسؤولي المدينةوالإقليم إلى تبني معيار «الإنتاج النظيف» واحترام البيئة، عبر نقل المطرح الحالي إلى موقع آخر يمنع حصول الأضرار المذكورة. الصحة على صفيح ساخن عرف القطاع الصحي في تزنيت، خلال الأيام الأخيرة، حراكا منقطع النظير، بعد تأسيس تنسيقية محلية للدفاع عن الخدمات الصحية في المستشفى الإقليمي وتنظيم هذه الأخيرة وقفتين احتجاجيتين أمام البوابة الرئيسية للمركز الاستشفائي، تلتهما عدة لقاءات مع المسؤولين المعنيين في الإقليم والجهة، بغية الحد من تبعات هذا الحراك الشعبي وإيجاد حل لمطالبهم المُضمَّنة في المذكرة المطلبية التي قدموها أمام لجنة الحوار الإقليمية، كما تدارس أعضاء المجلس البلدي، في دورتهم الأخيرة، وضعية القطاع الصحي في المدينة وخلُصوا إلى ضرورة الالتفات إلى صوت المحتجين والعناية بمطالبهم، كما شددوا على ضرورة تأهيل مركز الأمراض الصدرية «حمان الفطواكي»، الذي تآكلت بنايته بشكل كبير، وعلى توفير كافة التجهيزات الطبية الناقصة في مختلف المؤسسات الصحية في المدينة، كما رفعوا ملتمسات إلى الجهات المختصة بخصوص تطوير ظروف استقبال المرافقين داخل المؤسسات الصحية في الاتجاه الذي يجعل الخدمات الاستشفائية في متناول الجميع، وملتمسا آخر يقضي بتمكين التلاميذ المتمدرسين من مجانية التشخيص، وطالبوا بتفعيل دور مكتب الصحة المدرسية في نيابة التعليم، كما اتفقوا على تشكيل لجنة مشترَكة بين المجلس البلدي ومندوبية الصحة، في أفق إعداد اتفاقية -إطار وتتبع تنفيذ التوصيات المنبثقة عن المجلس. كما طالب منتخَبو المدينة بضرورة خلق لبنة لتكوين الأطر الصحية في الإقليم، للمساهمة في مواكبة التطور السكاني والاتساع الجغرافي للمجال الترابي، دون إغفال الخصاص الحاصل في العلاجات الأولية، واستدلوا على ذلك بمستشفى «المرس»، الذي يوجد داخل المدينة القديمة ويعاني من نقص حاد في الأطر الطبية، نتيجة الانتقال إلى أقاليم أخرى دون تعويض الخصاص الذي يخلفونه، فمن بين 19 إطار صحيا في المستشفى ذاته، لم يبق حاليا إلا أربعة ممرضين فقط، ونفس الشيء يمكن إسقاطه على عدد من المستشفيات الصغيرة في المدينةوالإقليم. كما طالب المستشارون الجماعيون ببناء مركز ثالث لتغطية العجز المطروح في التطبيب، نتيجة الاكتظاظ الذي يعرفه المستشفى، وبالإسراع في توفير مركز متخصص في التشخيص خارج المستشفى الإقليمي وبتغطية الخصاص المسجَّل في كثير من التخصصات، من قبيل المسالك البولية وأمراض الدم والجراحة والغدد، والخصاص الحاصل في التجهيزات الطبية التي يضطر معها المرضى إلى اللجوء إلى مدن أخرى لإتمام العلاج، علاوة على ضرورة إحداث صيدلية ثانية للمداومة تفي بالحاجيات الأساسية للمواطنين، مع إيجاد آلية سليمة وتقنية للتخلص من النفايات الطبية وتزويد مصلحة حفظ الصحة في البلدية بالأطر الطبية لتفعيل آليات المراقبة وتقويتها. الغابة تحت المجهر استنكر سكان عدد من الجماعات القروية في إقليمتزنيت جميع الخطوات التي أقدمت عليها مؤخرا مصالح المياه والغابات لتحديد الأملاك العقارية دون سابق إشعار ودون اتباع المساطر القانونية المعمول بها عادة في مثل هذه الحالات، إذ عمدوا في بعض المناطق إلى تأسيس تنسيقية محلية للدفاع عن أراضي الخواص (تازروالت، إدبنيران، آيت كرمون، آيت همان...) والوقوف في وجه محاولات نزع الإدارة أراضيّ السكان المحليين، كما عمدوا في بعض المناطق الأخرى (أولاد نومر مثلا) إلى تنظيم وقفات احتجاجية لمنع عملية التحديد والوقوف في وجه مصادرة الأراضي، على حد تعبيرهم. وقال المحتجون إن الأراضي المعنية بالتحديد والتحفيظ «لم تكن في يوم من الأيام أرضا خلاء بدون مالك، وأصحابها يتوفرون على رسوم ومستندات، تثبت ملكيتهم لها، تعود إلى مئات السنين»، وهي وثائق -يقول المعنيون- سابقة على ظهائر 1916 و1917 و1925 الاستعمارية، مشيرين إلى أن عدم تسجيل السكان أراضيَّهم في سجلات المحافظة العقارية لا يبرر نزعها من قبل الدولة، على اعتبار أن عملية تحفيظ هذه الأملاك تتطلب مَبالغ مالية كبيرة لا طاقة للسكان بها، في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمناخية التي يعيشون فيها، والتي دفعت الكثيرين منهم إلى الهجرة، بحثا عن حياة أفضل. كما راسل المعنيون عدة جهات إدارية وعبروا لها عن استنكارهم ما أسموه -في البيانات التي أصدروها عقب كل تحرك اجتماعي حول هذا الملف- «سياسة التضليل والتعتيم التي مارستها عليهم المصالح الإدارية»، كما استغربوا عدم احترام اللجن المكلفة بالتحديد لمسطرة التحفيظ القانونية، والتي تقضي بإخبار السكان في آجال معقولة ودراسة كافة التعرضات والمستندات والحجج التي تثبت ملكيتهم للأراضي المعنية بالتحديد. كما عبّر المتضررون عن إدانتهم عددا من ممثلي السكان واتهموهم بالتواطؤ مع الإدارة خلال كافة مراحل مسطرة التحديد، وبعدم إشعار السكان وإخبارهم قصد القيام بإجراءات التعرض. كما رفضوا الاستفادة من حقوق الانتفاع التي يكفلها القانون في مثل هذه الحالات، كحرث الأراضي وجني الثمار وقطع الخشب واستخراج الأتربة والرمال والأحجار، على اعتبار أن ملكية الأرض تنتقل بشكل تلقائي إلى الدولة، وبالتالي يبقى استغلالها من طرف السكان ذا طابع مؤقت ولا يحق لهم حيازتها أو التصرف فيها قانونيا بالبيع أو الشراء أو الرهن، كما أكدوا استعدادهم لخوض كافة الأشكال النضالية التي يكفلها القانون، كمراسلة المنظمات الحقوقية وإشراك وسائل الإعلام وإصدار بيانات وتنظيم وقفات ومسيرات وكذا اللجوء إلى القضاء في حالة الضرورة. ولم تقتصر الإشكالات التي تعانيها المجالات الغابوية في تزنيت على مشكلة التحديد الغابوي، بل تجاوزتها إلى إشكالات بنيوية تهدد مستقبل الغابات المتواجدة في المنطقة برمتها، حيث أقر تقرير صادر عن المديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر في تزنيت بوجود عدة مشاكل تواجه الغابات المنتشرة في الإقليم على مساحة 135 هكتارا، وعلى رأسها ما يتعلق بالتأثيرات السلبية للمناخ السائد في المنطقة منذ عشرين سنة على أشجار «الأركان» وعلى الطبقات النباتية التحتية وانعدام الإحياء الطبيعي الناتج عن الجمع المباشر للثمار من طرف السكان ومستغلي المجال الغابوي، علاوة على التأثيرات السلبية للرعي «الجائر»، الذي يستنزف غابات «الأركان» على وجه الخصوص، بحكم القرب الجغرافي من الأقاليم الجنوبية والتوافد الكثيف للرعاة الرحل على غابات المنطقة (رسموكة وأكلو نموذجا)، زيادة على الاجتثاث والترامي على الأملاك الغابوية بشكل يؤدي إلى التقليص من مساحاتها والتأثير على التوازن الطبيعي للبيئة داخل المجال الغابوي، كما تعاني الغابة في الإقليم -حسب التقرير- من ليونة التشريع الخاص بغابة «الأركان»، وهو التشريع الذي يقر للسكان بسبعة حقوق فقط خاصة بالانتفاع، كما تعاني الغابة من ترامي بعض الخواص على دائرة المساحات الزراعية والتجمعات السكنية داخل الغطاء الغابوي، علاوة على الانتشار الملفت لبعض الحشرات «المدمّرة» وازدياد عدد المساحات الغابوية المحترقة بفعل الطبيعة أو بفعل أعمال التخريب المتعمَّدة. الماء عصب الاحتجاج لم تشفع الروايات الشفوية وحكايات الآباء والأجداد عن قِدم العين المائية الخاصة ببلدة «تزونت» في جماعة «أفلا إغير» في الحد من تجفيف منابع الفرشة المائية، كما لم يشفع عمرها الذي يمتد إلى مئات السنين في الحد من نضوبها وتحويل المنطقة، بين عشية وضحاها، إلى منطقة «منكوبة» أججت غضب السكان وأخرجتهم إلى الشارع، للتعبير عن استيائهم الشديد مما آلت إليه أوضاع قريتهم، بعد حفر أكبر شركة للذهب في المنطقة خمسة ثقوب مائية كبيرة تسببت في هلاك الأشجار وخلقت أزمة مائية لم تعرف المنطقة مثيلا لها منذ ما يزيد على 10 قرون، كما تأثرت حوالي 150 أسرة بالنتائج الكارثية لهذا التحول الخطير، فهاجر معظمها إلى مدن المملكة المختلفة، فيما ظل البعض الآخر يقاوم قسوة الوضع الطبيعي ويحافظ على ما تبقى من ذكريات أسالت دموع الصغير قبل الكبير. ورغم أن الشركة المنجمية ظلت تنفي مسؤوليتها المباشرة عن تجفيف منابع المنطقة، فإن المتضررين يؤكدون أن ما قامت به هذه الأخيرة تسبب في «كارثة بيئية» في واحة «تزونت» وأدى إلى هلاك بساتينها الخضراء وأشجارها المثمرة، كالنخيل واللوز والزيت وغيرها، وقضت على حوالي 50 ألف شجرة من أشجار اللوز وعلى جميع أشجار التين والزيتون وعلى ما يقرب من نصف أشجار النخيل التي يقدرون عددها بحوالي 40 ألف شجرة... كما تسببت الكارثة البيئية في رحيل أكثر من نصف القاطنين في القرية، بحثا عن بدائل أخرى للعيش في مدن أخرى، بل إن شبح العطش عاد ليهدد استقرار ما تبقى منهم وعادت إلى الواجهة الوعود الرسمية بحل المشكل، لكن المحتجين رفضوا، بشكل مطلق، جميع الحلول، التي وصفوها ب«الترقيعية»، وشددوا على ضرورة التوقف الفوري للشركة عن سحب المياه من الآبار التي حفرتها وأدت إلى تضرر الواحة ونضوب عينها المائية بشكل غير مسبوق. كما ناشدوا من أسموهم «أصحاب الضمائر الحية»، من الجمعيات التي تهتم بالبيئة والجمعيات الحقوقية والأحزاب السياسية، أن يتضامنوا معهم ويبذلوا أقصى ما يستطيعون من جهد لرفع الظلم والحيف الذي نالهم، مؤكدين عزمهم على تنظيم اعتصام أمام عمالة الإقليم وقافلة حقوقية إلى عين المكان في غضون شهر أبريل المقبل. كما أكدوا أنهم طرقوا جميع الأبواب بُغْية تحقيق مطلب العيش في أمن وسلام مائي وغدائي، وأكدوا أنهم سيلجؤون إلى القضاء للمطالبة بإيقاف سحب الماء من الآبار المذكورة وبالتعويض عن الخسائر التي لحقت واحة عمّرت لمئات السنين. المعاقون ينضمّون إلى قافلة المحتجين تظاهر عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة في تزنيت في مناسبات متفرقة وطالبوا بتحسين أوضاعهم المعيشية وبمساعدتهم على تدبير مصاريف الحياة المختلفة، كما تظاهروا احتجاجا على الأوضاع التي تعيشها أكبر جمعية للمعاقين في الإقليم، فمجموعة «أفوس غوفوس»، المنشقة عن جمعية «تحدي الإعاقة»، عبّرت في بيانات عديدة عن غضبها الشديد من طريقة تدبير الشأن الداخلي للجمعية التي ينضوون تحت لوائها منذ سنوات، فنظموا وقفة احتجاجية أمام المقر الرسمي لجمعيتهم، كما أوصلوا قضيتهم إلى دهاليز القضاء، بعد رفضهم النتائج التي أسفر عنها الجمع العام ورفض المصادقة على التقرير المالي للمرحلة السابقة، وهو ما أيّدته المحكمة الابتدائية في حكمها الصادر قبل شهرين. كما حاول قسم آخر من ذوي الاحتياجات الخاصة تأسيس جمعية ثانية تعنى بشؤون الأشخاص المعاقين، بعد الخلافات التي ظهرت أخيرا داخل الجمعية الأم، لكن باشوية المدينة، في صيغتها القديمة، رفضت منحهم الترخيص بالتأسيس، بدعوى الاكتفاء بجمعية واحدة تعنى بشؤون المعاقين واعتبارها مخاطَبا وحيدا باسم معاقي المدينةوالإقليم. وفي سياق متصل، نظمت المعاقة «ف. ب.» وقفة احتجاجية أمام مقر العمالة، طالبت فيها بتحويل رخصة نقل سيارة الأجرة التي حصلت عليها في وقت سابق إلى بطاقة إنعاش، وقالت -في بيان موقع باسمها- إنها توصلت من عامل الإقليم برخصة نقل، تنطلق من جماعة «إمي نفاست»، سبق لها أن قامت بكرائها بمبلغ ضئيل جدا، لا يكفي لسد حاجياتها اليومية، ناهيك عن واجب كراء المنزل الذي تقطنه حاليا، قائلة إنها لم تستفد شيئا من تلك الرخصة وإن الهدف من «وقفتها» أمام العمالة يكمن في مطالبتها بحقها في العيش الكريم، كما احتج طالب معاق آخر في إقليمتزنيت، أمام مقر العمالة، للمطالبة بحقه في الشغل في إطار الوظيفة العمومية، حيث قرر الدخول في معركة نضالية مفتوحة على كافة الأشكال التصعيدية، قبل أن تتحاور معه السلطات المحلية، فيقرر إيقاف احتجاجه إلى إشعار آخر. المعطّلون يعودون إلى واجهة الأحداث شهدت مدينة تزنيت في الآونة الأخيرة، كذلك، عدة مظاهرات لمجموعات متفرقة من المعطلين حاملي الشهادات، قبل أن يتعزز الشارع المحلي بتأسيس مجموعة جديدة من المعطلين، تضم حوالي 60 فردا، تحت اسم «مجموعة المصير لحاملي الشواهد»، وهي مجموعة لم يسبق لها أن شاركت في الاحتجاجات التي شهدها الإقليم، قبل أن يستفيد بعض المعطلين -في أوقات متفرقة- من بعض الامتيازات الاجتماعية، من قبيل الأكشاك والبقع الشاطئية في جماعة «أكلو» ومن التوظيف في أسلاك الوظيفة العمومية. وفي بلاغها الأول، أعلنت المجموعة الجديدة عن تشبثها القوي بحق أعضائها في الإدماج المباشر والفوري في سلك التوظيف، كما أعلنت عن استعدادها الكامل لخوض كافة أشكال النضال إلى غاية تحقيق مطالبها وحمّلت كامل المسؤولية للتعامل الذي وصفته ب«اللا مسؤول» للجهات الإقليمية مع ملفها المطلبي ودعت كافة الفعاليات، السياسية والحقوقية والمدنية والجمعوية، إلى مساندتها والتضامن معها واستغربت التصريح الصادر عن الكاتب العام للعمالة، الذي أقر فيه -حسب المجموعة- بعدم وجود أي مناصب وظيفية شاغرة في إقليمتزنيت، بينما تم توظيف عدد آخر من المعطلين الوافدين من خارج الإقليم... احتلال الملك العمومي.. إشكالية قديمة جديدة طالب عدد من تجار مدينة تزنيت بإيجاد حل سريع لظاهرة «الباعة المتجولين» الذين ينتشرون في مختلف أحياء المدينة القديمة، وخاصة في شارع سيدي عبد الرحمان، المتواجد في مركز المدينة العتيقة، والذي يستقطب المئات من السكان وغيرهم من الزوار الأجانب من مختلف الجنسيات. وقال التجار إن الظاهرة أصبحت مؤرقة لهم بشكل لا يمكن معه السكوت عليها، كما انتقدوا ما أسموه «الحلول الترقيعية» التي أقدمت عليها السلطات المعنية، والمتمثلة في تحويل مكان «السويقة» إلى منطقة «باب الخميس»، بجانب السور العتيق، دون أن تعمد إلى تهيئتها بما يساعد الباعة المتجولين على الاستقرار فيها وتوظيفها كفضاء قار لكسب قوت اليوم، كما طالبوا بخلق فضاءات وأسواق نموذجية قارة لتثبيتهم، وقال التجار، في المراسلات العديدة الموجهة لعمالة الإقليم وبلدية تزنيت، إن الباعة المتجولين يتسببون في «رمي الأزبال وانسداد الطرق العامة وعرقلة المرور بشكل يشوه منظر المدينة»، مضيفين أنهم لن يسكتوا عن «الأضرار الجسيمة التي لحقتهم من جراء هذا الوضع الاستثنائي». وكان التجار قد «انتفضوا»، في وقت سابق، ضد السلطات المحلية، عقب قيام الأخيرة بجولات ميدانية مباغتة ضد محتلي الملك العمومي وإقرارها غرامات مالية في حق المخالفين من تجار المدينة القديمة ومصادرة عدد من السلع المعروضة أمام بعض المحلات التجارية، وخاصة في الأسواق المحاذية ل»ساحة المشور» (سوق الباشا، سوق أقشوش، زنقة المحكمة القديمة، زنقة الحمام...). وقد أقدم التجار حينها على إغلاق محلاتهم التجارية، احتجاجا على ما أقدمت عليه السلطات، واتجهوا جميعا صوب مقر باشوية وبلدية تزنيت، حيث نددوا بطريقة تدبير ملف الملك العمومي وانتقدوا ما أسموه «تغاضي» السلطات المعنية عن احتلال الباعة المتجولين شوارع المدينة دون حسيب ولا رقيب، بينما يتم التضييق على التجار الذين أثقلت المصاريف الكثيرة كاهلهم وأرغمتهم على إخراج السلع بأمتار معدودة في سبيل جلب مزيد من الزبناء، وطالبوا ب«ترسيم الحدود»، عبر السماح لهم باستغلال جزء من الفضاء العمومي بشكل قانوني وأداء مستحقاته للمصالح المالية المختصة، كما طالبوا بتوفير الأمن في الأسواق المحلية وبمحاربة بعض الظواهر المشينة في «ساحة المشور»، التاريخية، على وجه الخصوص. كما احتج تجار المدينة القديمة في تزنيت قبل أسابيع ضد تأخر أشغال إصلاح قنوات الصرف الصحي في أكثر الشوارع الحيوية، واحتجوا على التباطؤ الذي قالوا إنه «يؤثر على مصالحهم الحيوية ويهدد مصالحهم بالضياع»، مضيفين أن «الأشغال التي انطلقت في شارع «سيدي عبد الرحمان» منذ أيام أدت إلى وضعية شاذة ومزرية، ناتجة عن بطء أشغال إصلاح قنوات الصرف الصحي وعرقلة حركة السير وانقطاع الماء الصالح للشرب والصرف الصحي وانبعاث روائح كريهة تزكم الأنوف، ناهيك عن أكوام الأتربة التي تهدد سلامة وصلاحية السلع الاستهلاكية التي يشتهر بها الشارع، كاللحوم والخضر والفواكه والأسماك وغيرها، دون إغفال الحفر التي تهدد السلامة الطرقية للسائقين والراجلين على حد سواء»، وطالبوا بوضع حد لمثل هذه المشاريع التي تعيد الحفر في مناطق سبق تأهيلها بميزانيات وصفوها ب«الضخمة». الذبيحة السرية أدى ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في تزنيت إلى زيادة تفوق 10 في المائة من الثمن الأصلي، إلى إقبال الساكنة المحلية على اقتناء اللحوم في الأسواق الهامشية بأثمان لا تتعدى 60 درهما في أغلب الحالات، ويصل ثمن الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم والبقر في السوق المحلية حاليا إلى 70 درهما، ويرتفع هذا السعر إلى 100درهم، حسب جودة ونوعية المعروض. وقد أدى هذا الارتفاع المتواصل في أسعار اللحوم الحمراء في المدينة إلى تقليص معدل استهلاكها، خاصة أن ذلك يتزامن مع الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الغذائية الأخرى وضعف القدرة الشرائية لعموم الساكنة. وقالت المصادر إن «ارتفاع القيمة المالية للرسوم المطبقة على الذبائح في مجازر البلدية شكل سببا رئيسيا لحالة غلاء اللحوم الحمراء في السوق المحلية، مقارنة بالأسواق الهامشية والأسواق الأسبوعية في البوادي، خاصة في المحلات المتواجدة في جوار المدينة، والتي تعرض لحومها بأسعار تصل إلى 55 درهما للكيلوغرام الواحد». وعزا مصدر آخر ضعف الإقبال على اقتناء اللحوم الحمراء في الأسواق المعتمدة والإقبال على السمك واللحوم البيضاء إلى انتشار ظاهرة الذبيحة السرية في المناطق المتاخمة للمدينة جراء ضعف المراقبة البيطرية فيها وانعدامها في بعض الأحيان، رغم أن القوانين المنظّمة لعملية توريد اللحوم من مدينة إلى أخرى تنص على ضرورة خضوعها لمراقبة المجازر البلدية المحلية مع إعادة ختمها من طرف المصالح البيطرية وأداء الرسوم التكميلية. الضريبة على المحك... عبّر عدد من موظفي ثلاث مؤسسات ضريبية في إقليمتزنيت عن قلقهم الشديد من ظروف الاشتغال التي وصفوها ب«الصعبة وغير المريحة»، واشتكى الموظفون، التابعون لكل من مفتشية الضرائب ومصلحة التسجيل والتمبر والقباضة الإدارية للجبايات، من كون الملفات التي يباشرون تسويتها الإدارية تَرِد عليهم من أقاليم عديدة في الجهات الجنوبية، بسبب شساعة المجال الترابي التابع للإدارات المذكورة وقلة الموظفين الذين يطالبون بالتدقيق في المعطيات الرقمية للضرائب المختلفة وبتنفيذ المعاينات الميدانية. فالمجال الترابي، الذي يشمل، بالإضافة إلى إقليميتزنيت وسيدي إفني، كلا من أقاليم (كلميم، طاطا، آسا، طانطان، بوجدور، العيون، السمارة وغيرها)، لا يقابله في الواقع ما يكفي من الموظفين الذين لا يتجاوز عددهم 20 شخصا فقط، نِصفهم تابعون للمفتشية الإقليمية والنصف الآخر موزعون بين القباضة ومصلحة التسجيل والتمبر، علاوة على أن «اشتراك» الإدارات الثلاث في سيارة مصلحة واحدة لا يساعد على تسريع وتيرة الملفات التي تتم معالجتها وتسوية وضعيتها الإدارية والقانونية. النقل الحضري.. اختلالات بالجملة كشف تقرير سابق، صدر عن لجنة السير والجولان، التابعة للمجلس البلدي لتزنيت، جملة من الخروقات التي يعيشها قطاع النقل الحضري في المدينة، التي صادق مجلسها على السماح لإحدى الشركات الخاصة بمزاولة مهام النقل داخلها منذ دورة أكتوبر من سنة 1998، حيث تم قبول ملف الامتياز الممنوح لها والمصادقة على بنود الاتفاق ودفتر الشروط والتحملات من قِبَل السلطات الوصية، وهو ما أتاح للشركة الشروع في الاستغلال منذ سنة 2003. وسجلت تقارير المجلس البلدي وجود عدة اختلالات في مجال المراقبة اليومية لمدى ملاءمة عمل الشركة للشروط التي تم الالتزام بتنفيذها، كما انتقدت عدم موافاة المجلس البلدي بنسخ من عقود التأمين على حوادث الشغل وعقد التأمين الإلزامي للسيارات على الطرقات وبنسخ من عقد تأمين المسؤولية المدنية إزاء الآخرين، بالإضافة إلى عدم الإدلاء بالوثائق المثبتة للفحص التقني للسيارات، بناء على المادة 31 من القانون المعتمَد في مراقبة المستغل لهذا المرفق العمومي. كما لم يتمّ احترام التدابير المتعلقة بتزويد المجلس البلدي بالوثائق المحاسباتية وإحصائيات تتبع الاستغلال لأجل تتبع الحالة العامة للمرفق، علاوة على عدم إشهار النتائج المحاسباتية في جريدة الإعلانات ومقر الجماعة الحضرية وعدم تدقيق البيانات الإحصائية والمحاسبية للشركة. كما رصدت التقارير المذكورة خروقات عديدة في مجال توفير الوسائل المادية والبشرية الخاصة بالمرفق، حيث لم يتمّ الالتزام بالخطوط الستة المنصوص عليها في دفتر التحملات وبتوفير حافلات احتياطية تستعمل عند الضرورة وبتوفير سيارات المراقبة والإغاثة. وقال المستشارون إن «النقص العددي للحافلات والخطوط الكفيلة بتشغيل المرفق في أحسن الظروف كان موضوع العديد من شكايات المواطنين وجمعيات الأحياء التي لم تتم تغطيتها بالنقل الحضري، إضافة إلى جمعيات الآباء بخصوص النقل المدرسي الذي يقتضي الالتزام به توقيتا وآليات». وأكدت التقارير أن الحالة الميكانيكية للسيارات تدهورت، بسبب عدم خضوعها للمراقبة التقنية من طرف المؤسسات المعترَف بها من لدن مصالح وزارة النقل، علاوة على أن الحافلات المستعمَلة لا تخضع بانتظام للمراقبة الصحية التي يتم بموجبها رش الهياكل المستعملة بالمواد المعقمة. وفي ما يتعلق بعدم التزام صاحب الامتياز بالخطوط المتوقفة داخل المجال الحضري، فإن أصواتا من داخل البلدية تدعو -استنادا إلى المادة 46 و47 من بنود عقد الامتياز- إلى إسقاط حق الاستغلال وإلى فتح المنافسة أمام شركات أخرى جديدة، أو تفعيل النقل المزدوج لفائدة الفئات المعطلة، غير أن المجلس البلدي يظل «عاجزا إلى حد الآن عن اتخاذ مثل هذه الخطوة، بسبب تكبيله باتفاقية إقليمية تمنع السماح لأي شركة أخرى بالاستثمار في المجال طيلة مدة التعاقد».