«82 في المائة من النساء في المنطقة الوسطى للمغرب يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن، والصفع يأتي في مقدمة أشكال الضرب، يليه الشد والدفع وبعده شد الشعر ثم الركل واللكم ومن بعده الضرب بالرأس ثم الضرب بأدوات منزلية ثم العض وبعده يأتي الضرب بأدوات حادة»، مما يؤدي إلى حدوث كدمات وجروح وسقوط أسنان وإجهاض وعاهات مستديمة لدى العديد من المعنفات. هذه النتائج هي نتاج ما يقرب من ست سنوات من أبحاث ميدانية أجراها أساتذة شعبة علم النفس في كلية الآداب ظهر المهراز، قبل أن تقدم يوم السبت الماضي (08 يناير الجاري) في مدينة صفرو خلال لقاء نظمته الجمعية الوطنية لعلم النفس في خدمة المجتمع، باشتراك مع كلية ظهر المهراز ومرصد الطفولة والمراهقة والأسرة، حول موضوع «العنف الزوجي». وحسب الأستاذ عبد الرحمان علمي إدريسي، فإن عينة البحث تكونت من 1479 امرأة من أوساط جغرافية واجتماعية واقتصادية وتعليمية متفاوتة. وأجابت 1224 امرأة ب«نعم» عن سؤال «هل يضربك زوجك؟»، أي ما يمثل نسبة 82,75 في المائة من مجموع المستجوبات. ولم تجب ب«لا» سوى 255 امرأة، أي بنسبة 17,25 في المائة من المستجوبات. ومن النتائج الصادمة كذلك لهذه الأبحاث الميدانية «اعتراف» 68,62 في المائة من الزوجات اللواتي تعرضن للعنف بأن ضرب أزواجهن لهن أدى إلى جروح. وقالت 672 سيدة منهن إن هذه الجروح كانت «خفيفة»، فيما أوردت 607 منهن بأن الضرب خلف «كدمات» في أعينهن. و446 منهن أصابهن الضرب ب«الرعاف». وأشارت 136 زوجة إلى أن الضرب خلف «كسورا مختلفة» في أجسادهن. أما 128 من المستجوبات المعنفات فقد أسقط أزواجهن أسنانهن، و43 من هؤلاء السيدات أدى بهن العنف إلى جروح في الرأس. وخلف الضرب لدى 26 حالة «آثارا أخرى». وقالت 489 من المستجوبات إن الضرب تسبب لهن في تشوهات أو عاهات بدنية، ومنها إلحاق أضرار بشعرهن أو وجود آثار للجروح أو للخنق أو الإجهاض أو آثار للحرق أو القيود والكي. وأقرت 616 سيدة من المستجوبات بأن أزواجهن يرغمنهن على القيام بأشغال تفوق طاقاتهن. وسبق لمركز الاستماع والإرشاد القانوني والدعم النفسي للنساء ضحايا العنف، التابع للجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد المرأة، أن سجل 510 حالات عنف بجهة الدارالبيضاء تمثل فيها المتزوجات 87 في المائة خلال الفترة الممتدة من يناير إلى أكتوبر. وأشارت إحصائيات مركز الاستماع الوطني لوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن تهم الفترة ما بين فاتح أكتوبر 2009 و30 شتنبر 2010 إلى أن قرابة 15 ألف مغربي يضربون زوجاتهم سنويا. وفي تفسيره للظاهرة، اعتبر عبد الرحمان علمي إدريسي بأن «البنية الذهنية الاجتماعية» تكرس ضرورة قبول واقع تعنيف المرأة ك«مصير محتوم لضمان نجاح مسيرتها بقناعة تجعلها تعتبر أن من حق زوجها أن يضربها وأن الواجب عليها هو السكوت والرضوخ». وقال عبد الرحمان علمي إدريسي إن تعنيف الزوجة قد يكون الهدف من ورائه ترك «بصمة» في ذاكرتها وعلامة على أنها إذا أعادت أو أتت فعلا يغضب الزوج فستلقى نفس العقاب وربما أكثر، معتبرا بأن «الإرهاب الاجتماعي» الذي تعانيه المرأة من الرجل هو نتيجة عادات منحت الرجل حق استخدام العنف بغية التحرر من مشاعر الإحباط يخرج عبرها غيظه وضعفه وضيقه وغبنه بالضرب والامتعاض والاحتقار. وفسر أستاذ علم النفس ما أسماه «تشبث» المرأة بالوضع الراهن، رغم سوئه، بعدة عوامل، منها «الخلفية الاجتماعية الداعمة لسيطرة وهيمنة الرجل على المرأة، والمصير المجهول للمرأة بعد قرار الانفصال، والخوف على مصير الأطفال. وتزامن تقديم نتائج هذه الأبحاث الميدانية مع أرقام قدمها «البحث الوطني حول انتشار ظاهرة العنف ضد النساء» أشارت إلى أنه من بين 9,5 ملايين امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 18 و64 سنة، تعرض حوالي 6 ملايين لشكل من أشكال العنف خلال ال12 شهرا، التي سبقت البحث. واعتبرت هذه الدراسة، التي شملت الفترة ما بين يونيو 2009 ويناير 2010، والتي قدم نتائجها أحمد الحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط، أن ظاهرة العنف ضد النساء تتزايد كلما اشتدت الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية. وكشفت الدراسة أن العنف الزوجي احتل الصدارة بما نسبته 55 في المائة.