نظمت رابطة أدباء الشمال ومكتبة سلمى الثقافية بتعاون مع المركز السوسيوثقافي محمد السادس والمندوبية الجهوية لوزارة الثقافة بتطوان يوم الخميس 27 دجنبر 2018 حفلا ثقافيا لتقديم وتوقيع كتاب "الروض المنيف، للتعريف بأولاد مولاي عبد الله الشريف"، تأليف: الشريف النسابة سيدي عبد الله بن الطيب الوزاني الحسني المتوفى عام 1318ه، دراسة وتحقيق: الدكتورة لطيفة الوزاني الطيبي. شارك في هذا الحفل إلى جانب المحققة كل من العميد السابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان الأستاذ الدكتور سيدي محمد اليملاحي الوزاني، الباحث المتمرس الدكتور عبد الإله الغزاوي والأستاذ الدكتور الطيب الوزاني الشاهدي؛ وترأست الجلسة العلمية الأستاذة المقتدرة الدكتورة سعاد الناصر. وتجدر الإشارة في البداية أن ما ميز هذا الحفل الحضور الشخصي للشيخ الحالي للزاوية الوزانية (دار الضمانة) الشيخ الجليل مولاي أحمد علي حيدرة مرفوقا بمجموعة من أشراف مدينة وزان حيث ضريح جد الأشراف آل وزان القطب الغوث مولاي عبد الله الشريف رضي الله عنه مؤسس الزاوية الوزانية التي عرفت بطريقتها الصوفية المبنية على الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة. كما حضره مجموعة من الباحثين والدارسين والمهتمين بالتاريخ والتصوف والأدب من تطوان ومن خارجها من الرباط وفاس ومكناس وطنجة وغيرها. وقد سجل الحضور الوازن الذي امتلأت به جنبات قاعة المركز السوسيوثقافي أن الحفل كان ثريا باذخا من حيث المداخلات العلمية الرصينة التي تفضل بها السادة المشاركون، والتي تماشت مع القيمة العلمية الكبرى التي يزخر بها الكتاب المحتفى به بشهادة مؤرخين وباحثين ودارسين مغاربة ومشارقة، وهذا يرجع لعدة أسباب نختصرها في النقاط التالية: - مادة الأنساب: وهي التي بني عليها الكتاب أساسا لكونها كانت السبب الرئيسي لتأليفه، غير أن ما زاد في قيمتها المنهج المتميز الذي اعتمده المؤلف في جمعها، والذي جعل المؤلف ككتاب أنساب يتفرد به دون مصادر الأنساب الأخرى. - مادة التصوف: وقد فرضت نفسها بين دفتيه لكون الأنساب موضوع الكتاب تتعلق بأسرة ينتمي نسبها للدوحة النبوية الشريفة من جهة، ولها امتداد متجذر في تاريخ التصوف المغربي من جهة أخرى. لذا، انجر التأليف إلى الحديث عن التصوف وسنده ورجالاته وشروطه وآدابه وأذكاره وغير ذلك كالكرامات والمناقب... - مادة التراجم: وفيرة وقد شملت الرجال والنساء على حد سواء؛ بل ويتفرد الكتاب بعدد كبير منها. وقد توزعت بين التراجم المنقبية والتراجم الفردية التي تراوحت بين تراجم الأشياخ والعلماء والأدباء والصلحاء وغيرهم. - مادة التاريخ: فالكتاب أدرجه العلامة المنوني ضمن المصادر الدفينة لتاريخ المغرب ونوه بالمعلومات التاريخية التي يتفرد بها. والمؤلف إذ يوثق لأنساب الأسرة الوزانية الشريفة حفدة القطب مولاي عبد الله الشريف رضي الله عنه، يسجل أحداثا واكبت تعاقبهم منذ فترة ولادة جدهم الشيخ المذكور (1004ه) إلى اقتراب وفاة المؤلف (ت. 1318ه) أي ما يقرب من ثلاثة قرون. وقد شهدت هذه الفترة التاريخية تأسيس الزاوية الوزانية الأم بمدينة وزان والتي ستعرف انتشارا واسعا بعد ذلك في باقي مدن المملكة وخارجها في أقطار إسلامية أخرى. وقد تزامن مع هذا التأسيس توطيد دعائم حكم الدولة العلوية الشريفة مما فرض تداخلا في سرد الأحداث على المستويين الروحي والسياسي. والجدير بالذكر أيضا أن كتاب "الروض المنيف" يتفرد بمعلومات تاريخية قيمة لا توجد في مصادر التاريخ المعروفة كوقوفه عند بناء صومعة الجامع الكبير لمدينة وزان والذي نسبه للفاتح موسى بن نصير، مما يميط اللثام عن بعض الغموض الذي يلف تاريخ المدينة... - مادة الأدب: غنية سواء تعلق الأمر بنثرها أو شعرها. وما يزيد في قيمتها تدوين الكتاب لقصائد شعرية مغربية غميسة وأرجوزات قيمة نظمت في علوم متنوعة ومواضيع مفيدة. - مادة الوثائق: وهي وفيرة ومتنوعة، وتتمثل في عقود الإراثة والأصدقة والوقف، وكذا الرسائل السلطانية والإخوانية التي توحي بالكثير من المعلومات التاريخية الكفيلة بإضاءة عتمة جنبات التاريخ، إلى جانب الإجازات العلمية وما تزخر به من مضامين غنية... وهي بأنواعها تحتاج لذوي الخبرة لاستنطاقها وإفراغ موادها خدمة للعلم والمعرفة. وختاما، كل ما قيل في حق الكتاب هو قليل بشهادة السابقين، وشهادة شيخ المحققين المغاربة الأستاذ الدكتور سيدي عبد الله المرابط الترغي رحمه الله، وشهادة الأساتذة الباحثين الأجلاء الذين شاركوا مشكورين في أول حفل توقيعه بورقات علمية قيمة وأبانوا عن كبير سعادتهم لرؤيته النور أخيرا بعد قرن وما يزيد من الانتظار، ليكون إضافة نوعية للخزانة العربية بشكل عام والخزانة المغربية بشكل خاص.