تشكل الحواجز الابستمولوجية والتمثلاث القبلية عوائق حقيقية في التواصل مع الآخر . إذ من الصعب أن تبني علاقة بناءة وتأسيس الثقة وتحل المشاكل إذا كان محاورك يعتبرك أو يعتبر الجهاز أو المؤسسة التي تمثلها جزءا من المشكل وليس شريكا في الحل . أقول هذا الكلام ليقيني أن لا أحدا من نشطاء الحراك في الحسيمة ينظر بعين الطمأنينة لتكليف وزير الداخلية بالحوار معهم في أفق إيجاد حلول لمطالبهم . وأكيد أن لديهم تخوف بناء على ممارسات وتجارب قبلية وحتى تمثلاث جاهزة لهذه الوزارة ودورها. ومعلوم أن ثقافة الخوف قد تحجب العقل، وتزيد من حدة المشاعر، وتجعل من السهل توجيه وتعبئة الجمهور في هذا المسار أو ذاك . من هذا المنطلق أقدر أن تكليف السيد لفتيت بالحوار مع نشطاء حراك في الحسيمة خطأ كبير وكبير جدا . ليس لأني أشكك في قدرات وكفاءة السيد لفتيت وزير الداخلية، أبدا، ولكن لأن قضية الحسيمة قضية معقدة وتتداخل فيها كل الأبعاد : السياسية والاقتصادية /التنموية والاجتماعية و الثقافية والأمنية . بل ترتبط أيضا بطي صفحة الماضي الأليمة وجبر الأضرار الفردية والجماعية ورفع الحيف والحگرة . وقضية بهذا التعقيد من المستحيل أن يتصدى لها وزير الداخلية وحده ولو بخلفيته التيقنوقراطية ومهما كانت كفاءته . كان حريا تشكيل وفد حكومي يقوده رئيس الحكومة ولا ضير في أن يكون ضمنه وزير الداخلية ولكن يضم أيضا شخصيات وطنية تحظى بالثقة والاحترام والمصداقية فقضية الحسيمة قضية مطالب ولكنها في المبتدأ هي قضية من قضايا المصالحة الوطنية التاريخية التي تحسم فيها الاتفاقات والتوافقات الكبرى .