أعطت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي وصلت إلى مرحلتها الثالثة، زخما كبيرا لقطاعي التربية والتعليم والعناية بالطفولة المبكرة على مستوى عمالة المضيق-الفنيدق. وقد سهرت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي منحت في مختلف برامجها مكانة أثيرة للرأسمال البشري خاصة الأجيال الصاعدة، على تقوية الكفاءات المعرفية والعناية بالمحيط المادي لتربية وتعليم الأطفال، عبر الارتقاء بعرض التعليم الأولي وتحسين جودة التربية والتدريس بعمالة المضيق – الفنيدق، خاصة في الوسط القروي. وفق فلسفة جديدة تتمحور بالأساس حول تنمية وتفتح الأطفال، جاءت المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2019 – 2023) لتعزيز المكتسبات المحققة خلال المرحلتين السابقتين للمبادرة، وترصيد الدينامية التي أطلقها هذا المشروع الملكي. ووفق هندستها القائمة على أربعة برامج متكاملة، من بينها البرنامجان الثالث والرابع المخصصان للنهوض بالرأسمال البشري، وضعت المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية قضايا الطفولة والشباب في الصدارة، من خلال المساهمة بفعالية في تحسين الدخل والادماج الاقتصادي للشباب والدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة. بالنظر إلى الدور الرئيسي الذي يلعبه التعليم الأولي في التطور المعرفي والسلوكي الاجتماعي للأطفال، تقترح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار البرنامج الرابع للمرحلة الثالثة المساهمة في تعميم التعليم الأولي في المناطق القروية والأقل تجهيزا بشراكة مع قطاع التربية الوطنية. ووفق معطيات قسم العمل الاجتماعي بعمالة المضيق-الفنيدق، فقد تمت برمجة 45 مشروعا بغلاف مالي يفوق 100 مليون درهم خلال الفترة 2019 -2020، والتي توزعت على البرامج الأربعة للمرحلة الثالثة، حيث تم الانتهاء من أشغال 42 في المائة من بينها، بينما توجد 58 في المائة المتبقية في مراحل مختلفة من الإنجاز. بخصوص البرنامج الرابع من المرحلة الثالثة المتعلق بالدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، فقد تمت برمجة 16 مشروعا بغلاف مالي يصل إلى 23.86 مليون درهم، من بينها 10.23 مليون درهم كمساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. بخصوص المحور الثاني المتعلق بتعميم التعليم الأولي، فقد تمت برمجة بناء ما مجموعه 60 وحدة بغلاف مالي يصل إلى 12.61 مليون درهم، تم إحداث 27 من بينها في عام 2019 لفائدة 1377 طفل، وتم تسلم 24 وحدة أخرى، فيما توجد 9 وحدات قيد البناء أو خلال مرحلة إطلاق الأشغال، وفق حصيلة التدخلات لعام 2020. أما بخصوص المحور الثالث المتعلق ب "دعم تمدرس وتفتح الشباب"، فقد أشار قسم العمل الاجتماعي إلى أن الفترة 2019 – 2020 تميزت بإنجاز 8 عمليات ومشاريع باستثمار يصل إلى حوالي 9.2 مليون درهم. وأبرز رئيس قسم العمل الاجتماعي، محمد البرقوقي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن العديد من المشاريع والعمليات الرامية إلى النهوض بتمدرس الاطفال تم إطلاقها بفضل دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشراكة مع عدد من الفاعلين المحليين على مستوى عمالة المضيق-الفنيدق، همت على الخصوص الأحياء والقرى النائية، مبرزا أهمية المبادرات ذات الصلة، خاصة ما يتعلق بالنقل المدرسي وبناء دور الطالبة والطالب وإحداث الداخليات والمطاعم المدرسية، والتي تروم بالأساس محاربة الهدر المدرسي وتحسين معدل التمدرس والرفع من معدل النجاح. وأوضح المسؤول أن غلافا ماليا بقيمة تصل إلى 20.85 مليون درهم، ساهمت فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ب 17.45 مليون درهم، أي بنسبة رفع وصلت إلى 85 في المائة، تم تخصصها إلى مشاريع دعم التربية والتعليم، والتي أنجزت خلال الفترة ما بين 2005 – 2020 لفائدة مختلف الجماعات الترابية التابعة للعمالة. وشدد على أن هذه "المشاريع كان لها وقع إيجابي على الفئات المستهدفة حيث ساهمت في خفض معدل الهدر المدرسي وردم الفوارق الاجتماعية والمجالية، بهدف تمكين التلاميذ من مواصلة التمدرس"، لافتا إلى أن هذا البرنامج الطموح، الذي واكبته وزارة التربية الوطنية، كان يروم بالأساس إحداث عدد من مؤسسات التعليم الابتدائي والإعدادي بمختلف القرى والأحياء شبه القروية التابعة للمدارس الحضري. وسجل البرقوقي أن برنامجا للدعم المدرسي، الذي يدخل ضمن المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، سيتم إطلاقه هذه السنة لفائدة التلاميذ الذين يواجهون صعوبات تعليمية. من جهته، اعتبر الكاتب العام لجمعية "التضامن لدعم النقل المدرسي بحي حيضرة" بالفنيدق، العشيري نور الدين، أن هذه الجمعية التي أحدثت سنة 2013 تعمل من أجل محاربة الهدر المدرسي وتشجيع تمدرس الأطفال، خاصة الفتيات، من خلال تسيير حافلات النقل المدرس من أجل المساهمة في الحد من غياب الأطفال بسبب البعد، موضحا أن هذا المشروع، الذي تدعمه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، استفاد منه 36 تلميذا خلال الموسم الدراسي 2012 -2013، قبل أن يترفع العدد إلى 52 طفلا خلال الموسم الموالي، ليصل إلى 170 تلميذا خلال الموسم الدراسي الحالي. وأشار إلى أن 47 تلميذا من المستفيدين من مبادرات الجمعية تفوقوا في شهادة البكالوريا وولجوا مؤسسات التعليم العالي، مسجلا أن بعضهم حصلوا على وظائف في قطاعات حكومية، بينما أطلق آخرون مشاريعهم الخاصة، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في إطار برنامج تحسين الدخل ومحاربة الاقصاء الاقتصادي للشباب. من جانبها، أعربت ابتسام الخياط، تلميذة بإعدادية إمام مالك بحي "حيضرة" عن شكرها إلى جمعية التضامن لدعم النقل المدرسي على الجهود التي تبذلها بشكل يومي لتمكين تلاميذ الحي من متابعة دراستهم، مع حرصها على تقوية معارفهم والتعبير عن قدراتهم بعد افتتاح مكتبة للحي بدعم من المبادرة. في السياق ذاته، أشار عبد الرحمان الحداد، تلميذ في السنة الأولى إعدادي، إلى أهمية النقل المدرسي في محاربة الهدر المدرسي، خاصة في الوسط القروي، معتبرا أن مكتبة الحي تلعب دورا مهما في النهوض بالمعارف الثقافية وتشجيع القراءة لدى الأطفال.