اعتبر الدكتور نور الدين أشحشاح، أن خطاب العرش لهذه السنة امتزجت فيه أبعاد متنوعة، من جملتها ما لم يحتويه الخطاب نفسه، ولكنه صدر كقرار هادئ وحكيم موازي له. وأكد الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق بطنجة، في حوار مع "شمالي"، أن الخطاب أبرز الخيارات الاجتماعية التي حددها على ضوء الاختلالات التي تم رصدها، ومن جملتها حجم الاقتصاد غير المهيكل، وضعف شبكات الحماية الاجتماعية. نص الحور كاملا: 1- لقد استمعتم لخطاب العرش لسنة 2020 هل كان فعلا خطابا متميزا بحكم سياقه المختلف؟ خطاب العرش هو أولا لحظة مهمة ينتظرها المغاربة، تقدم فيها قراءة وتقييم المؤسسة الملكية للأحداث التي ميزت سنة من الممارسة السياسية ومن تدبير الشأن العام، وتعلن فيه عن أهم المسارات والآفاق التي ستشتغل عليها على المدى المتوسط والطويل، وخطاب هذه السنة بالذات امتزجت فيه أبعاد متنوعة، من جملتها ما لم يحتويه الخطاب نفسه، ولكنه صدر كقرار هادئ وحكيم موازي له، والحديث هنا عن العفو الذي شمل عددا مهما من معتقلي الريف، هذا القرار لقي إشادة واستحسانا كبيرين، وسيؤدي إلى انفراج مهم . 2- ألا ترون أن حصيلة هذه السنة هيمن على تقييمها ما ترتب عن جائحة كورونا؟ بالتأكيد، وقد تضمن الخطاب الإشارة إلى القرارات التي اتخذها جلالة الملك، وهي قرارات جنبت المغرب السير إلى الكارثة التي عاشتها عدد من الدول الاخرى، ومن جملتها قرار انشاء صندوق مواجهة اثار الجائحة الذي ساعد على تحقيق نتائج كثيرة، أولا هيأ البلاد تدريجيا لتقليل الآثار، وخفف من وطأتها خاصة بالنسبة للفئات الاجتماعية المتضررة مباشرةً، وساعد على تأهيل نسبي للنظام الصحي تدريجيا للتعامل مع الجائحة، ولكن ينبغي أن نسجل أيضا لجلالة الملك قراره الحكيم بالإسراع في اتخاذ هذه الإجراءات والانتقال إلى مرحلة الطوارئ الصحية دون إبطاء، وعلى الخصوص قراره بإعطاء الأولوية للإنسان على جوانب الثروة والاقتصاد، وقد كان قرارا حكيما تمت الإشادة به على نطاق دولي ووطني واسع. 3- ما هي أهم ملامح الخيارات الاجتماعية التي حددها الملك محمد السادس؟ الخيارات الاجتماعية حددها الخطاب على ضوء الاختلالات التي تم رصدها، ومن جملتها حجم الاقتصاد غير المهيكل، وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، إذ لا يعقل أن تكون لدينا شريحة واسعة من الطبقة العاملة ومن الشغيلة في مختلف القطاعات غير المهيكلة وهو ما يحول دون استفادتها من أي تغطية أو نظام للحماية الاجتماعية، لذلك زاد جلالته من التأكيد على التعجيل في الشروع بالدخول التدريجي لهذه المنظومة الحمائية وحدد لذلك أفق يناير 2021. 4- أين تكمن أهمية إحداث صناديق لدعم الاستثمار والمقاولات خاصة الصغرى والمتوسطة؟ بداية، تجدر الاشارة الى أن قراءة منهجية دقيقة للخطاب الملكي، تبين ان الإهتمام بالجانب الاقتصادي وبالمقاولة الصغيرة والمتوسطة هو أداة لتوفير الشغل للانسان ولتعميم الحماية الاجتماعية على مختلف شرائحه، وليس هدفا في حد ذاته، وذلك لما يمكن ان يكون للقطاع الخاص من حضور وازن في هذا المجال. ولتؤدي المقاولة دورها لا بد على الدولة من دعم المقاولات التي تأثرت كثيرا من الركود الاقتصادي الناتج عن تدابير الحماية الصحية المتخذة للحد من أثار الجائحة، لأن القيام بذلك، وهو الدور المنتظر أن يقوم به الصندوق المذكور، سيحول دون توقفها مما سيجنب البلاد فقدان أحد الفاعلين الأساسيين في توفير مناصب الشغل والحماية الاجتماعية. 5- الملك محمد السادس دعا كل القوى الوطنية دون استثناء، للانخراط الجدي لتجاوز هذه المرحلة، ما هي الأدوار المنوطة بالنخب السياسية والقطاع الخاص بناء على هذه الدعوة؟ المطلوب منها هو الانخراط في تفعيل وأجرأة هذا الخطة التي تحمل طموحا كبيرا، لقد اعتبر جلالة الملك أننا ينبغي أن نجعل من هذه المرحلة فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، وبناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي، ونموذج اجتماعي أكثر إدماجا. وهو الميدان الذي يجب أن يساهم فيه الجميع، عبر تعبئة كافة القوى الوطنية السياسية والاجتماعية، من حكومة وبرلمان ونخب للانخراط في هذا المجهود الوطني وبالطريقة التي تحدث عنها جلالة الملك، أي بكل فعالية ومسؤولية، وفي إطار تعاقد وطني بناء، يكون في مستوى تحديات المرحلة وانتظارات المغاربة.