عُقِد بمقر غرفة الصيد البحري المتوسطية يوم الخميس 30 يناير 2020 اجتماع خصص لمناقشة موضوع يتعلق بوضعية المصايد و بعض أصناف السمك السطحي بالمنطقة الشمالية للمملكة، و قد حضر أشغال هذا الاجتماع كل من مدير الغرفة و رئيس المركز الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بطنجة إضافة إلى عدد من ممثلي الجمعيات المهنية و المجهزين العاملين بميناء طنجة. وحسب بلاغ للغرفة، فقد جرى من خلال مناقشات و أشغال هذا الاجتماع التطرق لموضوع التناقص الكبير الذي شهدته الكميات المصطادة من قبل بواخر الصيد الساحلي، و ذلك بالنسبة لعدد من الأصناف السمكية على الواجهتين البحريتين المتوسطية و الأطلسية، حيث سجل الحاضرون، على سبيل التمثيل، تناقصا كبيرا في كميات الأخطبوط المتوفرة، كما تم التأكيد مرة أخرى على وضعية مصايد الأربيان التي أصبحت في حالة تناقص شديد، و ذلك رغم اعتماد أسلوب فتح نوافذ محدودة لصيد هذا النوع من القشريات، حيث عزا بعض المتدخلين هذا الوضع إلى أسباب عدة من بينها غياب التنسيق و التعاون بين المهنيين من جهة و بين المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، و اعتبر هؤلاء أن الإجراءات المتخذة في هذا الموضوع لم تأت بنتيجة ملموسة يُعَوّلُ عليها. و تطرق الاجتماع أيضا، حسب البلاغ، لإشكالية الصيد الخاطئ، باعتباره واحدا من الأسباب المساهمة في التقليص و الحد من مردودية بعض المصايد السمكية، حيث اعتبر المهنيون أنها إشكالية حقيقية يتوجب التعامل معها عن طريق البحث عن بدائل تؤمن في الوقت ذاته حماية المصايد من الصيد المفرط و توفر بدائل عمل للمهنيين بشكل يضمن استمرارية نشاطهم المهني. و سجل المهنيون في جانب آخر مسألة تنقل بواخر الصيد من موانئ متعددة و تركيز نشاطها الصيدي في موانئ بعينها، كما هو الحال بالنسبة لمراكب صيد السردين التي قام مجهزوها بنقلها من ميناء الحسيمة صوب ميناء طنجة. و في سياق متصل برأي المهنيين في شأن الاقتراحات الرامية إلى اعتماد الراحة البيولوجية كحل موضوعي لاستعادة الوضعية التي كانت عليها المصايد، لم ير المهنيون مانعا في اعتمادها لكنهم أصروا على ضرورة الأخذ بتدابير موازية ترافق فترات اعتماد هذه الراحة البيولوجية و تخصيص إعانات لفائدة المجهزين و البحارة من خلال صندوق مالي ينشأ لهذا الغرض و يتم تمويله بمساهمات دورية من قبل المهنيين. و تطرق المشاركون في الاجتماع إلى خطورة عدم مراقبة أنشطة الصيد بالغطس في بعض المواقع و استهدافها لأصناف محددة مثل صنف الميرو الذي انقرض بشكل نهائي من الأماكن التي كانت تعتبر موطنا له، كما نبهوا أيضا إلى مسألة غاية في الخطورة و هي استهداف حقول المرجان البحرية التي يعتبر بمثابة مولد طبيعي لبعض الأصناف السمكية، كما تساءل المهنيون عن السر الكامن وراء السماح للصيادين الاسبان باستعمال الأضواء الكاشفة خلال عمليات الصيد التي يقومون بها داخل المياه المغربية بموجب اتفاق، و ذلك في الوقت الذي يلتزم فيه المجهزون المحليون بعدم استعمال هذه الأضواء في نشاطهم البحري. كما تطرق الحاضرون بشكل خاص لعمليات جرف الرمال من داخل حوض الميناء الترفيهي لمدينة طنجة و إلقائها على مقربة من المصايد البحرية و هو ما اعتبروه سببا رئيسا في ضعف موارد بعض الرخويات كما هو الحال بالنسبة للأخطبوط، منبهين في سياق ذكر الأسباب المحتمل وقوفها وراء تناقص الموارد السمكية، إلى ضرورة محاربة الصيد العشوائي . و في شأن التأثيرات الخطيرة العائدة للنفايات السائلة التي تلقى في عرض البحر من قبل شركات عاملة في قطاع التدبير المفوض (Amendis)، تطرق المتدخلون لخطورة هذا العمل متسائلين عن مدى احترام هذه الشركة المعتمدة لبنود و مقتضيات دفتر التحملات الموقع، وذلك قبل أن يطالبوا المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بإجراء دراسة علمية على عينة من هذه النفايات المُلْقاة في عرض البحر للتأكد من مدى تلويثها لمياه البحر و تأثيرها المحتمل على تناقص الموارد السمكية في هذه المواقع البحري، حيث عبر المهنيون في هذا الخصوص عن استعدادهم التام للتعاون مع المعهد الوطني من أجل تحقيق هذا الهدف، مطالبين بمراسلة والي الجهة من أجل التدخل و الاجتماع بجميع المهنيين و المسؤولين المحتملين عن التلوث البحري. كما تم التطرق في نفس الاتجاه لموضوع النفايات الصلبة، وفي طليعتها المواد البلاستيكية، التي تكاثرت بشكل مثير في قاع و عرض المناطق البحرية، حيث عبر المهنيون عن قلقهم الكبير من هذا الوضع و طالبوا بضرورة التعاون من أجل معالجة هذه الظاهرة البيئية بالطرق الأكثر ملاءمة من أجل الحفاظ على سلامة الوسط البحري في المنطقة. من جهته، اعتبر رئيس المركز الجهوي للمعهد الوطني أن الإحصائيات المرصودة تسجل خلال هذه الموسم وفرة في إنتاج الصيد الساحلي تناهز 500 طن، لكنه عبر عن اقتناعه بالتأثير السلبي الناتج عن تنقل أساطيل من موانئ أخرى صوب الميناء المستهدف، حيث ذكر، في هذا السياق، بضرورة تحقيق مطلب أساسي مبني على معطيات علمية و إحصائية هو اعتماد المخططات الجهوية لتهيئة المصايد، وذلك بهدف ضمان الحد المعقول من التوازنات بين مجهود الصيد، من جهة، و بين حدود ما هو متوفر موارد في الوقت الراهن. هذا وقد اتفق الحاضرون في ختام الاجتماع على تشكيل لجنة من المهنيين تضم أسماء لممثلين عن قطاعات الصيد الساحلي و الصيد في أعالي البحار و الصيد بالخيط و أطر المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، على أساس أن تجتمع اللجنة بشكل دوري لتدارس كل قضية على حدة و ذلك في أفق البحث الاقتراحات و الحلول الممكنة لا سيما أمام الرغبة في التعاون التي عبر عنها كل من المهنيين و إدارتي الغرفة و المعهد الوطني، حيث اتفق الجميع على عقد أول اجتماع للجنة في نهاية شهر فبراير القادم.