نظم مركز الدراسات القانونية والاجتماعية بالحسيمة يوم أمس الجمعة، ندوة علمية سلطت الضوء على مقتضيات قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وذلك بمشاركة ثلة من رجال القانون والقضاء وأساتذة باحثين مختصين في الموضوع وفعاليات من المجتمع المدني. وأكد عز العرب الحمومي، الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، في كلمة خلال الندوة التي حملت شعار “قانون مكافحة الاتجار بالبشر بين الغموض المفاهيمي والتجزيء الحمائي”، أن هذا اللقاء يأتي في سياق التعريف بمقتضيات قانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر وملاءمته مع الاتفاقيات الدولية. وأبرز المتحدث أن “جريمة الاتجار بالبشر، بكافة أشكالها وأبعادها، تمثل انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان وتعديا على كرامته وحرمة جسده وفقا لما تنص عليه جل الشرائع الدينية والدساتير الوطنية والاتفاقيات الدولية”، معتبرا أن هذا النوع من الجرائم يتخذ صورا عديدة من قبيل استغلال الأشخاص في العمل الجبري أو الاستغلال الجنسي في أوضاع شبيهة بالعبودية وتمس بآدمية الإنسان. من جانبه، أوضح محمد الركوني، نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة في مداخلة بعنوان “خصوصيات البحث الجنائي في جريمة الاتجار بالبشر”، أن هذه الجريمة ليست كباقي الجرائم بل لها خصوصيات معينة، فهي من الجرائم المنظمة والمستمرة ومن الجرائم المتعلقة بالأشخاص، والتي تتطلب تكوينا خاصا لمحاربتها، معرجا على الآليات التي يتم اعتمادها في ميدان البحث الجنائي المتعلقة بهذه الجريمة. أما الباحث نور الدين الوناني، دكتور في القانون الجنائي والعلوم الجنائية، فتطرق إلى مفهوم استغلال حالة الضعف كمناط لقيام جريمة الاتجار بالبشر انطلاقا من مقاربتين قانونية وقضائية، لافتا إلى أن هذه الجريمة تقع في إطار الجرائم المنظمة، والتي تقوم على 3 أركان تتمثل في “الفعل” و”الوسيلة” و”الغرض من الفعل”. بدوره، استعرض أحمد أحيدار، القاضي بالمحكمة الابتدائية بالناظور والأستاذ الزائر بالكلية المتعددة التخصصات بالمدينة ذاتها، آليات حماية ضحايا تهريب البشر والاتجار بهم وفق التشريعات الوطنية والدولية، مستجليا اللبس المفاهيمي المطروح بخصوص العلاقة التي تربط بين “تهريب البشر” و “الاتجار في البشر” والتمييز بين الجريمتين. أما مداخلة الأستاذ سليم الغلبزوري، باحث في قضايا الشغل، فتناولت جانب الشغل القسري باعتباره من جرائم الاتجار بالبشر، مستعرضا كرونولوجيا تطور التشريعات المغربية في هذا الصدد، والمركز القانوني لمفتشية الشغل. من جهته، استعرض الأستاذ ربيع بنعبد الله، محامي بهيئة الناظور – الحسيمة، آليات التعاون الأمني عبر الوطني وملاءمة القانون المغربي مع الاتفاقيات الدولية وإنشاء هيئات خاصة لمحاربة هذه الجريمة. وأبرز السيد محمد أمزيان، رئيس مركز الدراسات القانونية والاجتماعية بالحسيمة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، الخطوات المتقدمة التي قطعها المغرب من أجل توفير الحماية لضحايا هذا النوع من الجرائم، موضحا أن الاتجار بالبشر من أخطر الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، خصوصا لدى الأطفال والنساء. وأضاف المتحدث أن المغرب ليس في مأمن من مثل هاته الجرائم الخطيرة، لذا جاء تنظيم هده الندوة العلمية، بحضور أستاذة جامعيين ومختصين في المجال، لتنوير الرأي العام ومعرفة ماهية جريمة الاتجار بالبشر، وأشكالها الجديدة، وكيفية محاربتها، بإشراك مختلف المتدخلين في الموضوع.