نظمت فرق ومجموعات الأغلبية بالغرفة الثانية للبرلمان، بشراكة مع منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، يوم الأربعاء 25 ماي 2016، يوما دراسيا بمجلس المستشارين، حول مكافحة الاتجار بالبشر بالمغرب، وذلك بحضور وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، والوزير المكلف بالجالية المقيمة بالخارج، أنيس بيرو، وممثلين عن المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب، ومكتب الأممالمتحدة المعني بمكافحة الجريمة. وفي مداخلة له بالمناسبة، ثمن عبد الصمد الإدريسي، نائب منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، مشروع قانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر وحماية ضحاياه، والذي قطع مرحلة مهمة على حد قوله، بعد أن صادقت عليه لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، بمجلس النواب، وينتظر أن يعرض على الجلسة العامة للبرلمان بغرفتيه للمناقشة والتصويت، داعيا إلى العمل على ملائمة مشروع القانون مع الاتفاقيات الدولية والتجارب الإقليمية المقارنة. إعاقة مسار التنمية من جانبه، قال عبد اللطيف اعمو، رئيس الفريق التقدمي بمجلس المستشارين، إن ظاهرة الاتجار في البشر تعيق مسار التنمية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، موضحا أن عرض مشروع القانون الذي يندرج ضمن التزامات المغرب الدولية وفي إطار الجهود المبذولة لمكافحة هذه الجريمة التي تستبضع الأفراد وتنتهك كرامة الإنسان، سيمكن من بسط الممارسات الفضلى في مكافحة صور الاتجار في البشر. أما نبيل شيخي، رئيس فريق حزب العدالة والتنمية، فنوه بمشروع قانون رقم 27.14، رغم أنه تشريع استعجالي، على حد قوله، مضيفا بأن التزام المغرب في تنفيذ التزاماته الدولية والإقليمية في مكافحة الاتجار في البشر، لا يعفي من القول بأننا نفتقر للتشريعات الكافية بمكافحة هذه التجارة الغير المشروعة، داعيا إلى وضع قانون خاص بجريمة الاتجار بالبشر. وأرجع الحاج المعطي بنقدور، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، في مداخلة له بالمناسبة، أسباب انتشار ظاهرة الاتجار في البشر إلى مجموعة من العوامل، يأتي في مقدمتها حسبه، الفساد الحكومي الذي يؤدي إلى الفقر، وضعف التشريع القانوني الذي يجب أن يكون صالحا لكل زمان ومكان، حد تعبيره، بالإضافة إلى وضعف الوازع الديني في المجتمع. رقم أسود وعرف اليوم الدراسي كذلك عرض التجربة المغربية في مجال محاربة الاتجار بالبشر، حيث أوضح، عبد الواحد الأثير، ممثل المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، الذي سجل غياب المعطيات الدقيقة حول حجم الظاهرة وعدم توفر مختلف الدول على قاعدة معطيات وبيانات خاصة بهذه الجريمة، موضحا أن هناك فرق كبير بين الأرقام المعلن عنها وبين الرقم الأسود الذي يعكس الحجم الحقيقي للظاهرة. وعزا المتحدث هذا القصور في تجميع المعطيات إلى كون ظاهرة الاتجار في البشر، يطغى عليها البعد الدولي العابر للحدود الوطنية، ثم أنها تمارس في طابع سري سواء على نطاق خاص أو جماعي، بالإضافة إلى أن التعاون الدولي لا زال محدودا في مجال مكافحتها، نظرا لوجود قضايا أخرى تستأثر بمجهودات واهتمامات المنتظم الدولي، مثل موضوع "الإرهاب". ولاحظ عبد الواحد الأثير أن المقاربات الوطنية يسجل عليها نوع من الاختلاف أو المعالجة في إطار قوانين متعددة، على حد وصفه، علاوة على محدودية الإطار المؤسساتي المعني بمحاربة ظاهرة الاتجار في البشر، أما فيما يخص مكافحة هذه الجريمة فسجل المتحدث أن المنتظم الدولي لم يطور أشكال محاربته للظاهرة. دور المجتمع المدني وفي مداخلة أخرى، استعرضت الأستاذة الجامعية، وعضو المكتب التنفيذي لمنتدى الكرامة، بهيجة جمال، دور المجتمع المدني في تفعيل القوانين والسياسات العمومية في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالبشر وحماية ضحاياها، وشددت على أهمية التنسيق والتعاون بين السلطات المختصة وبين المنظمات والجمعيات الوطنية والدولية المعنية بمحاربة الاتجار بالبشر والوقاية منه. واقترحت اللخبيرة القانونية، أن يتم التنصيص في مشروع القانون المتعلق بمكافحة هذه الظاهرة، على مسؤولية وزارة الخارجية والتعاون وذلك بتوفير حماية ومساعدة أفراد الجالية المقيمة بالخارج، كما دعت إلى إحداث آلية وطنية خاصة بالرصد والإبلاغ عن هذه الجريمة وتقييم السياسات العمومية بشأنها، وتوسيع اختصاصاتها لتشمل جمع البيانات والمعطيات المتعلقة في الاتجار بالبشر على أوسع نطاق ممكن. تعزيز حماية الضحايا من ناحيته دعا هشام املاطي، مستشار وزير العدل في الشؤون الجنائية، إلى تشديد العقوبات في مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر، على المؤسسات التربوية والاجتماعية عند اقتران الجريمة باستغلال الأطفال، مثل منظمات التبشير المسيحية، كما دعا إلى تعزيز حقوق الضحايا في مشروع القانون وتضمينه تدابير أخرى كافية لضمان الحماية. واقترح المتحدث كذلك، إحداث صندوق خاص داخل الخزينة العامة للمملكة يتم فيه إيداع الأموال المصادرة من المنظمات والعصابات والأفراد المتورطين في جريمة الاتجار بالبشر، وذلك من أجل توفير نفقات الدعم النفسي والاجتماعي لفائدة الضحايا، وتكاليف الإقامة في حالة ما إذا كان الضحايا أجانب أو تيسير عودتهم إلى بلدهم الأصلي.