كلما حل اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الثامن من مارس ارتفعت الأصوات الرسمية والغير الرسمية احتفاء بالنساء على امتداد الكرة الأرضية تخليدا لهدا اليوم واعترافا وتقديرا للنساء ومع مرور شهر مارس تعود المرأة لواقع لاينصفها تجابه فيه العديد من المعيقات التي تحول دون تمتيعها بما يضمن لها حياة آمنة كريمة تسعفها في أداء أدورها على أكمل وجه وبهده المناسبة لابد من تسليط الضوء على موضوع التمكين الإقتصادي للنساء باعتباره مدخلا مهما وأساسيا لتعزيز حقوق النساء.وفي هدا السياق أشير إلى أن العقود الأخيرة من القرن العشرين شهدت اهتماما متزايدا بقضية المرأة وتصاعدت حركة واسعة النطاق تستهدف دفع الإهتمام بالقضايا المتعلقة بها على المستوى العالمي(عشرات المؤتمرات،اتفاقيات دولية على رأسها اتفاقيه CEDAW عقبتها إعلانات توصيات تقارير…).و أصبح صوت القوانين الدولية يقرع أسماعنا قسرا بشكل يعلو على صوت الآلة العسكرية، فما أن توقع الدول على الإتفاقيات الدولية بتحفظات حتى تتم ملاحقتها بالتقارير والتوصيات لرفع هذه التحفظات،وقد ساهمت هده الدينامية في الضغط على البلدان العربية وبلدان الشرق الأوسط لحلحلة قضايا النساء عموما سعيا لرفع كافة أشكال التمييز، رغم اختلافات وخصوصيات الموقعين لدلك فإن التمكين الإقتصادي للنساء في المغرب أصبحت أمرا ملحا في وقت أصبحت المرأة فيه تعاني من المظلومية المتعددة التجليات وفي كل مناحي الحياة خاصة فيما يخص حقوقها المدنية والسياسية والإقتصادية . ويعتبر التمكين الإقتصادي من أكثر المفاهيم اعترافا بالمرأة كعنصر فاعل، هدفه القضاء على مظاهر التمييز من خلال مد النساء بالآليات اللازمة للاعتماد على الذات وتعزيز شعورهن بالقوة. يهدف إلى خلق مناخ مناسب اعتمادا على خلق فرص التطوير، وتطوير المهارات والقدرات، كما يعتمد على تطوير العلاقات والإجتماعية في اتجاه الاستقرار والتوازن . التمكين الإقتصادي للنساء أصبح ضرورة ملحة لا تخدم النساء فقط ولكن تساهم في تنمية اقتصاد الدول التي أصبحت على اقتناع بأن عدم التمكين الإقتصادي للنساء له كلفة باهظة على جميع المستويات ليس فقط بالنسبة للنساء ولكن لما يمكن أن يترتب عليه من شلل في الحركة المجتمعية. فكما أن تمكين المرأة اقتصاديا رهين بحجم الفرص الاقتصادية المتاحة لها فإن تطور اقتصاد الدول رهين بحنكة الإقتصاد وقدرته على استيعاب قدرات النساء وطاقاتهن وما يمتلكنه من إمكانيات اقتصادية كامنة وأكيد أن المرأة المغربية ليست استثناء. مما لا شك فيه أن المرأة المغربية اليوم تتعدد أدوارها ومسؤولياتها وتبعا لذلك تتعرض لأنواع من القهر والإستغلال لحد الاستنزاف ،واقع تصادر معه حقوقها الطبيعية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية، مما يجعلها تتطلع لإنصاف يحررها من العجز والتبعية الإقتصادية تتحسس طريقها إليه.فمن جهة حققت المرأة بعض المكتسبات لكن لازال بينها وبين التمكين مسافة كبيرة نظرا للتحديات الإقتصادية التي تواجهها البلاد وغياب بيئة ملائمة اجتماعيا وسياسيا في غياب بناء ديمقراطي فعلي ومن جهة أخرى فالتمكين الاقتصادي للنساء الذي يستمد مشروعيته من الإتفاقيات الدولية تأثر بالتحولات الدولية والمدارس الفكرية والفلسفية السائدة، وكغيره من القيم لحقه ما لحقه من تغيير فهو خيار ناتج عن تطور اجتماعي وفكري في الغرب بالدرجة الأولى ولم يل اهتماما لخصوصيات الشعوب وطبيعة الأنظمة السياسية الشئ الذي جعل من التمكين الإقتصادي للنساء هدفا دونه عقبات. قد يبدوا هدا الحديث متجاوزا بل مثيرا للإستغراب في دول أصبح فيها تمكين النساء واقعا معاشا في مجتمعات ديمقراطية تتصف بالعدالة الإجتماعية ،لكن للأسف في بلداننا لازالنا نتديل الترتيب،ولم يحظى هدا الموضوع بالإهتمام اللازم ليس فقط في السياسات العمومية بل حتى في تفكير المجتمع لماراكم من صور نمطية ترسخت عبر ممارسات مجتمعية متواترة جعلت من المرأة شخصا من الدرجة الثانية يبقى اقتصاديا خاضعا للوصاية في كل مراحل حياته.بل منهم من يعتبر هدا النقاش خارج دائرة الشرع والحال أن الدين الإسلامي منحها من التكريم ما يجعلها تصل لمرحلة الدلال وما لم تمنحها الشرائع الأخرى. وقد يحصر البعض الترافع عن تمكين النساء اقتصاديا في تشغيل النساء باعتبارهن آلة إنتاجية يجب الإستفادة منها للرفع من النمو بغض النظر عن كيفية استغلالهن .ودون مراعاة لخصوصيات مغربنا الثقافية والإجتماعية الإقتصادية ودون التفات للمرأة العاطلة التي تعمل فعليا عملا جبارا دون عطلة خارج دائرة الحقوق الممنوحة لغيرها من النساء بل دون أدنى نوع من التقدير والإعتراف. على أي حال لا يمكن التضرع بأي عذر للتنصل من حق المرأة في التمكين الذي أصبح ضروريا لأي عملية تنموية. اد لايمكن تصور تنمية مستدامة دون إدماج المرأة وتمكينها في العملية السياسية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية.، أكيد أن هدا الأمر سيكون له تأثيرا مباشرا على القدرة التنافسية للدول، وكذا إنتاجيتها و رفاهيتها الإجتماعية كتحصيل حاصل . لكن جوهر التمكين أن تحضي المرأة بذمة مالية مستقلة يؤسس لها استقلال مادي يغنيها عن تسول حقها في الملبس والمأكل وضروريات الحياة وكافة احتياجاتها، حق تتصرف فيه بحريتها بنتا أو أما أو زوجا قد يوفره شغل أوملكية أو نفقة أو حق كد وسعاية أوحماية اجتماعية توفرها لها مؤسسات الدولة أي وسيلة أخرى تجعل كرامتها خارج دائرة التفاوض. تمكينا يخلصها من ثالوث الفقر والجهل والتخلف ويمنحها فرصا للتعليم والتأهيل والمساهمة في تنمية بلدها تنمية لاترتبط بإنتاج الثروة ومراكمة الرأسمال بقدرما ينعكس على حياتها اليومية ويحسن مستوى عيشها صحة وتعليما ويوفر لها الحماية الإجتماعية اللازمة. ولن يتأتى دلك دون تمكينها من كافة حقوقها المدنية والسياسية والإقتصادية التي لازالت تتحسس الطريق نحوها. كما أن عملية التمكين الإقتصادي للنساء في المغرب يجب أن تخضع للملائمة مع خصوصية المجتمع وثوابته حفاظا على استقلال القرار السياسي بالمغرب لدلك فإن المنظمات الحقوقية والنسائية والتي كان لها الفضل في تحسين وضعية النساء في المغرب يجب أن تتمتع بالاستقلالية اتجاه المنظمات الدولية حتى لا نستنسخ تجارب غير ملائمة للمرأة في المغرب .