أحمد الطلحي – خبير في البيئة والتنمية للسنة الرابعة على التوالي –لا قدر الله-، تعيش مدينة طنجة شحا في الأمطار، وهي المدينة المعروفة باستقبال تساقطات مطرية مهمة مثلها مثل عدد من مناطق شمال المغرب التي تتجاوز فيها التساقطات 800 ملم سنويا. ومن المعلوم أن المدينة تحتاج سنويا ل77 مليون متر مكعب من الموارد المائية لتزويد المنازل بالماء الصالح للشرب ولتوفير حاجيات مختلف الأنشطة الأخرى: الصناعة، السياحة، سقي المناطق الخضراء (1.5 مليون متر مكعب أي حوالي 2 بالمائة)… وهذه الموارد المائية توفرها ثلاثة مصادر هي: سد 9 أبريل الذي تبلغ حقينته 300 مليون متر مكعب، سد ابن بطوطة بطاقة استيعابية تصل إلى 29 مليون متر مكعب (سترتفع إلى 70 بعد إنجاز مشروع تعلية حاجز السد)، والفرشة المائية شرف العقاب بنفس طاقة سد ابن بطوطة تقريبا. وحسب آخر المعطيات (3 يناير 2022) فإن نسبة ملء سد 9 أبريل في حدود 17.3 في المائة (52 مليون متر مكعب)، و31.9 في المائة في سد ابن بطوطة (9.3 مليون متر مكعب). أي ما مجموعه 61.3 مليون متر مكعب، بمعنى أن هناك عجز لا يقل عن 16 مليون متر مكعب، إذا تم استغلال كل الكميات المعبأة، الأمر الذي لا يحدث أبدا، كما أن مياه فرشة شرف العقاب لا يتم اللجوء إليها إلا في حالة الضرورة القصوى كتعطل محطة المعالجة. فهل ستعيش المدينة وضعية صعبة في الشهور القادمة خصوصا في فصل الصيف؟ نتمنى ألا يقع ذلك، وأن تعرف المنطقة مزيدا من أمطار الخير فيما تبقى من الفصل المطير. لكن، السؤال الذي يطرح دائما هو لماذا تعيش المدينة هذه الأزمات وهي الواقعة في أغنى منطقة بالموارد المائية بالمغرب؟ نفس السبب يتكرر للأسف، هو تأخر أشغال المشاريع المائية بالمنطقة: في التسعينات كان هناك تأخر أشغال بناء سد 9 أبريل، واليوم نشهد تأخر أشغال مشروع تحويل مياه سد خروب (إقليمالعرائش) إلى طنجة وكذلك مشروع تعلية حاجز سد ابن بطوطة. وحتى إذا تم الانتهاء من هذه الأشغال في القريب العاجل إن شاء الله، فلا بد من التفكير الجدي في مشاريع بديلة. وأهم مورد لا يتم استغلاله حاليا بالشكل والمستوى المطلوب، هو المياه العادمة التي تنتجها المدينة، حيث يمكن إعادة استعمال نسبة كبيرة من المياه المستهلكة سنويا في المدينة (77 مليون متر مكعب)، وذلك يحتاج لإنجاز المشاريع التالية: – تعميم الربط بشبكة التطهير السائل، خصوصا الأحياء العشوائية – إصلاح وصيانة الشبكة باستمرار – إتمام إنجاز الشطر الثاني لمحطة بوخالف لمعالجة المياه العادمة، بحيث سيتم الرفع من الطاقة الإنتاجية للمياه العادمة المعالجة من 10 آلاف متر مكعب يوميا إلى 30 ألف، مما سيمكن من توفير أكثر من 10 ملايين متر مكعب سنويا، أي 14 بالمائة من المياه المستهلكة سنويا – تحويل محطة بوقنادل من مستوى المعالجة الأولية إلى مستوى المعالجة الثلاثية، بحيث يتم صب ما لا يقل عن 160 ألف متر مكعب يوميا في وسط البحر من خلال أنبوب في البحر يتجاوز طوله كيلومتر، أو العمل على الأقل على تحويل جزء من هذه المياه إلى محطة بوخالف لمعالجتها معالجة ثلاثية حتى تتم الاستفادة منها – بناء المحطة الثالثة لمعالجة المياه العادمة، وأفضل موقع لها هو الجنوب الغربي للمدينة حيث التوسعات السكنية وحيث موقع المنطقة الصناعية طنجة تيك محمد السادس – توسيع شبكة توزيع المياه العادمة المعالجة لتغطي مختلف مناطق المدينة، خصوصا المناطق التي تحتاج لهذه المياه: المناطق الخضراء، المناطق الصناعية، والمناطق السياحية كما أنه بالإمكان توفير كميات مهمة من المياه إذا تم تعميم ثقافة الاقتصاد في استهلاك الماء، سواء في المنازل أو المرافق العمومية، وخصوصا في البنايات السياحية إذ يعتبر القطاع السياحي من القطاعات الأكثر استهلاكا للماء الصالح للشرب. نتمنى أن تعرف هذه المشاريع طريقها للإنجاز، ونتمنى ألا يقع القطب الاقتصادي الثاني للمملكة في مثل هذه الأزمات حاليا ومستقبلا، نتيجة سوء التخطيط أو سوء التنفيذ، أو هما معا.