أوصت الندوة الجهوية الخامسة حول ترشيد الاعتقال الاحتياطي، المنعقدة يومي 20 و 21 دجنبر الجاري بطنجة، بحزمة من الإجراءات لترشيد هذا الإجراء القانوني وتعزيز اللجوء إلى بدائله. وجاء في التقرير الختامي للندوة، التي تميزت بمشاركة رؤساء الهيئات القضائية والغرف المكلفة بالبت في قضايا المعتقلين وقضاة التحقيق والنيابة العامة بالدوائر القضائية للرباط والقنيطرة وطنجة وتطوان والحسيمة، أنه على مستوى الحاجة إلى تطوير الإطار القانوني الوطني، يتعين التعجيل بإصدار قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي، ووضع إطار قانوني محكم للمحاكمة عن بعد، واعتماد بدائل الاعتقال، وكذا مراجعة مفهوم الاعتقال الاحتياطي عبر تعديل الفصل 618 من قانون المسطرة الجنائية ليتماشى مع المفهوم الأممي. أما على مستوى الحرص على تفعيل توصيات المؤسسات والهيئات الوطنية، فقد دعا التقرير إلى تفعيل التوصيات 66 و 69 و 137 و 140 للميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الانسان، والرامية إلى توسيع قاعدة الجرائم القابلة للصلح، وإقرار بدائل العقوبات السالبة للحرية، وتشجيع اللجوء إلى الوساطة والصلح والتحكيم، إضافة الى تنويع تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية، وإعداد مخطط لدعم قدرات مهنيي العدالة في مجال تحديد العقوبات البديلة وتنفيذها. كما حث التقرير الختامي على الحرص على تنفيذ دوريات رئيس النيابة العامة حول ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتفعيل بدائله، لاسيما تلك التي همت المساطر المرجعية، والمتابعة في حالة سراح، وتفعيل الصلح الزجري المنظم، ووضعية الاعتقال الاحتياطي وتتبع القضايا المطعون فيها. و على مستوى الأداء القضائي في مجال ترشيد الاعتقال الاحتياطي، فقد أبرز التقرير "الضغط الكبير" المرتبط بالعمل اليومي، حيث تشير الإحصائيات الخاصة بالعدالة الجنائية إلى أن عدد المقدمين أمام النيابة العامة خلال سنة 2020 فاق 648 ألف شخص، تمت متابعة 18 في المائة من بينهم في حالة اعتقال. و في هذا السياق، أوصى التقرير على مستوى اتخاذ قرار الاعتقال بعقلنة استعمال سلطة الاعتقال الاحتياطي باستحضار قرينة البراءة، والعناية بتدبير الأبحاث الجنائية وعدم المبادرة إلى تحريك الدعوى العمومية في حالة اعتقال إلا بعد توفر وسائل الإثبات الكافية، وبذل مزيد من الجهد لتفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي، وترشيد الإحالات على قضاء التحقيق مع ملتمسات الإيداع في السجن. فيما على مستوى تدبير ملفات المعتقلين، شدد التقرير على الحرص على البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين في أجل معقول وتعجيل تجهيز الملفات المطعون فيها وإحالتها على المحاكم الأعلى درجة، و كذا ترشيد الطعون، ومواكبة ملفات المعتقلين في مرحلة التحقيق الإعدادي، بينما على مستوى التواصل مع رئاسة النيابة العامة فقد حث التقرير على التفاعل الإيجابي بتنزيل الدوريات والمناشير والتتبع اليومي والمستمر لمعدلات الاعتقال الاحتياطي والانخراط في استراتيجية رئاسة النيابة العامة في الشق المتعلق بتحديث أساليب الإدارة، مع إشعارها بالصعوبات المتعلقة بتدبير الاعتقال الاحتياطي. وقد توزعت أشغال هذه الندوة الجهوية الخامسة على أربعة محاور تتمثل في تناول الإطار العام لتدبير الاعتقال الاحتياطي، ومعايير الاعتقال الاحتياطي سواء في إطار الأنظمة الأوروبية أو التشريع المغربي، وبدائل الاعتقال الاحتياطي وفق التشريع المغربي، وحقوق المعتقلين ومدى تأثير الاعتقال الاحتياطي على برامج إعادة تأهيل السجناء وحماية الفئات الهشة. يذكر أن الندوات الخمس حول ترشيد الاعتقال الاحتياطي، والمنظمة بكل من الدارالبيضاء ومراكش وأكادير وفاس وطنجة، تميزت بمشاركة 619 قاضيا بمختلف محاكم المملكة، 357 من بينهم بشكل حضوري، و 262 مشارك عن بعد. وجاء تنظيم هذه الندوات في سياق إشراف رئاسة النيابة العامة على تنفيذ توجهات السياسة الجنائية وتكريس أولوياتها الاستراتيجية ، الرامية إلى تعزيز وحماية الحقوق والحريات وتحسين أداء قضاة النيابة العامة في مجال ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتفعيل بدائله.