دعا المشاركون في الندوة الجهوية الثانية حول ترشيد الاعتقال الاحتياطي، التي اختتمت أشغالها، أمس الثلاثاء بمراكش، إلى تطوير الإطار القانوني الوطني ليشمل بدائل اعتقال متنوعة تتلاءم مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمملكة. وأكدوا على أهمية تعديل مقتضيات الفصل 618 من قانون المسطرة الجنائية، والذي يعتمد التعريف الموسع للاعتقال الاحتياطي، واعتماد التعريف الاممي الذي يعتبر أن المعتقل الاحتياطي هو الشخص الذي لم يصدر في حقه أي حكم. وشدد المشاركون ضمنهم قضاة النيابة العامة ورؤساء الغرف الجنائية والجنحية وقضاة التحقيق، على ضرورة التعجيل بإصدار قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي ، ووضع إطار قانوني محكم للمحاكمات عن بعد. وأوصى المشاركون بالحرص على تنفيذ دوريات رئيس النيابة العامة حول ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتفعيل بدائله، وتفعيل توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان والتي تدعو إلى تنويع تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، وتنويع تدابير مسطرة الصلح المنصوص عليها في المادة 41 من القانون نفسه، وسن العقوبات البديلة وتنويع أشكالها، ومراعاة المعايير الدولية المنظمة لبدائل الاعتقال بما فيها توصيات مجلس أوروبا المتعلقة بالسراح المشروط والوضع تحت الاختبار. كما تضمن البيان الختامي لهذه الندوة، الحرص على تفعيل توصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، خاصة التوصية 66 المتعلقة بتوسيع قاعدة الجرائم القابلة للصلح مع تعميم إمكانية اللجوء إلى الصلح أمام قاضي التحقيق وهيئة المحكمة، وكذا بعد صدور الحكم في بعض القضايا، والتوصية 69 التي تهم إقرار بدائل العقوبات السالبة للحرية، والتوصية 137 المتعلقة بتشجيع اللجوء إلى الوساطة والصلح والتحكيم لحل المنازعات، والتوصية 140 الخاصة بإقرار بدائل للدعوى العمومية خارج القضاء الزجري كالصلح والوساطة بشأن بعض الجرائم. وأكد جميع المشاركين على وعيهم والتزامهم بترشيد الاعتقال الاحتياطي، وسعيهم الحثيث بشكل يومي إلى حماية حقوق الأفراد دون المساس بحرية الأشخاص المشتبه فيهم أو المشتكى بهم ، رغم الضغط الكبير الذي يرتبط بأداء العمل اليومي، وهو ما تؤكده الإحصائيات الخاصة بالعدالة الجنائية التي تشير إلى أن 18 في المائة من الأشخاص المقدمين أمام النيابات العامة يتم اعتقالهم، بينما يتابع أكثر من 71 في المائة في حالة سراح. وفي هذا الصدد، دعا المشاركون إلى بدل المزيد من الجهد لتفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي المتاحة بموجب قانون المسطرة الجنائية سواء تعلق الأمر بالكفالة المالية أو بالصلح الزجري، والحرص على البث في قضايا المعتقلين الاحتياطيين في اقرب الآجال وتجهيز الملفات المطعون فيها وإحالتها على المحاكم الأعلى درجة. وشددوا على ضرورة عقلنة استعمال سلطة الاعتقال الاحتياطي باستحضار قرينة البراءة والأعمال الدقيق للمقتضيات القانونية المنظمة لشروط الاعتقال، والعناية بتدبير الأبحاث الجنائية وعدم المبادرة إلى تحريك الدعوى العمومية في خدمة حالة اعتقال الا بعد توفر وسائل الاتبات الكافية لتفادي صدور الأحكام بالبراءة في قضايا المعتقلين. وتضمنت اقتراحات المشاركين التي من شأنها أن تساعد في تخفيض معدلات الاعتقال الاحتياطي، ترشيد الإحالات على قاضي التحقيق مع ملتمسات الإيداع في السجن، والتماس تدابير المراقبة القضائية كلما توفرت شروط ذلك، واقتضته ظروف وملابسات القضية. وخلص المشاركون الى العناية بالإشكالات المتصلة بعلاقة الاعتقال الاحتياطي بتنفيذ العقوبات السالبة للحرية، بما فيها حالات تعدد الجرائم وإدماج العقوبات ، واحتساب مدة العقوبة عند تعدد الاوامر بالايداع في السجن في حق الشخص، وفقا لما يقتضيه القانون، واستبعاد الدوريات القديمة التي لاتتلاءم مع التشريع الحالي. وتندرج هذه الندوة الثانية، في إطار سلسلة ندوات جهوية حول "ترشيد الاعتقال الاحتياطي"، المنظمة بمبادرة من النيابة العامة بشراكة ودعم من الاتحاد الأوروبي بمدن الدارالبيضاء ومراكش وأكادير وفاس وطنجة، وسيستفيد منها 450 قاضيا من رؤساء الهيئات القضائية ورؤساء الغرف التي تبث في قضايا المعتقلين، وقضاة التحقيق وقضاة النيابة العامة بمختلف محاكم المملكة. ويأتي تنظيم هذه الندوات في سياق إشراف النيابة العامة على تنفيذ توجيهات السياسة الجنائية، في جانبها الهادف إلى تعزيز حقوق وحريات الأفراد، وكدا تحسين أداء قضاة النيابة العامة في مجال ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتفعيل بدائله، فضلا عن سعيها إلى انفتاح المشاركين على المعايير الدولية والاوروبية المعتمدة في مجال الاعتقال الاحتياطي، والتعرف على المناهج الحديثة المعتمدة لمراقبة وتتبع إجراءاته، وتبادل الخبرات والتجارب مع الخبراء الأجانب. وتناول المشاركون في هذه الندوة مجموعة من المواضيع البالغة الأهمية همت على الخصوص "الإطار العام لتدبير الاعتقال الاحتياطي " و" معايير الاعتقال الاحتياطي" و" بدائل الاعتقال الاحتياطي" و" الاعتقال الاحتياطي وحماية الحقوق".