قال أحمد والي علمي رئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية برئاسة النيابة العامة، اليوم الاثنين بمراكش، خلال تشخيصه لواقع الاعتقال الاحتياطي في المغرب، إنه بالرغم من اعتماد تقنية المحاكمة عن بعد كتجربة رائدة توازن بين ضمان حق المعتقلين في المحاكمة التواجهية من جهة، وضمان السلامة الصحية من جهة أخرى، فإن انطلاقتها وما واكبها من صعوبات واختلاف في مدى قبول الخضوع لها من عدمه، أدى إلى حدوث بعض التأخير في تصفية قضايا المعتقلين ، وبطئ في سير إجراءاتها. وأضاف والي علمي، في عرض تقدم به خلال أشغال الندوة الجهوية الثانية حول ترشيد الاعتقال الاحتياطي، أن هذه التجربة انعكست سلبا على أعداد المعتقلين الاحتياطيين التي لم يتم البث في قضاياهم، حيث وصل عددهم عند متم سنة 2020 إلى 38836 معتقلا احتياطيا، لم يصدر في حقهم حكم حائز لقوة الشيء المقضي به، من أصل 84990 سجينا في مجموع المؤسسات السجنية الوطنية بنسبة 45.69 في المائة. وأوضح والي علمي، أن مفهوم الاعتقال الاحتياطي على المستوى الدولي، يرتبط بالفترة السابقة عن المحاكمة، أو على أبعد تقدير إلى حدود صدور حكم ابتدائي بالإدانة، مبرزا أن هذا التوجه الأخير هو المعتمد على مستوى منظمة الأممالمتحدة. في المقابل، أكد والي علمي أن هذا الأمر يتجاوز على الصعيد الوطني المفهوم الأممي للاعتقال الاحتياطي ليشمل كل شخص معتقل، ولو كان محكوما بعقوبة سالبة للحرية بموجب حكم ابتدائي أو قرار استئنافي، مشيرا إلى أنه يظل معتقلا احتياطيا إلى حين اكتساب الحكم الصادر في مواجهته لقوة الشيء المقضي به، بعد البث في الطعن بالنقض، بالنظر للجوء معظم المعتقلين إلى الطعن تلقائيا في الأحكام الصادرة في مواجهتهم سواء بالاستئناف أو النقض. وحسب رئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية برئاسة النيابة العامة، فإن عدد المعتقلين الاحتياطيين الذين لم يصدر في حقهم أي حكم ابتدائي لم يتجاوز 15359 معتقلا في نهاية سنة 2020، أي ما نسبته 18.07 في المائة من مجموع الساكنة السجنية البالغ عددها 84990 سجينا. وأشار إلى أن الارتفاع الحاصل في عدد المعتقلين الاحتياطيين، ناتج عن انخفاض وتيرة تصفية القضايا الخاصة بهم، مبرزا أن هذا الارتفاع لايعبر عن خلل حقيقي في ترشيد الاعتقال الاحتياطي، بقدرما هو نتيجة وقتية للاضطراب الذي عرفه تدبير جلسات المعتقلين والذي أفرزته جائحة كورونا، بحيث يمكن تخفيضه بمجرد عودة المحاكم إلى إيقاعها الطبيعي في العمل. ودعا في هذا الإطار، إلى تسريع البث في قضايا المعتقلين خاصة القضايا التي يمكن أن تحكم بالبراءة أو الموقوف، والعمل على تفادي مسببات صدور أحكام تقضي بالبراءة أو قرارات بعدم المتابعة في قضايا المعتقلين، مع ضرورة تحري وسائل الاتبات والقرائن الكفيلة بالمتابعة التي تترتب عنها الإدانة، ومضاعفة جهود قضاة النيابة العامة لترشيد الاعتقال الاحتياطي ، وعدم اللجوء إليه إلا في الحالات الضرورية. ويأتي عقد هذه الندوة الجهوية، التي تنظمها رئاسة النيابة العامة بدعم من الاتحاد الأوروبي، في إطار تنفيذ توجهات السياسة الجنائية التي تشرف عليها رئاسة النيابة العامة في مجال تعزيز حقوق وحريات الأفراد، وكذا تحسين أداء قضاة النيابة العامة في مجال ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتفعيل بدائله. وتهدف هذه الدورة التكوينية إلى الاطلاع على المعايير الدولية المعتمدة في مجال الاعتقال الاحتياطي، وتبادل الخبرات والتجارب في هذا الإطار مع الخبراء الأجانب، والتعرف على المناهج الحديثة المعتمدة لمراقبة وتتبع إجراءات الاعتقال الاحتياطي. وسيتناول المشاركون في هذه الندوة مواضيع تهم "الإطار العام لتدبير الاعتقال الاحتياطي" و"معايير الاعتقال الاحتياطي" و" بدائل الاعتقال الاحتياطي" و" الاعتقال الاحتياطي وحماية الحقوق".