لا يخفى على كل ذي لبّ سليم أن الإعلام سلاح ذو حدين، ففي برامجه ما هو مفيد ونافع، يجمل ويستحسن متابعته، وفيها ما هو ضار ومفسد للقلوب والعقول ، وهو الغالب، للأسف الشديد، وكل واحد منا بصير بنفسه، ولو ألقى معاذيره… فالحذر الحذر من متابعة واستمراء هذا النوع من البرامج التافهة الساقطة، التي تشوش على الصائمين صيامهم، وتحول بينهم وبين متطلبات هذا الشهر الفضيل من أجواء ربانية صافية، وآفاق روحانية عذبة، وتتنافى مع ما له من حرمة وقداسة ينبغي مراعاتها… ومما ينبغي أن نستحضره دائما أن وسائل الإعلام عموما، وخاصة المرئية منها، هي بمثابة (الجليس الصالح) و (الجليس السوء) ، وشتان ما بينهما… لذا وجب علينا أن ننتقي ونتخير من برامجها ما كان نافعا مفيدا هادفا … والانتقاء والتخير الراشد لبرامج الإعلام يحتاج إلى صبر ومجاهدة للنفس. قال ربنا تبارك وتعالى- آمرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يصبر نفسه مع الأخيار من عباده الصادقين الذاكرين المخلصين ، وناهيا له عن مخالطة ومجالسة وطاعة الغافلين عن ذكره، المتبعين لأهوائهم- : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تَعْدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا). وليعلم المسؤولون عن وسائل إعلامنا أنهم يتحملون القسط والنصيب الأوفر من الآثام والأوزار على ما يعرضونه في هذا الشهر الكريم من برامج تافهة ومن سخافات …!! ، يتحملون أوزارهم وأوزار من يغروهم بمتابعتها واستمرائها، كما قال ربنا تبارك وتعالى : ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ) . وإننا لنسأل الله لهم الهداية، ونهيب بهم وبكل الغافلين التائهين أن يعودوا إلى رشدهم ويستجيبوا لقول رب العزة سبحانه: ( ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويُجِرْكم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين). ألا فليحرص كل واحد منا على عدم تلويث صيامه بمختلف جوارحه، لكي لا يضيع على نفسه فرصة التّطهُّر ، ويحرمها من المغفرة الموعودة، وليحترس كل الاحتراس من أن يصيبه ما دعا به جبريل عليه السلام وأمّن عليه النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار، فأبعده الله!! ، فقل "آمين" ، فقلت: "آمين" ). تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وغيرهما من صالح الأعمال، وجعل حظنا جميعا من هذا الشهر الكريم الرحمة والمغفرة والعتق من النار .