يعتبر شهر رمضان المبارك مناسبة خاصة بالنسبة للتطوانيين لتجديد الوصل بالعادات والتقاليد، سواء من حيث الملبس أو عادات الطبخ. وإلى جانب تحضير الأطباق الشهية والوجبات التي لا غنى عنها خلال هذا الشهر الفضيل ك"الشباكية" و"السفوف" و"البريوات" و "لمقروط بالتمر" و"السيجار بالأرز والعسل" وطبق "المجبنة" الشهير الذي يزين المائدة الرمضانية، يبدي التطوانيون اهتماما كبيرا بالأزياء التقليدية التي تتناسب مع طقوس وأجواء الشهر الفضيل. هذا الاهتمام الجلي والواضح من قبل ساكنة مدينة تطوان والمدن المجاورة لها بالأزياء التقليدية يثلج كثيرا صدر مصممي الأزياء وأصحاب محلات الخياطة وبائعي الأقمشة والمنتجات الجاهزة، بالإضافة إلى عدد من المتدخلين في سلسلة الإنتاج هاته الذين يكافحون من أجل التعافي من الأزمة الناتجة عن جائحة كوفيد -19. ويحرص أصحاب محلات الخياطة ومصممو الملابس بتطوان على التجاوب بفعالية مع هذه الطلبات، من خلال إبراز ما يمتلكونه من موهبة وبراعة وإبداع لتلبية وإرضاء الرغبات الملحة للزبناء. وأوضحت مصممة الأزياء، نجاة بنسليمان، أن شهر رمضان المبارك يعد مناسبة لإعادة النظر في العادات الخاصة بالألبسة وتقوية الروابط الاجتماعية والعائلية، مسجلة أن التطوانيين يولون اهتماما خاصا بالألبسة التقليدية في إطار الاحتفال بهذا الشهر الفضيل، من خلال تحضير عدد من الألبسة والأزياء التقليدية ك"الجلابة" و"القفطان" و"الجبادور"، وألبسة تقليدية أخرى لجميع أفراد الأسرة دون استثناء. واختارت السيدة بنسليمان في مجموعتها الجديدة الخاصة بفصلي الربيع والصيف، التي تتزامن هذه السنة مع شهر رمضان، ألوانا زاهية وفاتحة ومجموعة واسعة من الأقمشة عالية الجودة، تمزج بين الأصالة والمعاصرة لإرضاء جميع الأذواق والفئات العمرية. وأبرزت هذه المصممة الموهوبة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، "حاولت أن أضفي لمسة خفيفة من المعاصرة على الملابس التقليدية، لجلب الزبناء الراغبين في اقتناء ملابس تقليدية أنيقة ومحترمة، تتميز بالعصرنة"، مشيرة إلى أنها اختارت الاشتغال على الألوان النابضة بالحياة والقصات الأنيقة لفسح المجال لإطلالات جميلة وناعمة، تجدد روح التفاؤل والحماس في هذه الأوقات الصعبة من الجائحة. وأشارت نجاة إلى "وجود إقبال كبير ومستمر للنساء اللواتي يرغبن في اقتناء أزياء تقليدية لاستقبال شهر رمضان في أبهى حلة، وهو ما يعد جزءا من تقاليدنا"، مشيرة إلى أنها تقترح على زبوناتها المنحدرات على الخصوص من تطوان ومارتيل والفنيدق وطنجة والعرائش والرباط، تشكيلات متنوعة لجلابات مصنوعة من قماش الحرير والمليفة والصوف والجلد المدبوغ، لأن الطقس لا يزال باردا، فضلا عن الأزياء المصنوعة من الأقمشة الخفيفة والصيحات الحديثة، لتشجيع الفتيات الصغار اللواتي يرغبن في اتباع أحدث صيحات الموضة على ارتداء الملابس التقليدية. من جهتها، أفادت نسرين، إحدى الزبونات اللواتي تترددن باستمرار على المحل، أن "الملابس التقليدية التي تقترحها السيدة بنسليمان صممت بعناية فائقة وأضيفت عليها لمسة راقية وأنيقة وعصرية"، مضيفة "سبق لي اقتناء جلابة من المحل راقتني كثيرا، لذلك قدمت مجددا لاختيار موديل من المجموعة الجديدة لشهر رمضان". من جهته، أكد مصطفى الحضار، خياط للملابس التقليدية للرجال والنساء بالفنيدق، إن الطلب على الجلاليب والجبادورات والقندورات ارتفع في الأيام الأخيرة بمناسبة شهر رمضان المبارك، مسجلا أن حجم الاهتمام بالأزياء التقليدية يتزايد عموما خلال الأعياد الدينية. وشدد على أن "التطوانيين، رجالا ونساء، متشبثون دائما بالملابس التقليدية التي تفسح لهم المجال لارتداء لباس محترم، وتعكس التنوع الثقافي والفني للبلاد"، مؤكدا أن "أمام الزبائن العديد من الخيارات وبأسعار في المتناول". وبالرغم من الآثار السلبية المرتبطة بجائحة كوفيد -19، فإن التطوانيين يحرصون، كما جرت العادة، على استقبال شهر رمضان الفضيل في أجواء عائلية تطبعها البهجة والحميمية والتفاؤل.