عماد بنهميج - ناشط حقوقي أخيرا أسدل الستار عن الجدل والقيل القال، والأخبار التي ترد من هنا وأخرى من هناك حول مصير حضرية تطوان الذي كان يتأرجح بين التجمع الوطني للأحرار " الطالبي العلمي " وحزب العدالة والتنمية " إدعمار " الذي كانت من نصيبه بعد اتفاق الأغلبية الحكومية وانسحاب " الطالبي العلمي " من السباق مقابل مغريات وضمانات لا يعلمها إلا الراسخون في صنع التحالف. حزب التجمع الوطني للأحرار الذي لا يعرف القيام بدور المعارضة، كونه صنيعة الإدارة المغربية ليكون بمثابة يد وذراع النظام داخل الحكومات المتعاقبة منذ تأسيسه على يد " أحمد عصمان " صهر الملك الراحل " الحسن الثاني " والرجل القوي الذي ترأس البرلمان لسنوات طوال. يجد نفسه مرة أخرى بتطوان خلف الستار ومجرد مكمل لحزب العدالة والتنمية الذي استفاد من تجربة الست سنوات الماضية في تسيير حضرية تطوان واستطاع نسج علاقات متشعبة وتأسيس جمعيات موالية كان لها الدور الحاسم في تبوأه الصدارة. ما هو مؤكد بشكل قطعي أن " الطالبي العلمي " لن يقبل بمنصب نائب الرئيس " الكومبارس " في مجلس حضرية تطوان وهو الذي أكد على ذلك بنفسه في عدة لقاءات مع الناخبين، حيث كان يرى نفسه المنقذ والمخلص لمدينة تطوان من أيدي العدالة والتنمية التي اعتبر مرحلتها على رأس حضرية تطوان بالأسوأ في تاريخ المدينة. هكذا سيعود " الطالبي العلمي " لممارسة مهامه على رأس البرلمان الذي لم يتبقى على انتهاء صلاحيته سوى سنة واحدة والبحث عنن مستقبل آخر بعيدا عن عالم السياسة والأحزاب والانتخابات وهو الأمر المرجح بشكل قوي. " لقد نظر ابن خلدون للدولة على أنها كائن حي يولد وينمو، ثم يهرم ليفنى.فللدولة عمر مثلها مثل الكائن الحي تماما "مقولة يمكن إسقاطها أيضا على الأحزاب السياسية التي يشيخ بعضها ويهرم ويموت، وأخرى تمرض فتعجز عن النهوض، وأخرى تولد من رحم التقلبات السياسية والأوضاع الداخلية والخارجية لتستمر دورة حياة الأحزاب بشكل تبقى معه الدولة قائمة بذاتها. من هذا المنطلق يتوقع الكثير من المتابعين والمراقبين للوضع السياسي بتطوان دخول حزب التجمع الوطني للأحرار في مرحلة الوفاة البطيئة خاصة وأن مؤسسه وعرابه " الطالبي العلمي " سيولي ظهره للحزب للبحث عن مستقبله السياسي أو الخاص بعد دفعه مرغما على الانسحاب من السباق حول حضرية تطوان وهو الذي كان يراها سندا كبيرا في تمكنه من العودة للبرلمان، بعد أن فقد أيضا حظوظه في ترأس الجهة لعدم ترشحه في اللائحة الجهوية للحزب، وخاصة أن رئاسة البلدية يكون لها دور بارز في الرفع من شعبية مرشحي البرلمان. المتتبع لمسار حزب " الحمامة " بتطوان يعرف جيدا أن هذا الحزب ليس سوى دكان انتخابي قائم على المصالح الشخصية لمرشحيه، بل الأكثر من ذلك أن لا أحد من أعضائه حاليا تجمعي بالهوية والانتماء بل هو مجرد تجميع لشتات الأحزاب الوطنية والتقدمية بتطوان وهنا نورد بعض الأسماء التي بدأت مسارها السياسي والانتخابي من داخل حزب القوات الشعبية ( الحسيوتي – الشرقاوي – البكوري – الإدغيري – عبد الكريم الشرقاوي – العدلوني.. ) وأخرى من التقدم والاشتراكية وبعضها الآخر من حزب الاستقلال… وهكذا فإن الانتماء للحزب يبقى مرتبط بما يتحقق من مصالح شخصية داخل مجلس حضرية تطوان. الأمر الذي قد يعجل بثورة رحيل غير مسبوقة في تاريخ هذا الحزب بالعودة للأصل أو تأسيس أحزاب جديدة كما فعل " الشرقاوي " سابقا مع حزب العهد ليشكل أغلبية داعمة لرئيس حضرية تطوان " إدعمار " خلال الولاية السابقة. التاريخ السياسي والحزبي بتطوان يشهد باضمحلال واندثار أحزاب كانت دائما مرتبطة بالشخص وليس بالتنظيم وكمثال على ذلك حزب " الاتحاد الدستوري " الذي لم يعد له وجود بتطوان وهو الذي كان يتسيد المشهد في عز قوة عرابه " عبد السلام بركة " أوائل التسعينيات من القرن الماضي والذي بمجرد ما انتهى دوره السياسي المحلي وتعيينه سفيرا للمغرب في إسبانيا، حتى شيع الحزب إلى مقبرة التاريخ وغادره الجميع إلى غير رجعة، وهو نفس المصير الذي ربما ينتظر حزب التجمع الوطني للأحرار وغالبية الأحزاب الإدارية التي تفتقد إلى الشرعية التاريخية والجماهيرية عكس الأحزاب الوطنية التي تمرض ولكنها لا تموت. ما هو مؤكد في كل ما حدث من تجاذبات وتحالفات وتنازلات أن حزب التجمع الوطني للأحرار بتطوان يُسيَّرُ بثقافة الراعي الذي يقود القطيع دون أن يكون لهذا الأخير الحق في إبداء الرأي أو الاعتراض أو حتى الثورة على المصير الذي يقوده إليه الراعي، حتى ولو كان هذا الطريق مليئا بالأشواك وتحت رحمة الذئاب التي تنتظر الانقضاض على القطيع في أي لحظة وتشتيت صفه إلى غير رجعة.