محسن الشركي لاجدال في كون فريق المغرب التطواني، قد تخطى الحواجز الصعبة لبداية الموسم، وقطع أشواطا على مسار انتقاله السليم نحو ضمان استقرار أوضاعه، وإن كانت هناك ألغام أخرى متناثرة تبرز من حين لآخر، إزاء أية نتيجة سلبية للفريق. وكأن هذا الفريق المحدود في إمكانياته البشرية والمادية لم يخلق لينهزم. هزيمة المغرب التطواني الأخيرة بميدانه أمام حسنية أكادير ، أفقدت قطاعا من الناس -لا يؤمن إلا بالفوز نتيجة- ذاكرة بداية الموسم، عندما كان الفريق يحتاج فقط إلى تجميع شتاته الموزع بين أبناء مدرسته، وفرق الهواة، ولاعبين مجربين على مقاس مال الفريق، المرهون أرقاما لدى المؤسسات المانحة والداعمة بسبب الإكراهات. وقتئذ، اقتضت الأوضاع أن يجتمع التدبيري والتقني والجمهور الغيور، على عهد وهدف الحفاظ على الفريق في الدرجة الأولى، وتكوين فريق شاب قادر على التنافس مع الكبار بكرامة، يؤسس لسنوات من مستقبل الكرة التطوانية. وليست هذه الأهداف سهلة ومستساغة في نظر من يعرفون مقتضيات الكرة وأعرافها وتقلباتها غير الآمنة. انطلق العمل التدبيري والتقني وسط توجسات ومخاوف، كانت تبشر باندحار الفريق إلى القسم الثاني، وتنبئ بعدم قدرة المسيرين الجدد على الاستمرار لمدة 100 يوم الممنوحة للمؤسسات الرسمية في تشخيص الأوضاع وصياغة الحلول. وحامت كل صنوف التشكيك، في قدرات فريق أطلق عليه البعض اسم فريق الهواة لعبا وتسييرا، وتماهى التشويش، حتى مع بعض التحليلات التقنية التي أخطأت التوقع في قنوات وإذاعات كانت مصوبة إلى الفريق. والآن، وبعد أن اتضحت ملامح الفريق، على إثر مجهود استثنائي وعمل صامد ضد الضغط والتشويش والتشكيك، وراكم الفريق 16 نقطا في 13 جولة، واحتل المرتبة 9 تاركا خلفه فرقا عتيدة، أنفقت مئات الملايين وجمعت أسماء أجود اللاعبين، برزت من جديد نبرة الجحود، ولؤم الاعتراف بما بذل من جهود. وفجأة انتقل الثابت في الرؤية والتعهد، إلى المتحول الحالم، بسقف يفوق واقع الفريق وإمكاناته. انتقلنا من هدف البقاء وتكوين فريق شاب قادر على المنافسة، يطمئن جمهوره على البقاء ضمن أندية الدرجة الاولى ، إلى أهداف متحولة تتطلع إلى المراتب الاربعة الاولى للعب المنافسات القارية، أوإلى الفوز بالبطولة. أسطوانة السقوط إلى القسم الثاني انتهت، وسيمفونية عدم قدرة الرئيس الجديد والمدرب الحالي على مجاراة إيقاع البطولة الاحترافية ولو لمدة 6 مباريات سقطت . وتم تعويضهما بشعارات ومطالب أخرى أفقها الهدم عوض البناء، غايتها إجهاض تجربة انتقالية مؤسّسة لم يكتمل بعد نضجها، و وهي ضغوطات أخرى لا تقل مكرا وخداعا، تستغلّ طموح جمهور مشروع، يريد فريقه بطلا ولو في الحلم. فليس طبيعيا بالمرة، أن تخلق الخسارة أمام فريق اكادير كل هذا التدمر، مادام الفريق قد لعب أمام ناد مستقر تقنيا مع مدربه الأرجنتيني ميغيل أنخيل غاموندي على امتداد 3 سنوات، يتوفر على تركيبة بشرية واسعة الاختيارات وجيدة وأقوى دفاع، يمثل المغرب في البطولة الإفريقية، وانتهى الموسم الماضي في الصف الثاني مناصفة مع الوداد، بفارق النسبة فقط ، علاوة على أن نتائج مبارياته ضد فريق المغرب التطواني في اللقاءات الستة الأخيرة انتهت لصالحه. والأغرب من ذلك، أن نربط هزيمة الفريق بأسماء لاعبين بالذات مهما كانت أخطاؤهم، في ظل غياب البدائل، أو بالنهج التكتيكي للمدرب، حيث النهج يفصّل على مقاس اللاعبين وإمكاناتهم، وعندما يغيب عطاء اللاعبين تطرح كل الأسئلة على النهج وعلى المدرب. علما أن الخسارة عادية، وكان سببها خطآن فادحان في تموضع محور الدفاع. وهي أمور من صميم لعبة الكرة. وعموما هي مباراة أخرى للنسيان، ولتصحيح الأخطاء، وترميم الصفوف قدر الإمكان، وعلى كل مكونات الفريق، أن تتمسك بالثقة والأمل وتلتف جميعها أولا، حول المنطلق الثابت البقاء فالبقاء، وأن تطمح في ظل المتغيرات، كل مرة خطوة، إلى الارتقاء كل ما كان ذلك ممكنا. فإن أخفق الفريق في محطات ففوق طاقته لا يلام.