نظمت جمعية الطيب الإدريسي للأعمال الاجتماعية و الثقافية مساء أمس الخميس 08 نونبر 2018، بدار الثقافة بتطوان ندوة علمية وطنية بعنوان “مغربية الصحراء ومستجدات القضية الوطنية” وذلك بحضور شخصيات وطنية تمثل مشارب فكرية وتاريخية مختلفة. وافتتحت الندوة العلمية بالنشيد الوطني وآيات من الذكر الحكيم، قبل أن تتناولت رئيسة الجمعية السيدة الفاضلة “فاطمة الزهراء الشلاف” الكلمة الترحيبية التي أكدت من خلالها أن تنظيم هذه الندوة جاء بمناسبة تخليد الذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء، وتنزيلا لخطاب صاحب الجلالة، ولمكانة وحمولة قضية الصحراء المغربية، حيث عبرت عن سعادتها إثر الاحتفال بهذه الذكرى باعتبارها تعبيرا عن قيم المواطنة الوطنية الحقيقية في التحام الشعب المغربي. رئيسة الجمعية فاطمة الزهراء الشلاف مباشرة بعد ذلك افتتحت الجلسة العلمية مع الدكتور ” أحمد الدرداري ” أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، حيث تناول في مداخلته “نزاع الصحراء بين ثابت السيادة وحمولة الإدعاءات الوهمية ” معتبرا موضوع الندوة الوطنية من مواضيع الشرف والعزة والهوية، وأشار “الدرداري” إلى أن الندوة حظيت باهتمام كبير من جانب الباحثين، وسكان الأقاليم الجنوبية، ثم أكد على أن التقدم على المستوى التنموي والديمقراطي هو الحل والمخرج لمواجهة كل المشاكل التي يعاني منها المغرب، واختتم حديثه بضرورة وضع استراتيجيات، ورفع توصيات لإنجاح الحوار بين المغرب والجزائر. مداخلة الاطار الدبلوماسي والقنصل العام السابق والوزير المفوض و المستشار ثقافي، الدكتور “عبدالكامل دينية” والتي حملت عنوان “مغربية الصحراء من الثوابت الوطنية”، استعرض من خلالها الأبعاد دينية وتاريخية وأمنية وإنسانية، واعتبر أن الذكرى الثالثة والأربعون استثنائية، وأن الخطاب الملكي يفتح صفحة جديدة لخطاب المستقبل، وخطاب الأمل، وأن هذا الخطاب أعاد الدفء لعلاقة المغرب بالشقيقة الجزائر، واختتم “دينية” مداخلته باقتراح خلق آليات للتواصل المباشر والتشاور بين البلدين. أما المداخلة الثالثة فحملت عنوان “تطورات ومستجدات قضية الوحدة الترابية على المستوى الدولي والإقليمي” فكانت للدكتور “عزالدين خمريش” الأستاذ الجامعي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء المتخصص في شؤون وقضايا الصحراء، والتي أكد فيها أن قضية الصحراء هي قضية أمة، وان الإستثمار في البشر بدل الحجر أصبح مطلبا ملحا، وكذا التأكيد على ضرورة فتح المجال للدبلوماسية الموازية المتمثلة في جمعيات المجتمع المدني ومدها بالدعم المادي وتمكينها من المعطيات التي ستمكنها من المرافعة لتلميع صورة المغرب في المنتظم الدولي، والتعريف بعدالة قضية وحدتنا الترابية، واختتم مداخلته بمقولة الملك الراحل الحسن الثاني للمغاربة بخصوص الصحراء المغربية” وديعتي وأمانتي ووصيتي لكم جميعا لمن هو أكبر منا سنا ،ولمن هو أصغر منا سنا، لا تنسوا الصحراء، وإياكم أن تنسوها، لأنه من قرأ تاريخ المغرب عرف أن الخير كله من الصحراء، وأن الشر كله يأتي من الصحراء “. وخصصت المداخلة الرابعة للدكتور “الحسن بكار السباعي” الذي يشتغل “محامي بهيئة المحامين بأكادير والعيون وممثل المنضمة الدولية للفن التابعة لليونسكو بالصحراء المغربية” . والتي عنونها ب “قضية الصحراء بين الماضي والحاضر واستشراف المستقبل”، حيث استهلها بأنه من الصعوبة بمكان الانعراج في كل المحطات التي همت القضية الوطنية، ولكن لا بأس أن نورد ونتقاسم معكم بعض الأفكار وملامح الملاحم التي تعتبر مربط الفرس في موضوعنا، وأكد أنه لابد من استشراف المستقبل، وقال أيضا أن هناك العديد من القيل والقال وكثرة السؤال في قضية الصحراء، ولكن نادرا ما يتم التطرق لحدثين تاريخيين عرفتها منطقة الصحراء قبل فترة الحماية ، وحدث بعد الاستقلال . توقيع المعاهدة المغربية في 13 مارس 1895 واتفاقية مغربية اسبانية في اكتوبر 1903، وواصل حديثه عن القضية الوطنية معتبرا أن قضيتنا تقوم على عدة أسس : المغرب كان الدولة الوحيدة التي تبسط سيادتها وسلطتها على الصحراء، وكحجة على هذه السيادة توجد عدة دلائل منها : تعيين وعزل الخلفاء والقياد في الأقاليم الصحراوية . مراسلات الملوك المغاربة مع شيوخ القبائل الصحراوية . اعتراف الدول الكبرى بمغربية الصحراء وإبرامها على هذا الأساس اتفاقيات ومعاهدات دولية مع المغرب ومع غيره ، تقر فيها صراحة أو ضمنيا بمغربية الصحراء . وخلص إلى استشراف المستقبل وركز على عدة نقط أساسية يجب العمل عليها مستقبلا ، لحل قضية الصحراء المغربية عن طريق الجلوس على طاولة الحوار واللجوء إلى المفاوضات بشكل دبلوماسي، واختتم بمقولة أن السياسة ليست لعبة النوايا الحسنة أو المبادئ السيئة، بل أنها أشبه بلعبة الشطرنج بتدخل فيها عامل الذكاء والاستعداد والإلمام الجيد بقواعد اللعبة. وختم الأستاذ “خالد الادريسي” الجلسة العلمية بمداخلة عنوانها “دور الدبلوماسية الموازية في خدمة القضية الوطنية”، حيث افتتح مداخلته من شقها الأكاديمي والدبلوماسي، وأكد انه يجب العمل على تفعيل مبادئ وأسس الدبلوماسية الموازية حول قضية الصحراء المغربية وكل ما تعرفه من نزاعات وادعاءات، وختم بتركيزه على الخطاب الأخير لجلالة الملك بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، واعتبره الحل النهائي مع الشقيقة الجزائر بكل ما يحمله من انسانية و حوار موازي ودبلوماسي. بعد انتهاء المداخلات فتح مسير الجلسة “فريد العلوي” باب النقاش والتفاعل للحضور بشكل ايجابي حيث عرف عدة تفاعلات ومداخلات، تفاعل معها الأساتذة كل على حدة. وفي الختام تم فتح الشق الثاني من برنامج الندوة حيث تم تتويج الأساتذة المحاضرين من طرف الرسام العالمي “عفيف البناني” ورئيسة الجمعية، وبعدها تم رفع التوصيات التي خرجت بها هذه الندوة وهي كالتالي : دعوة الجزائر بشكل رسمي إلى المفاوضات الدبلوماسية لحل قضية الصحراء . أن الحوار يمكن أن يكون في إطار خيار الحكم الذاتي وانه الطرح الأمثل لحل القضية . ضمان سيادة المغرب في ملف الصحراء. الاستثمار في الأدلة التاريخية والقانونية والثقافية والاجتماعية بما يمكن الاجيال اللاحقة والحالية من الترافع عن القضية الوطنية. تجديد الخطاب التداولي الترافعي حول قضية الصحراء المغربة. تعزيز الجبهة الداخلية والعمل على معالجة واستحضار الجانب الإنساني في القضية. تعزيز وتثمين الثقافة الحسانية وتطوير الخطاب الإعلامي بالأقاليم الجنوبية. فتح باب التعاون المدني الدولي بين الجمعيات المهتمة بالقضية الوطنية.
وبعد رفع هذه التوصيات قامت رئيسة جمعية الطيب الإدريسي بإبرام عقد شراكة مع مؤسسة الأمال بهولندا، بهدف التعاون في كل ما يخدم العمل الجمعوي و الصالح العام، ثم قامت رئيسة الجمعية الفاضلة “فاطمة الزهراء الشلاف” برفع برقية الولاء للسدة العالية بالله. وفي الأخير تم تكريم بعض الشخصيات التي شاركت في المسيرة الخضراء وقدمت خدمات جليلة للوطن، قبل أن تختتم أشغال الندوة بأغاني وطنية مع الفنانة الصحراوية “نغم”.