وجّه مجلس أوروبا، وهو منظمة تعنى بحقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي ويوجد مقرها في ستراسبورغ الفرنسية، انتقادات شديدة اللهجة إلى إسبانيا بسبب صدها للمهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى سبتة ومليلية المحتلين في المغرب. وقال المجلس، في تقرير له، إنه بغض النظر عن التحديات التي تواجهها إسبانيا في إدارة الهجرة المختلطة يجب عليها أن تضمن الوصول الفعال للجوء في المدينتين. وقالت المنظمة، في انتقادها لإسبانيا، إن “كل شخص يصل إلى إسبانيا، بمن فيهم أولئك الذين يقفزون فوق السياج الحدودي لسبتة ومليلية، يجب أن تتم حمايتهم من الإعادة القسرية والطرد الجماعي إضافة على توفير وصول حقيقي إلى إجراءات اللجوء”. وأشار توماس بوشيك، الممثل الخاص للأمين العام لمجلس أوروبا والمعني بشؤون الهجرة، في تقريره، إلى أن مراكز الاستقبال في المدينتين، بما في ذلك المخصصة للأطفال غير المصحوبين، تعرف اكتظاظاً. وأورد المسؤول الأوروبي أن عدداً من هؤلاء الأطفال خرجوا من نظام الحماية ويعيشون في الشوارع ويحاولون ركوب السفن للوصول إلى الاتحاد الأوروبي، ودعا إلى معالجة بطء إجراءات اللجوء في المدينتين. التقرير أشار إلى أن إسبانيا تعدّ بلداً رئيسياً للاستقبال والعبور، وذلك جلي من خلال الأرقام التي تشير إلى ارتفاع كبير في عدد الوافدين وطالبي اللجوء خلال السنة الماضية. كما وقف التقرير على أن سبتة ومليلية أصبحت، خلال فترة صيف السنة الجارية، نقطة رئيسية للمهاجرين واللاجئين الذين يعبرون البحر المتوسط نحو أوروبا. وأكد توماس بوشيك أن “إدارة تدفقات الهجرة المختلطة مشكلة جميع دول أوروبا”، ودعا إلى اعتماد تدابير تُوفق بين ضوابط الحدود والأمن من جهة وحماية حقوق الإنسان لفائدة المهاجرين واللاجئين من جهة ثانية، وفقاً لمعايير مجلس أوروبا. يأتي هذا الانتقاد في وقت شرع فيه المغرب منذ أسابيع في خوض حملة ترحيل واسعة للمهاجرين غير النظاميين من مدن الشمال نحو الجنوب، وقد بررت الحكومة المغربية هذا الخطوة بتفادي وقوعهم في أيدي شبكات التهجير التي تنشط في مدن الشمال. ويلجأ المهاجرون غير النظاميين القادمون من دول جنوب الصحراء إلى المناطق المحيطة بسبتة ومليلية المحتلتين، ويختبئون في الغالب داخل الغابات المجاورة للمدينتين، ويتحينون الفرصة لتجاوز السياجات الحدودية؛ لكن السلطات الإسبانية أرجعت نسبة كبيرة منهم في الآونة الأخيرة. ويبقى تعامل المغرب مع هؤلاء المهاجرين غير النظاميين بترحيلهم نحو مدن الجنوب محط انتقاد الجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية؛ لكن الرباط تقول إن مشكلة الهجرة في المنطقة يجب أن تعالج بشكل تشاركي مع الدول المعنية، ولا تقبل لعب “دركي” لفائدة الاتحاد الأوروبي.