محسن الشركي هناك من يحاول عبثا، تسويق وهم انقسام الجماهير التطوانية حول واقع نادي المغرب التطواني ، رغم أنه من الطبيعي جدا، أن تكون جماهير الكرة متعددة الرؤية والأفكار والقراءات والتحليل وهذا لا يعني بتاتا انقسامها لأنها في الأصل والجوهر تبقى متوحدة في حب الفريق، وفية له في جميع الأوضاع ولن تنزع أبدا إلى الاصطفاف المضر بالفريق. وكما هو حال جميع الجماهير الرياضية في العالم، فالجمهور التطواني جمهور متعة ونتائج. فحين يحقق الفريق النتائج يرفع السقف للحصول على المتعة، وحين تكون المتعة بدون نتائج، يطالب بالنتائج مع الحفاظ على الفرجة. وعموما، ليست الجماهير التطوانية صوتا واحدا، بل أصوات موزعة بين شرائح وفئات شعبية، ملكاتها وقدراتها، تختلف في فهم الكرة، وتذوقها، وفي فهم الأسباب الحقيقية التي قد تؤسس النجاح، أو تسبب الإخفاق. لكن مع ذلك فهي جميعها مهوسة بعشق الفريق. إن الوضع الذي يعيشه فريق المغرب التطواني، ليس عاديا بالمرة، ما دام الفريق قد تدهور حاله في السنوات الثلاث الأخيرة، وعاش كل صنوف الأزمات التدبيرية المالية والتقنية على حد سواء، الأمر الذي كان سيؤدي إلى نزوله للقسم الوطني الثاني في الموسم الماضي كتحصيل حاصل، لولا وحدة الصف، صفّ الجماهير وصوتها المؤازر لفريقها التاريخي. تلك الأزمة المركبة نفسها قادت الفريق إلى جمع عام استثنائي، من حكمته وإيجابياته، أنه حقق انتقالا سلسا على مستوى التسيير. ليس عيبا ولاعارا ولا تبخيسا الآن، أن نعترف بواقع الأزمة وبمخلفات الوضع الاستثنائي السابق، لنجد المخارج والحلول للوضع الراهن، وليس عيبا أن نفصح عن حجم العجز المالي، ولاعن كلفة النزاعات القانونية والمالية التي يجب على الفريق أن يؤديها، بناء على أحكام الفيفا والجامعة الملكية، للاعبين الذين تراكمت ديونهم على ميزانية النادي. وعين العقل، أن يقتسم مع الجماهير الحديث عن كلفة الأجور وعن الصعوبات المالية، التي يعمل المسؤولون على الفريق على حلها تدريجيا، وأن تشارك الأوساط الرياضية توقعات نفقات التسيير للموسم الحالي وكيفية تدبيرها. إنه التواصل الذي يقلص مساحات تموقع الجماهير بشكل مجاني غير مفهوم ضد ومع، من عبر ومن حلّ، رغم أن كلاهما متفق أن مؤسسة النادي مستمرة، وتاريخها تراكم، وتجارب ممتدة. فالجماهير التطوانية، يجب أن تفهم الوضع الحقيقي للفريق، يجب أن تعي كل الإكراهات، لكي تؤسس مع المكتب الحالي تعاقدا جديدا، وتشارك في تحديد أهداف الموسم والمرحلة الاستثنائية، التي لايمكن بأي حال أن تتجاوز واقع الفريق، الذي يطمح هذه السنة وفق ميزانيته المثقلة بالإكراه والتحدي، إلى الحفاظ على الفريق في الدرجة الأولى، كهدف أساسي وثابت، مع إمكانية رفع سقف الطموح والتطلع، بناء على النتائج التي ستتحقق، حتّى لا تعيش الجماهير التطوانية أيضا على وهم أن فريقها سيلعب الأدوار الطلائعية، وعلى اعتلاء المراتب الأولى في سبورة الترتيب. وتأسيسا على ذلك، ستفهم الجماهير الواعية، بأن بناء الفريق على المستوى التقني وفق رؤية المدرب، يتحكم فيها المالي أيضا، وأن الانتدابات الوازنة لها كلفتها العالية في غياب التوازن المالي، وإن كان سوق الكرة المغربية يفتقر إلى منتوج وازن بالمعنى المطلق، عدا الذي اقتنصته فرق المال ورجال الأعمال والمؤسسات حتى قبل نهاية الموسم الماضي، والتي لا تعصف بها رياح الأزمة، مادامت مداخيلها خيالية وقارة. وإزاء هذا الحال، يجب أن نعترف، أنه في ظرف قياسي ووجيز، يمتد ما بين الجمع العام الاستثنائي يوم 13 يوليوز و26 غشت 2018، حيث خاض الفريق أولى لقاءاته الرسمية في البطولة، و2 شتنبر، حيث لعب لقاء ديربي الشمال على مستوى كأس العرش. استطاع النادي على الأقل، أن يربح رهان تكوين فريق قادر على المنافسة، يجمع بين عناصر مجربة وأخرى شابة، على مقاس الإكراه والتطلع، حتى لا نكون ديماغوجيين نتكلم لغة الخشب. فريق برؤية تقنية عميقة واشتغال جدي دؤوب ومتواصل، يلمسه كل متابع نافذ النظر، فريق قادر على أن يثبت تميّزه في البطولة، ويؤسس لمستقبل النادي وفق كل التحليلات الرياضية المحايدة والموضوعية، رغم الفارق الشاسع، في حجم الإنفاق بين أندية الاستقرار وأندية الاستثناء. وعليه، لا ينبغي أن تبدو الجماهير التطوانية منقسمة بين الماضي والحاضر، مادام للماضي إنجازاته الحقيقية، على امتداد عقد من الزمن، والتي لا يمكن نكرانها، وللحاضر أيضا مهام جسيمة لتحدي مخلفات السنوات الثلاث الأخيرة، حيث ملامح النكوص، كانت واضحة ومعلنة، الأمر الذي يتطلب تأسيس رؤية مستقبلية للعودة بالفريق إلى المجد. ومن هنا، يجب أن تنخرط الجماهير التطوانية الغيورة حقا على فريق مدينتها، في سيرورة فهم واقع الفريق أولا، ثم المشاركة ثانيا، في تعاقد شامل مع باقي مكوناته، من مكتب وطاقم تقني بقيادة مدرب لا ينام، من أجل مصلحة الفريق وتأكيد كفاءته ومؤهلاته، وعبرهما مع جميع المعنيين بوضع فريق المدينة، من سلطات عمومية ومنتخبة وفاعلين اقتصاديين وستشهرين وإعلام، لأن دعم اللاعبين ومساندتهم والالتفاف على هذه التجربة الجديدة بعيدا عن ضغوطات الماضي وظلاله يعتبر مسؤولية مشتركة. لذا، فإن انقسام الجماهير التطوانية في هذه اللحظة الحرجة بين الماضي والحاضر والأشخاص، غير صحي بالمرة، مادام الأشخاص أنفسهم لا ينزعون إلى ذلك، ومادامت التجربة الحالية، فيها كثير من بوادر الاستمرارية والتراكم سواء في مواقع التسيير، أو على مستوى الطاقم التقني، أو بعض اللاعبين الذين ساهموا في إنقاذ الفريق في الموسم الماضي، إضافة إلى حب الجماهير الذي لايفنى. وتوظيف بعض الأصوات من الجمهور، الفاقد لفهم الوقائع والمعطيات والمعلومات في معارك هامشية، خدمة لحسابات شخصية ضيقة، أولإثارة مواضيع ثانوية وساذجة عوض جوهر الأمور، أو لتخريب محاولة بناء فريق جديد في المهد، خارج المصالح الذاتية والوسطاء والمنتفعين، يعتبر سلوكا نشازا وبغيضا، ينزع بمحسوبين عن الجمهور إلى ممارسة السب والشتم والتشويش والكلام الساقط، والتحريض على كل مكونات الفريق، عوض الانتقاد الرصين البناء، والمساهمة في الاقتراح، وفي إبداء الرأي الحر وإن كان مختلفا، وفي تقويم وتصحيح الأخطاء. إنه وهم تسويق انقسام الجماهير التطوانية في تدوينات أوتعليقات، لا تمثل تطلعات المدينة ولا تعكس صوت الجماهير، التي أنقذت الفريق العام الماضي في أحلك ظروفه من الاندحار للقسم الثاني. نعم، الجماهير التي لا تنتظر النتائج، بل تساهم بالدعم والحضور في صنع النتائج والمتعة معا.