باقتراب تاريخ الاستفتاء في كاطالونيا تزداد حدة التوتر والاحتكاك بين الحكومة المركزية المدعومة بالحزب الاشتراكي العمالي وحزب سيودادانوس والتحالف الداعي للإستفتاء بزعامة الحكومة الجهوية. أغلب المتتبعين والمحللين لهذا النزاع يؤكدون أن يوم الاقتراع الذي دعت له الحكومة الجهوية بشكل انفرادي سيكون ساخنا وسيعرف بالتأكيد مواجهات غير محمودة العواقب، بينما تؤكد الحكومة الجهوية عزمها على تنظيم الاستفتاء داخل المؤسسات التعليمية وبعض الكنائس وأنها لن تمتتثل لقرارات الحكومة والنيابة العامة بإغلاق هذه المقرات. لتحقيق ذلك جند الانفصاليون أتباعهم للإعتصام في المدارس تلافيا لتشميعها من طرف الشرطة بأوامر من النيابة العامة كمراكز محتملة ل6249 مكتب اقتراع أعلنت عنه الحكومة الجهوية لاستقبال 5 مليون ونصف ناخب مسجل في اللوائح الانتخابية، ومن 2315 مركز للتصويت فقط 163 يحتلها المعتصمون وتخضع لتطويق قوات الشرطة الجهوية تحت اشراف النيابة العامة. ارتفاع وثيرة التصعيد بين الحكومة المركزية والجهوية يرافقه ارتفاع التوتر والمواجهة وانقسام غير مسبوق في المجتمع الكطلاني انتقل إلى الشارع والمؤسسات التعليمية والجامعية وقطاعات الصحة والرياضة وغيرها، وينذر بالمزيد مع اقتراب يوم الاقتراع الذي تعتبره الحكومة الاسبانية غير قانوني. يُنتظر أن يخرج مئات الآلاف من الكطلانيين يوم الأحد 1 اكتوبر إلى الشوارع وإلى مراكز الاقتراع بين مناصرين ورافضين، وحذر نائب عمدة برشلونة من مواجهات واصطدامات محتملة بين المتضاهرين من الطرفين وبين المناصرين للإستفتاء وقوات الشرطة والحرس المدني. مع اقتراب ساعة الصفر ومهما كانت النتائج، أصبح السؤال المُقلق عن ماذا بعد يوم الاستفتاء؟ وإلى أين تتجه الأوضاع يوم الاثنين 2 أكتوبر؟ وهل سيستمر التصعيد واحتمالات اعلان الحكومة الجهوية عن ميلاد جمهورية كاطالونيا وتجاهل موضوع قانونيتها واجراء الاستفتاء في شروط لا تضمن الشفافية والنزاهة جراء اجراءات الالغاء من طرف الحكومة المركزية . حزب مرشح الوحدة الشعبية (عضو التحالف من أجل الاستقلال اليساري المتطرف) أعلن اليوم على لسان رئيسة فريقه في البرلمان الجهوي عن استعدادات جارية لدعوة البرلمان الجهوي للإجتماع يوم الثلاثاء 3 أكتوبر بصفته جمعية تأسيسية وإعلان الاستقلال حسب ما ينص عليه القانون الانتقالي الذي صادق عليه البرلمان الجهوي وألغته المحكمة الدستورية، كما دعا نفس الحزب إلى إضراب عام في كاطالونيا والإعلان عن عصيان مدني شامل، في المقابل تراوحت تصريحات الحزب الديموقراطي الذي يقود التحالف الحكومي الكطلاني بين الداعية للتصعيد وإعلان الاستقلال وأخرى معتدلة داعية للحوار والمفاوضات مع الحكومة المركزية قبل الاعلان عن الانفصال. دعوات الحوار التي يدعو لها بعض الغقلاء من الحلفين وكذلك بعض القيادات في الحزب الاشتراكي تصطدم بصعوبة اجرائها بين من كانوا سببا في التصعيد والتوتر من الطرفين وتدعو بعض الأصوات إلى اسقاط الحكومة المركزية عبر ملتمس رقابة بقيادة الحزب الاشتراكي وحل البرلمان الجهوي والدعوة لانتخابات تفرز حكومة جهوية قادرة على الحوار وتحضى بثقة متبادلة مع الحكومة المركزية. مثل هذا السيناريو يصطدم باحتمالات التصعيد المنتظرة وحجم الخسائر المرتقبة في صفوف الطرفين، والأكيد أن اليوم الثاني بعد الاستفتاء سيكون بداية لمرحلة جديدة في علاقة كاطالونيا باسبانيا، علاقة لايمكن أن تستمر كما كانت عليه سابقا، كما أن استمرار هذه العلاقة يتوقف على قدرة الطرفين للتوصل إلى حلول مُرضية لكليهما، حلول قادرة على امتصاص الشعور الانفصالي لذى الكطلانيين الانفصاليين وغضب الوحدويين على السواء، ويبقى الحل الفدرالي الأكثر اقترابا وقدرة على بناء علاقة الثقة بين الطرفين مع تحقيق هامش أكبر من الحكم الذاتي يتجاوز السقف الذي ينص عليه دستور 1978. هذا المقترح سبق أن دعا له الحزب الاشتراكي لكنه لا يستقيم دون تعديل الدستور الحالي، التعديل الذي يتطلب أغلبية مطلقة وتوافقا وطنيا يشارك فيه الحزب الشعبي. تستمر حالة الكر والفر بين الحكومة الاسبانية والحكومة الجهوية في كاطالونيا ويستمر سيناريو تدابير مفاجئة من طرف الحكومة الجهوية وانصارها، هذه الأخيرة أعلنت اليوم 40 ساعة قبل تاريخ الاستفتاء عن شرائها من الصين 2500 صندوق بلاستيكي للإقتراع وقدم الناطق الرسمي للحكومة الجهوية نمودج منها دون الافصاح عن مكان تخزينها، كما أعلن عن تهييئ 2345 مركز للتصويت.. ، وانطلقت منذ اليوم عمليات اعتصام منظمة في مجموعة من المدارس بمشاركة أمهات وآباء التلاميذ تلافيا لتفعيل قرار النيابة العامة باغلاقها. هل ستتدخل قوات الشرطة والحرس المدني والشرطة الجهوية لمنع التصويت ومنع المواطنين من الالتحاق بمراكز التصويت؟ هل ستنتصر الشرعية القانونية على الشرعية السياسية ؟ هل ستنتصر قوات الردع والقرارات القضائية على مواطنين مصرين على النزول للشارع والتصويت ؟ المؤشرات تؤكد استمرار الانتظار الكطلاني لغودو. سنتابع معكم نتائج الاستفتاء غدا الأحد 1اكتوبر وتداعياته والأجوبة المحتملة على الأسئلة المطروحة.