منا من توقفت عجلة تطوره عند السبعينات والثمانينات، ولا زالت مرجعياته "ثابتة" في تلك الفترة لا تبارحها رغم تطور الأوضاع والعالم تطورا مذهلا، ولم نبذل مجهودا لنتطور مع الواقع ونطوره وفقا لما آمنّا به ونقلناه حولنا وحاولنا إقناع غيرنا به : التحليل الملموس للواقع الملموس (المنحوس)، فإن كنا عاجزين عن ذلك ألم يحن الوقت لنرحل ونترك الفرصة لمن بعدنا يواصلون المشوار بروح عصرهم ، ونبقى خلفهم نشير عليهم وننقل لهم تجاربنا إن احتاجوا إليها ؟ ألم نسمع بأن لكل عصر نساؤه ورجاله، وأننا واقعيا وعمليا أصبحنا متجاوزين، أصبحنا من أهل الرقيم في كهوفنا، ومع ذلك وضدا على الطبيعة الطبيعية والفكرية نتشبت بكراسي لم نعد أهلا لاحتلالها وبالأحرى الخلود فيها ؟ نتحوّط مرارا من الشباب ونرفض إسناد المهام الأساسية إليهم – متخفين وراء ترسانة من القوانين والأعراف – بدعوى "غياب التجربة" و"حداثة السن" و"ضرورة التكوين" … ولم نتساءل يوما : كيف يمكن لهولاء الشباب أن يتكونوا ويتعلموا ويكتسبوا تجربة وهم مقصيون مهمشون لا يصلحون إلا للسخرة و"تسخين الطرح" و"حراسة" القادة ؟ نسينا أننا في شبابنا انخرطنا بكل وعي وإرادوية وعفوية في النضال العام، وتحملنا ما تحملناه بسبب حلمنا وحماسنا وقناعاتنا، ولم يطلب منا أحد أن تتوفر فينا معايير التجربة والسن والتكوين ؟ كانت الساحة هي مدرستنا وكانت الأفكار هي حماسنا وكان الاقتناع هو حافزنا .. وخضنا معارك انتصرنا في بعضها وفشلنا في أخرى لأسباب يطول الخوض فيها .. الله يفيقنا بعيوبنا !