طالب عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أصحاب دعوات طباعة المزيد من النقود باستحضار المنطق والحجة والإقناع. أما غير الكلام غير المسؤول، فقال عنه إنه لا ينفع المغرب، خصوصا في هذه الظرفية؛ "لأننا نمر بأزمة أصعب من سابقيها.. هذه أزمة صحية واقتصادية ومالية عمت العالم بأسره، ولا يوجد من يساعدك أو يمدك باحتياطي العملة الصعبة". وقال غاضباً من هذه الدعوات خلال ندوة صحافية افتراضية مساء اليوم الثلاثاء في الرباط: "لكان لي كيدوي حمق لي كيتنصت خصو يكون عاقل"، مشيرا إلى أن توقيع اتفاقية لطباعة النقود قد تستغرق ربع ساعة؛ لكن هذا الأمر غير معقول. واستغرب من بعض الدعوات في المملكة التي تطالب بطباعة المزيد من الأوراق النقدية لمواجهة تداعيات فيروس "كورونا" المستجد. وأوضح أن دعوات طباعة النقود لامتصاص الصدمات الاقتصادية أغلفت الكثير من الحقائق وأزمات سابقة عاشها المغرب. وأضاف الجواهري أن طباعة النقود بدون قيود يؤدي إلى تضخم مفرط إضافة إلى التأثير على ميزان الأداءات والمدخرات الخارجية والعملة الصعبة، مشيرا إلى أنه "نظرا لعجز الميزان التجاري للمملكة بحوالي 200 مليار فهذا يعني أننا نستورد أكثر مما نصدر". وأبرز أن من بين أسباب أزمة الاقتصاد الوطني في ثمانينيات القرن الوطني هو نقص مخزون العملة الصعبة للشراء من السوق الدولية، سواء على مستوى الحاجيات الأساسية أو الاستثمار أو الدين الخارجي؛ ما دفع المغرب إلى الخروج من المحنة تحت وطأة صندوق النقد الدولي والقيام بالبرنامج التصحيحي (التقويم الهيكلي). واستغرب الجواهري كيف لأشخاص يدعون أنهم خبراء وفي المستوى يطلقون تصريحات على عواهنها بشأن طباعة المزيد من النقود، وقال ساخراً: "معلوم يُمكن لي أن أطبع النقود؛ فهذه عملية سهلة ولا توجد فيها أية صعوبات، لكن عندما تدخل في هذا الإطار فعليك أن تتوقع ماذا يمكن أن يقع لك بخصوص الادخار الخارجي وتمويل البرامج إلخ". ونبه والي بنك المغرب إلى ما وقع إلى الجزائر دون ذكرها بالاسم، وقال: "لا داعي للحديث عن ما وقع لدولة جارتنا ذهبت في هذا الاتجاه، وقالت أنا لن أتحدث مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووو، لكن مدخراتها في عدة سنين تهاوت من 240 مليار دولار إلى 50 مليار دولار". ودعا الجواهري إلى الاستفادة من دروس التاريخ الاقتصادية وتفادي تكرار التجارب الخاطئة، وزاد قائلاً: "لو كانت طباعة المزيد من النقود بهذه السهولة فما المانع من ذلك إذا كان الأمر غير طبع وعطي فهذه عملية سهلة". وحذّر والي بنك المغرب من هذه الدعوات وإدخالها في قوالب سياسية، موردا: "الله أكبر زعما غير نتوما لي أذكياء أما حنا ما عندنا ذكاء"، قبل أن يضيف: "أترجاكم.. الأمر يتعلق بمسؤولية دولة على عاتقنا وأمام التاريخ؛ لأننا سبق أن عشنا أزمة أمضينا فيها ربع قرن للخروج بالمغرب من الأزمة". وكان لحسن الداودي، القيادي في حزب العدالة والتنمية وزير الشؤون العامة والحكامة السابق، قال إن الحل الكفيل بتجاوز إشكال شحّ العملة الصعبة هو طبع النقود، وقال في ندوة من تنظيم الكتابة المحلية لحزب العدالة والتنمية بتيزنيت، إن الموارد المالية لكل الدول، بما فيها المغرب، لا يمكن أن تستمر في دعم الاقتصاد، في الظرفية الحالية، وأنها، جميعها، مضطرة إلى إنتاج النقود.