يبدو أن عبارة «لا أستطيع التنفس» التي قالها الشاب الأسود جورج فلويد، وهو يحاول بصعوبة التنفس بينما كان شرطي أبيض يجثو بركبته على عنقه في مدينة مينيابوليس، باتت تنطبق على أمريكا نفسها، فالشاب الذي توفي، أشعل البلاد باحتجاجات تزداد ضرارة، وسط خطوات مستفزة من الرئيس دونالد ترامب، الذي كشف، أمس الأحد، عن نيته بتصنيف جماعة مناهضة للفاشية يتهمها بالوقوف وراء الاحتجاجات، بالإرهاب. وقال ترامب إن "حكومته ستصنف جماعة «أنتيفا» المناهضة للفاشية كمنظمة إرهابية". ويأتي إعلان ترامب، الذي ورد على تويتر، بعد اتهامه الجماعة بالوقوف وراء الاحتجاجات. و«انتيفا» من الجماعات المنضوية في الحزب الديمقراطي وتراقب أنشطة النازيين الجدد. واتّهم ترامب سابقاً "اليسار المتطرّف" بإثارة أعمال العنف التي شملت النهب وإشعال الحرائق. وقال ترامب الذي أدان مرات عدة الموت «المفجع» لجورج فلويد، إن المتظاهرين يلحقون العار بذكرى الرجل. واعتبر أنه "يجب علينا ألا نسمح لمجموعة صغيرة من المجرمين والمخربين بتدمير مدننا". ونسب حالة الفلتان إلى "مجموعات من اليسار الراديكالي المتطرف"، وخصوصا المعادين للفاشية. وبعد أن هدد ترامب باستخدام الحرس الوطني ضد المتظاهرين، قال روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأمريكي، أمس الأحد، إن الإدارة لن تستعين بسلطتها الاتحادية لتعزيز الحرس الوطني في الوقت الحالي. وقال الحرس الوطني في بيان أمس إنه جرى استنفار 5000 من جنوده وأفراد قواته الجوية في 15 ولاية وفي العاصمة واشنطن، إلا أن "هيئات إنفاذ القانون على مستوى الولايات والمستوى المحلي لا تزال مسؤولة عن فرض الأمن". وفُرض حظر تجوال في مدن أمريكية كبرى إثر وقوع صدامات على خلفية العنف الممارس من قِبل الشرطة، وسط تجاهل المتظاهرين تحذيرات الرئيس الأمريكي بأن حكومته ستضع حدا للاحتجاجات العنيفة. وعمّت المظاهرات نحو 30 مدينة أمريكية. وقالت وسائل إعلام إن أربعة أشخاص قتلوا وأصيب آخر في إطلاق نار خلال التظاهرات الاحتجاجية التي خرجت في مدينة مينيابوليس، رغم قرار حظر التجوال الليلي. وفي مدن عدة بينها نيويورك وشيكاغو وقعت مواجهات بين المحتجين والشرطة التي استخدمت رذاذ الفلفل ردا على رشقها بمقذوفات، في حين تم تكسير الواجهات الزجاجية لمحال عدة في فيلادلفيا. وأفادت وسائل إعلام أمريكية بتوقيف عدد من الأشخاص في مينيابوليس وسياتل ونيويورك. وأعلنت شرطة مينيابوليس العثور فجر الأحد على جثة قرب سيارة محترقة. وأدان المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن، الأحد، العنف في الاحتجاجات، مشددا في الوقت نفسه على حق الأمريكيين في التظاهر. وقال في البيان الذي نُشر عبر البريد الإلكتروني «الاحتجاج على ممارسات وحشية كهذه أمر صائب وضروري، لكن الإحراق وإحداث تدمير لا طائل من ورائه». وأضاف «نحن أمة تتألم، لكن يجب ألا ندع هذا الألم يدمرنا». واحتج مئات الأشخاص في لندن وبرلين الأحد تضامنا مع المتظاهرين في الولاياتالمتحدة على مقتل فلويد. كما نظّمت تظاهرات سلمية في مدينة تورونتو الكندية. و في ذات السياق، وجهت إيران توبيخا شديد اللهجة للولايات المتحدة بسبب مقتل فلويد. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على «تويتر» "لا يعتقد البعض أن حياة السود مهمة"، مستخدما وسم (بلاك لايفز ماتر) أو (حياة السود مهمة). إلى ذلك ردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشونينغ، على نظيرتها الأمريكية، مورغان أورتاغوس، بعد أن انتقدت الأخيرة حقوق الإنسان في الصين، لا سيما التعامل مع المتظاهرين في هونغ كونغ، ورددت تشونينغ ثلاث كلمات: "لا أستطيع التنفس".