ما فتئ جلالة الملك يولي اهتماما خاصا لصحة المواطنين من خلال تشييد وتعزيز البنيات التحتية الاستشفائية والطبية، وكذا توفير الخدمات المرتبطة بالرعاية الصحية والتأمين على المرض.. وفي هذا الإطار، دعا جلالته الحكومة، في شهر ابريل المنصرم، إلى الإسراع بإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية والتطبيقية الخاصة بإصلاح الرعاية الصحية الأوّلية، ومواصلة توسيع التأمين الإجباري على المرض، وذلك في رسالة وجهها الى المشاركين في حفل تخليد اليوم العالمي للصحة، الذي ارتأت منظمة الصحة العالمية تنظيمه بشراكة مع وزارة الصحة المغربية هذه السنة في العاصمة الرباط تحت شعار : "الرعاية الصحية الأولية: الطريق نحو التغطية الصحية الشاملة".
وحث جلالة الملك الحكومة على التسريع بإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالرعاية الصحية وتوسيع التأمين الإجباري عن المرض سيتيح تعزيز الولوج إلى خدمات صحية عن قرب، ذات جودة عالية، وبكلفة معقولة، كما سيتيح إعطاء مسؤولية أكبر للمستوى الترابي، في إطار الجهوية الموسعة واللاتمركز الإداري.
وأكد جلالته، في ذات الرسالة، أنه ما فتئ يولي عناية خاصة لمنظومة الحماية الاجتماعية عموما، ولصحة المواطنين والمواطنات على وجه الخصوص.
كما أكد جلالة الملك الأهمية البالغة التي تكتسيها خدمات الرعاية الصحية الأساسية بصفة عامة، لكونها نهجا يشمل كل مكونات المجتمع ويتمحور حول احتياجات وأولويات الأفراد والأسر والمجتمعات، ويهتم بصحتهم، بجوانبها البدنية والنفسية والاجتماعية الشاملة والمترابطة، إرشادا ووقاية وعلاجا وإعادة تأهيل.
وأشار جلالة الملك محمد السادس إلى أن الرعاية الصحية الأولية ترتكز على الالتزام بالعدالة الاجتماعية والمساواة في الولوج إلى الخدمات الصحية، وعلى الاعتراف بالحق الأساسي في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة، كما ورد في المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكما نص على ذلك دستور منظمة الصحة العالمية.
وأكد جلالته أن توفير الموارد المالية والبشرية الصحية الملائمة ضروري لتوفير الرعاية الصحية الأولية، لكن "من الواجب التعامل بمنهجية مع المحددات الأوسع للصحة، بما في ذلك العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسلوكية".
وقال جلالة الملك إن التعامل بمنهجية مع المحددات الأوسع للصحة يقتضي بلورة وإقرار سياسات وإجراءات قطاعية وبين قطاعية، تأخذ بعين الاعتبار العوامل المذكورة مجتمعة، في إطار المسؤولية المشتركة بين كافة المتدخلين في الشأن الصحي، التي تملي عليهم جميعا تضافر الجهود، وترشيد الموارد.
وشدد جلالته على عزم المغرب على تحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميع المواطنين، قائلا إن تحقيق التغطية الشاملة ليس أمرا بعيد المنال، كما أنه ليس حكرا على الدول المتقدمة، مضيفا أن تجارب عديدة أظهرت، وبشكل ملموس، أنه يمكن بلوغ هذا الهدف كيفما كان مستوى نمو الدول.
الوفاء بهذا لالتزام، يضيف جلالة الملك، يتطلب توافر بعض الشروط الأساسية في النظام الصحي، من بينها نهج سياسية دوائية بناءة تروم توفير الأدوية الأساسية، التي تعتمد عليها البرامج الصحية العمومية ذات الأولوية، وتشجيع التصنيع المحلي للأدوية الجنيسة، والمستلزمات الطبية ذات الجودة، من أجل تحقيق السيادة الدوائية.
كما دعا جلالة الملك محمد السادس إلى تعزيز الحماية المالية للأفراد والأسر لتحقيق سياسة دوائية فعالة، حتى لا يضطر المواطنون، لا سيما ذوو الدخل المحدود، إلى تسديد معظم تكاليف علاجاتهم من مواردهم الذاتية.
وأكد جلالته على أن التغطية الصحية الشاملة ليست رهينة التمويل فقط، ولا تقتصر على مجهودات قطاع الصحة وحده، بل يجب اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الكفيلة بضمان المساواة والإنصاف في الولوج إلى الخدمات الصحية، وتحقيق التنمية المستدامة، والإدماج والتماسك الاجتماعيين.
وبخصوص تمويل الرعاية الصحية، قال جلالة الملك إنه يتعين اعتماد تمويلات مبتكرة للخدمات التي توفرها، خصوصا في وقت يشهد ارتفاع التكاليف، وتزايد وتيرة شيخوخة السكان، وزيادة الأمراض المزمنة، وتوافر علاجات جديدة ذات تكلفة أكبر، وهو ما يتطلب، يضيف جلالة الملك، البحث أولا عن آليات للحد من جوانب هدر التمويل، وضعف الفعالية.