وجّه الملك محمد السادس الحكومة إلى الإسراع بإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية والتطبيقية الخاصة بإصلاح الرعاية الصحية الأوّلية، ومواصلة توسيع التأمين الإجباري على المرض، وذلك في رسالة وجهها الى المشاركين في حفل تخليد اليوم العالمي للصحة، الذي ارتأت منظمة الصحة العالمية تنظيمه بشراكة مع وزارة الصحة المغربية هذه السنة في العاصمة الرباط. وقال الملك محمد السادس إن تسريع الحكومة بإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالرعاية الصحية وتوسيع التأمين الإجباري عن المرض سيتيح تعزيز الولوج إلى خدمات صحية عن قرب، ذات جودة عالية، وبكلفة معقولة، كما سيتيح إعطاء مسؤولية أكبر للمستوى الترابي، في إطار الجهوية الموسعة واللاتمركز الإداري. وأكد الملك محمد السادس في رسالته الموجهة إلى للمشاركين في حفل تخليد اليوم العالمي للصحة، المنظم هذه السنة تخت شعار "الرعاية الصحية الأولية: الطريق نحو التغطية الصحية الشاملة"، أنه ما فتئ يولي بمنظومة الحماية الاجتماعية عموما، وبصحة المواطنين والمواطنات على وجه الخصوص. كما أكد الأهمية البالغة التي تكتسيها خدمات الرعاية الصحية الأساسية بصفة عامة، لكونها نهجا يشمل كل مكونات المجتمع ويتمحور حول احتياجات وأولويات الأفراد والأسر والمجتمعات، ويهتم بصحتهم، بجوانبها البدنية والنفسية والاجتماعية الشاملة والمترابطة، إرشادا ووقاية وعلاجا وإعادة تأهيل. وأشار الملك محمد السادس إلى أن الرعاية الصحية الأولية ترتكز على الالتزام بالعدالة الاجتماعية والمساواة في الولوج إلى الخدمات الصحية، وعلى الاعتراف بالحق الأساسي في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة، كما ورد في المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكما نص على ذلك دستور منظمة الصحة العالمية. الملك محمد السادس قال إن توفير الموارد المالية والبشرية الصحية الملائمة ضروري لتوفير الرعاية الصحية الأولية، لكن، يضيف الملك، "من الواجب التعامل بمنهجية مع المحددات الأوسع للصحة، بما في ذلك العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسلوكية". واستطرد الملك في رسالته أن التعامل بمنهجية مع المحددات الأوسع للصحة يقتضي بلورة وإقرار سياسات وإجراءات قطاعية وبين قطاعية، تأخذ بعين الاعتبار العوامل المذكورة مجتمعة، في إطار المسؤولية المشتركة بين كافة المتدخلين في الشأن الصحي، التي تملي عليهم جميعا تضافر الجهود، وترشيد الموارد. وشدد الملك في رسالته على عزم المغرب على تحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميع المواطنين، قائلا إن تحقيق التغطية الشاملة ليس أمرا بعيد المنال، كما أنه ليس حكرا على الدول المتقدمة، مضيفا أن تجارب عديدة أظهرت، وبشكل ملموس، أنه يمكن بلوغ هذا الهدف كيفما كان مستوى نمو الدول. الوفاء بهذا لالتزام، يضيف الملك، يتطلب توافر بعض الشروط الأساسية في النظام الصحي، من بينها نهج سياسية دوائية بناءة تروم توفير الأدوية الأساسية، التي تعتمد عليها البرامج الصحية العمومية ذات الأولوية، وتشجيع التصنيع المحلي للأدوية الجنيسة، والمستلزمات الطبية ذات الجودة، من أجل تحقيق السيادة الدوائية. علاقة بذلك، دعا الملك محمد السادس إلى تعزيز الحماية المالية للأفراد والأسر لتحقيق سياسة دوائية فعالة، حتى لا يضطر المواطنون، لا سيما ذوو الدخل المحدود، إلى تسديد معظم تكاليف علاجاتهم من مواردهم الذاتية. وأكد الملك أن التغطية الصحية الشاملة ليست رهينة التمويل فقط، ولا تقتصر على مجهودات قطاع الصحة وحده، بل يجب اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الكفيلة بضمان المساواة والإنصاف في الولوج إلى الخدمات الصحية، وتحقيق التنمية المستدامة، والإدماج والتماسك الاجتماعيين. وبخصوص تمويل الرعاية الصحية، قال الملك إنه يتعين اعتماد تمويلات مبتكرة للخدمات التي توفرها، خصوصا في وقت يشهد ارتفاع التكاليف، وتزايد وتيرة شيخوخة السكان، وزيادة الأمراض المزمنة، وتوافر علاجات جديدة ذات تكلفة أكبر، وهو ما يتطلب، يضيف الملك، البحث أولا عن آليات للحد من جوانب هدر التمويل، وضعف الفعالية.