قطعت أيقونة ثورة التحرير الجزائرية، جميلة بوحيرد، الشك باليقين، مفندة الأخبار التي روجت لها وسائل إعلام جزائرية مقربة من النظام، بخصوص قبولها عضوية هيئة إدارة "الندوة الوطنية"، التي سيرأسها المبعوث الأممي السابق الأخضر الإبراهيمي. في رسالة موجهة إلى شباب الحراك الاحتجاجي، الذي يقود المظاهرات المطالبة بتنحي النظام، انتقدت بوحيرد بشدة القرارات التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة، بعد تأجيل انتخابات الرئاسة، بالأخص منها تلك المتعلقة بترتيبات الفترة الانتقالية، واصفة إياها ب"الانقلاب الممنهج" الهادف إلى "كسب الوقت" و"الإبقاء على الوضع القائم".
وخاطبت جميلة بوحيرد، في رسالتها لنشطاء الحراك الشبابي الجزائري، الرئيس بوتفليقة بلهجة قاسية وشديدة الحدة، قائلة "إن جيلنا تعرض للخيانة، ولم يستطع حماية مكتسبات نضاله التي تم الانقلاب عليها بالقوة من قبل زمرة من الانتهازيين والمنتحلين ومجاهدي الساعة ال25 (الذين انضموا لصفوف الثورة الجزائرية في اللحظة الأخيرة)، خطفت بلادنا واتخذتها رهينة منذ العام 1962. وبالرغم من النقمة الشعبية الرافضة له، ها هو الممثل الأخير لتلك الزمرة (في إشارة إلى الرئيس بوتفليقة) يتمسك بالبقاء في السلطة بشكل غير قانوني يفتقد لأي شرف أو كرامة".
ولم تفوت جميلة بوحيرد الفرصة لتوجيه سهام النقد أيضا إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، شاجبة مسارعة نزيل قصر الإليزيه إلى "مساندة الانقلاب الممنهج لنظيره الجزائري"، معتبرة ذلك "اعتداء على الشعب الجزائري وتطلعاته نحو الحرية والكرامة"، و"مؤشرا خطيرا يكشف طبيعة الصلات المشبوهة بينهما (أي بين الرئيسين الفرنسي والجزائري)، القائمة على أساس الهيمنة الاستعمارية الجديدة". وأضافت مخاطبة الرئيس الفرنسي بنبرة استنكارية غاضبة "باسم أي مفهوم عجيب للديموقراطية، وباسم أي قيم إنسانية تسارعون إلى نجدة نظام استبدادي، لكي تمددوا، من دون أي سند قانوني، حكم طاغية وعائلته وزمرته والمنتفعين منها، ممن لفظهم الشعب الجزائري".
ثم توجهت جميلة بوحيدر إلى شباب الحراك الاحتجاجي، مخاطبة إياهم ب"أبنائي وأحفادي الأعزاء"، قائلة "إنكم تواصلون المسار التاريخي الذي انقطع عام 1962 (تاريخ استقلال الجزائر)، وتستعيدون المشعل الذي سينير درب وطننا الجميل نحو الانعتاق واستعادة كرامته والحريات التي سُلبت منه. لذا، فأنا واثقة بأن شهداءنا، الذين كانوا في مثل سنكم، حين ضحوا بأنفسهم من أجل أن تحيا الجزائر، سيشعرون الآن بالراحة الروحية".
وعبرت جميلة بوحيدر عن سعادتها وفخرها بالمشاركة في الحراك الاحتجاجي الذي "منحني الفرصة لكي أستعيد مكاني كمواطنة في النضال من أجل الكرامة، وسط هذا الالتحام الشعبي الأخوي". وتوجهت بالشكر والامتنان إلى الشباب الذين "سمحوا لي بأن أعيش إلى جانبهم انبعاث الجزائر المكافحة التي سارع البعض إلى وأدها".
وختمت رسالتها بتوصية الحراك الشبابي بالحذر واليقظة، قائلة "أنتم وحدكم من يقود النضال اليومي، وأنتم من يجب أن يختار ممثليه وفق القواعد الديموقراطية وبكل شفافية. فلا تتركوا عملاء النظام المتنكرين في أثواب الثوار المزيفين يسيطرون على حراككم التحرري. لا تمنحوهم الفرصة لتشويه قضيتكم النبيلة. لا تتركوهم يسرقون نصركم".