تمكن حزب "فوكس" الذي يمثل أقصى اليمين في إسبانيا من خلق المفاجأة خلال الانتخابات الجهوية التي جرت أمس الأحد بجهة الأندلس ووصل لأول مرة إلى البرلمان الجهوي بهذه المنطقة بعد أن حصد 12 مقعدا خلال هذه الانتخابات حسب النتائج الرسمية التي تم الإعلان عنها مساء أمس الأحد. وحصد حزب ( فوكس ) اليميني المتطرف بعد إجراء هذه الانتخابات الجهوية السابقة لأوانها لانتخاب أعضاء البرلمان الجهوي 11 في المائة من عدد مقاعد البرلمان الجهوي لجهة الأندلس.
وكانت استطلاعات الرأي التي رافقت هذه الاستحقاقات الجهوية تشير إلى أن هذا الحزب الصغير الذي ينشط على هامش الحياة السياسية بالجنوب الإسباني لن يحصل سوى على خمسة مقاعد على أبعد تقدير لكنه خلق المفاجأة وفرض نفسه خلال هذه الانتخابات كقوة سياسية جد مهمة سيكون لها لا محالة دور في تشكيل الحكومة المحلية لجهة الأندلس.
أما الحزب العمالي الاشتراكي الذي ظل منذ عام 1982 مهيمنا على المشهد السياسي بجهة الأندلس التي تعد من بين الأكثر كثافة بإسبانيا ( 4 ر 8 مليون نسمة )، فلم يحصل خلال نفس الانتخابات سوى على 33 مقعدا ليفقد بذلك 14 مقعدا مقارنة مع الانتخابات التشريعية السابقة.
ويشكل فقدان الحزب العمالي الاشتراكي ل 14 مقعدا في معقله الانتخابي التاريخي نهاية للهيمنة الاشتراكية في هذه المنطقة وبداية مرحلة سياسية جديدة ليس فقط على صعيد جهة الأندلس وإنما بالنسبة لكل إسبانيا .
صحيح أن الحزب العمالي الاشتراكي الإسباني احتل المركز الأول في هذه الاستحقاقات الجهوية ب 33 مقعدا غير أن كتلة اليسار فقدت رغم ذلك زخمها وغالبيتها المطلقة التي كانت تتمتع بها بالجهة لأن التراجع الذي سجله الحزب مس كذلك مكونات سياسية أخرى تمثل اليسار كحزب ( بوديموس ) الذي لم يحصل من خلال الحزب المحلي ( أديلانتي أندلسيا ) سوى على 17 مقعدا ليخسر بذلك ثلاثة مقاعد مقارنة مع الانتخابات السابقة .
وقال سانتياغو أباسكال بعد تأكيد الفوز الانتخابي لحزبه ( فوكس ) " نحن لم نعلن أبدا أننا انهزمنا لأننا نمتلك اليوم مفتاح سان تيلمو ( البرلمان الجهوي الأندلسي ) من أجل محاربة الفساد وسنذهب إلى النهاية في الدفاع عن الأفكار التي انتخبنا من أجلها " .
وأكد قائد الحزب اليميني المتطرف ( فوكس ) أن الأندلسيين " صنعوا التاريخ بإنهائهم ل 36 سنة من الهيمنة والحكم الاشتراكي بهذه الجهة " مشيرا إلى أن " الأندلسيين مهدوا بذلك الطريق لباقي البلاد ".
وقد فاز هذا الحزب اليميني الذي ركز في حملته الانتخابية على محاربة الهجرة غير الشرعية ب 29 في المائة من الأصوات ببلدية ( إل إخيدو ) المعروفة باحتضانها لنسبة كبيرة من المهاجرين .
ومن شأن تحالف يجمع بين حزب ( فوكس ) الذي يمثل أقصى اليمين مع الحزب الشعبي وحزب ( سيودادانوس ) أن يفتح الباب أمام حقبة سياسة جديدة في إسبانيا ويضع بذلك حدا للاستثناء الإسباني فيما يتعلق بوصول اليمين المتطرف إلى السلطة خاصة وأن نتائج هذه الانتخابات السابقة لأوانها بجهة الأندلس أكدت بروز التشكيلات السياسية التي تمثل اليمين الجديد .
واعتمادا على ما أفرزته النتائج الرسمية لهذه الانتخابات الجهوية التي تم الإعلان عنها فقد حصل حزب يمين الوسط ( سيودادانوس ) على 21 مقعدا مقابل تسعة كان يتوفر عليها في الاستحقاقات السابقة بينما حصد الحزب الشعبي 26 مقعدا متخليا بذلك عن سبعة مقاعد مقارنة مع عدد النواب الذين كان يتوفر عليهم سابقا ورغم ذلك فقد يتم استدعاؤه لتشكيل الحكومة المحلية المقبلة لجهة الأندلس على اعتبار أن تكتل أحزاب اليمين تمكن من الفوز ب 59 مقعدا في الوقت الذي تتحدد فيه الأغلبية في 55 نائبا .
وقال خوان مانويل مورينو زعيم الحزب الشعبي بجهة الأندلس بعد إعلان النتائج " إنه يوم تاريخي في الأندلس من أجل إعادة تشكيل المشهد السياسي والمساهمة في التغيير وبالتالي في بروز أندلس جديدة ومختلفة " مضيفا " كنا نعرف أن الأندلس تريد التغيير وستحصل عليه . لقد فاز التغيير في جهة الأندلس " قبل أن يعلن أنه سيقدم ترشيحه لمنصب رئيس الجهة .
ومن جهتها، لم تستسلم سوزانا دياز زعيمة الاشتراكيين بجهة الأندلس وأكدت استعدادها لعرقلة تحركات أحزاب اليمين وأقصى اليمين.
واعتبر أغلب المراقبين السياسيين الإسبان أن نتائج هذا الاستحقاق الانتخابي جاءت كزلزال سياسي سيكون له ما بعده.
يشار إلى أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات السابقة لأوانها على صعيد جهة الأندلس قد بلغت 5 ر 46 في المائة بانخفاض قدر ب 5 في المائة مقارنة مع الانتخابات السابقة لعام 2015 .