قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، إن المسؤولين في المغرب "فهموا رسالة الشارع مبكرا وتعاطوا معها بإيجابية بعيدا عن التعنت وصم الآذان عن مطالب الإصلاح، فأنتج المغرب بسلطته وقواه السياسية وشعبه نموذجا مغايرا لما شهدته بقية أقطار الربيع العربي".
وأوضح رئيس الحكومة، في حديث لصحيفة (السبيل) الأردنية، نشرته الثلاثاء 31 يناير الجاري، أن "ذلك جنب المغرب دفع كلف وأثمان لا مبرر لها، وفي النهاية كسب الجميع"، مؤكدا أن الشارع المغربي يريد الاستقرار وتسريع وتيرة الإصلاح.
وأضاف أن الشارع المغربي حين بدأ تحركاته، أدرك المسؤولون أنها تحركات "جادة تنطلق من مشكلات حقيقية تعانيها البلاد وتحتاج معالجة جادة"، مشيرا إلى أن الإصلاحات التي طرحها الملك محمد السادس في 9 مارس الماضي، كانت جريئة، ثم جاء الدستور وبقية الخطوات، وصولا إلى الانتخابات التي حظيت بالمصداقية.
وفي معرض رده على سؤال حول النتائج التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، قال ابن كيران "كنا نتوقّع الحصول على نحو ستين مقعدا، لكن الشعب وضع ثقته فينا ومنحنا 107 مقاعد"، مشيرا إلى أن "المجتمع المغربي تفاعل معنا بطريقة لم تكن منتظرة، فالناس ينتظرون منك أن تُظهر الجدية"، وأضاف "نحن نعيش مرحلة جديدة، وحين يأتي التغيير الاجتماعي من الإسلاميين فإنه يؤخذ ضمن ضوابطه الشرعية، أما حين يأتي بصورة قسرية فإنه سيؤخذ بعيدا عن تلك الضوابط".
وأكد ابن كيران إيمانه بالحرية ورفضه فرض برنامج اجتماعي على الناس ينتقص من حرياتهم، وقال "الشعوب لم تخترنا لأننا إسلاميون كي نطبق عليهم الدين كما نفهمه نحن وبالقوة أيضا، بل اختارتنا لنطبّق العدل، لأنها تعتقد أننا نبغي خدمة المجتمع بحق ولا نكتفي بطرح الشعارات، وما كنا نصرح به حول رؤيتنا لمستقبل المغرب، كنا نعبر به عن قناعاتنا التي نؤمن بها".
ورأى أن المرحلة الأصعب هي التي تلي الانتخابات، "فكثير من الناس كانوا ينظرون إلى حزب العدالة والتنمية على أنه الحزب الأكثر جدية في الإصلاح، والأشد رغبة في استقرار البلد، ورموزه تمت تجربتهم وأثبتوا صدقيتهم، فمنح الناس ثقتهم للحزب"، معتبرا أن المواطنين "لا ينتظرون النتائج ليحكموا علينا، إنما ينتظرون منهجية الحكم، هل سنحكم بالعدل، بعيدا عن الفساد والمحسوبيات أم لا".
كما اعتبر أن على قيادات الأحزاب مسؤولية الارتقاء بوعي الناس وأن لا تنجر دوما وراء ما يرغب الجمهور بسماعه، مشيرا إلى أن "من يريد إحداث التغيير عليه أن يتحمل ضريبة ذلك، وأن لا يتردد في دفع الثمن".
وبخصوص التحديات الاقتصادية المطروحة على المغرب، قال السيد ابن كيران إن "الإشكال الاقتصادي الرئيس في المغرب، ليس في إطلاق دورة اقتصادية جديدة، إنما التحدي الأكبر هو حسن التدبير ومحاربة الفساد"، مبرزا أن الخيارات الاقتصادية للمغرب، كانت موفّقة منذ الاستقلال، وهو لديه نخبة اقتصادية نشطة.
وحول العلاقة مع الدول الغربية، وكيف استقبلت فوز حزبه في الانتخابات الأخيرة، قال "هم أدركوا أن مصلحتهم في دولة مستقرة في المغرب".
وفي ما يتعلق بما تتعرض له القدس والمسجد الأقصى من تهديد، أشار إلى السيد ابن كيران إلى العدوان الذي تعرضت له أوقاف المغاربة في القدس وكل فلسطين، موضحا أن "الشعب المغربي يعتبر فلسطين قضيته، وهذا أمر قديم وليس طارئا، لكنه ينظر بقلق إلى الخلاف في الساحة الفلسطينية ويرغب في أن ينتهي الانقسام الحاصل حاليا".