لا يكتفي عباس الفاسي بالانشغال بمباشرة مفاوضته مع عبد الاله بنكيران، حول المقاعد الوزارية التي سيحرزها حزبه الحليف الأهم للعدالة والتنمية في التحالف الحكومي الذي تقوده، بل يجد رئيس الحكومة المنتهية ولايتها الوقت الكافي لتذكر “بروتوكولات” تلزمه بختم مسيرته على رأس حكومة ببعث رسالة عرفان للذين شاركوه طيلة أربع سنوات شؤون الحكم وتسيير الشأن العام.
فضل عباس الفاسي رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، أن يختتم مشواره مع أعضاء حكومته بسلام، فبعد حروب عاشها عباس الفاسي مع العديد من أعضاء حكومته أثناء عمر الحكومة التي ترأسها لمدة أربعة سنوات، لم تكن أيامها حلوة على عباس الفاسي في بدايتها كما في نهايتها.
رسالة أخيرة من عباس الفاسي توصل 35 وزيرا بنسخة منها الثلاثاء، عبر فيها رئيس الحكومة السابق عن سعادته بالعمل رفقة فريق “طبع عمله الانسجام التام” على حد نص الرسالة.
عباس الفاسي ذهب ابعد من ذلك، عندما أثنى على ما أسمته رسالته “بالحوار المثمر البناء الذي ساد الأعمال داخل المجالس الحكومية” والتي لم يكن خافيا في يوم من الأيام المعارضة الشرسة التي كان عباس الفاسي يلقاها فيها من قبل عدد من أعضاء الحكومة.
عباس الفاسي لم يستثن احد من أعضاء حكومته من الشكر والامتتنان، شاكرا لهم ما أسماه “الجهود التي سهلت له عمله على رأس الحكومة ومكنت من تحقيق النتائج المنشودة”. على حد قوله.
وعمم بلغة الحزين والمودع للعمل والكرسي، الكل، هذا حتى على أعضاء حكومته الذين جمعتهم به الاتهامات التي وصلت في كثير من الأحيان إلى السباب والشتم مثلما حصل مؤخرا مع وزير المالية صلاح الدين مزوار.
أحد الوزراء الذين اتصلت بهم “الأحداث المغربية” والذي فضل عدم الكشف عن إسمه قال إنه تفاجأ كثيرا بالرسالة ككل، وبعبارة عباس الفاسي “الانسجام التام".
الوزير نفسه الذي وصلته نسخة أنيقة من رسالة عباس الفاسي وصف كلام عباس الفاسي في رسالة الوداع تلك بالقول انه لا يعدو “أن يكون كلاما مجاملة لا أقل ولا أكثر فلا أحد ينكر أن الذي شهدته الحكومة التي ترأسها عباس الفاسي كان ما يفرقها أكثر مما يجمعها”.
حتى في مجالس الحكومة يقول الوزير ذاته كان المشادات الكلامية تطغى في الغالب على الأشغال، وفي الصباح يتم يعمد الوزراء لنشر غسيلهم في الصحف”، بدل قول عباس الفاسي إن المجالس الحكومية طبعها”الحوار المثمر البناء.
مصادر أخرى، قرأت في رسالة عباس الفاسي، علمه بقرب تنصيب حكومة عبد الاله بنكيران، ولذلك أصر على أن تكون رسالته بمثابة إعلام لكل الوزراء بقرب الانتهاء من مهامهم في إطار حكومة تصريف الأعمال قبل تنصيب الحكومة المقبلة.
نفس المصادر، قللت من أثر الرسالة على تحسين علاقة عباس الفاسي بالأطراف التي تصارع معها في الحكومة وفي الانتخابات، ولكنها اعتبرت في الآن نفسه “أن الوقت متوفر دوما للقيام بالأعمال الصالحة.