كشفت الأرقام الرسمية التي نشرها البنك المركزي الجزائري، أمس الأحد، ان الدينار الجزائري يواصل تراجعه مقابل قيم أهم العملات العالمية، في السوق الموازية التي تسيطر على معظم سوق الصرف في غياب الشبابيك الرسمية. وتراجعت قيمة العملة الجزائرية لتصل إلى 208 دينار مقابل أورو واحد، وهو ما يكشف بالملموس تواصل تدحرج قيمة الدينار نحو مستويات متدنية بالمقارنة مع المغرب وتونس.
ويرى محللون في الاقتصاد ان ظاهرة تدني قيمة العملة الجزائرية من شأنها ان تؤثر مباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين، بحكم أنها تخفض باستمرار القيمة الشرائية مقابل السلع المراد اقتناؤها، والتي تتحمل الحكومة نصيبا مهما منها، من خلال لجوئها إلى السياسات الترقيعية، والعمل على التخفيض الإداري لقيمة العملة من أجل تحقيق بعض المكاسب في شكل جباية بترولية، كون الصادرات من المحروقات تعتبر المصدر الوحيد لجلب العملة الصعبة، متجاهلة انعكاسات ذلك على التضخم والتهاب أسعار المنتجات في السوق الوطنية.
ويحذّر المتخصصون في هذا الشأن من تداعيات أخرى، تتمثل في "تآكل قيمة العملة" بفعل تراجع قوتها الشرائية للأسباب المرتبطة بالتضخم جراء ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للمواطن.
منظر يتكرر يوميا بالجزائر ، طوابير طويلة للحصول على المواد الغذائية الاساسية
وعليه، يضيف المحللون، فإن استعمال القيم النقدية الصغيرة على غرار 5 دينار، 10 دينار إلى غاية 50 دينار في المعاملات التجارية معرضة للاختفاء تدريجيا، وهي تعتبر ظاهرة نقدية خطيرة تستدعي إيجاد الحلول لها على أسس إصلاحات اقتصادية وليس على صعيد السياسة النقدية فقط.
وفي موضوع ذي صلة، كشف بنك الجزائر عن قيمة الأموال التي تم طبعها في إطار التمويل التقليدي منذ تعديل قانون النقد والصرف لدعم الخزينة العمومية. ونشر البنك بيانا في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، تضمن الوضع الشهري وكشف عن ضخ 2185 مليار دينار من العملة، حتى 30 نونبر 2017، في إطار التمويل غير التقليدي أو ما يعرف بطباعة النقود.
هذا وقد تم طبع 2185 مليار دينار في شكل أوراق نقدية مضمونة من قبل الدولة الجزائرية .
ويعتبر قرار الحكومة، باللجوء إلى التمويل غير التقليدي (طباعة النقود) لمواجهة شح الموارد بفعل تراجع مداخيل الدولة من تصدير المحروقات مجازفة قد تعصف بالأوضاع الاجتماعية داخل البلاد.
ويقوم بنك الجزائر بشكل استثنائي، ولمدة خمس سنوات، بشراء مباشر عن الخزينة، للسندات المالية التي تصدرها هذه الأخيرة من أجل المساهمة على وجه الخصوص في تغطية احتياجات تمويل الخزينة وتمويل الدين العمومي الداخلي وتمويل الصندوق الوطني للاستثمار..
وكان وزير المالية عبد الرحمن راوية قد أعطى أرقاما عن احتياجات الخزينة العمومية، في تصريحات ادلى بها في 2 أكتوبر الماضي، وهي 570 مليار دينار في عام 2017، و1815 مليار في 2018، و580 مليار في 2019.