وصل رئيس الحكومة اللبناني المستقيل سعد الحريري، صباح السبت، الى باريس قادما من السعودية حيث أثار إعلانه الاستقالة المفاجئ هناك قبل اسبوعين اتهامات باحتجازه ضد إرادته في هذا البلد. وأتى الحريري الى باريس بدعوة من الرئيس ايمانويل ماكرون الذي يحاول التوصل الى حل للازمة التي اثارت مخاوف حول استقرار الوضع في لبنان.
ومن المقرر ان يستقبل ماكرون عند الظهر الحريري مع زوجته لارا، اللذين حطت طائرتهما في مطار لوبورجيه بالقرب من باريس عند الساعة 07,00 (06,00 ت غ) بعد أن غادرت الرياض ليلة الجمعة السبت. وهو ما أكده المكتب الاعلامي للحريري مضيفا ان حسام النجل البكر لرئيس الحكومة المستقيل سيشارك في الغداء بعد وصوله من لندن حيث يتابع دراسته.
وقال مصدر مقرب من الحريري لوكالة فرانس برس إن نجليه الاصغرين لؤلؤة وعبد العزيز المولودين تباعا في 2001 و2005 لا يزالان في الرياض لإنهاء "امتحاناتهما المدرسية".
وتابع المصدر ان "الحريري لا يريد الزج بأبنائه في هذه القضية".
وانتقل الحريري على متن موكب من سبع سيارات وتحت حراسة امنية مشددة الى مقر سكنه في العاصمة الباريسية.
قبل ذلك، كان الحريري كتب في تغريدة انه "في طريقه الى المطار" لمغادرة الرياض التي يتواجد فيها منذ الرابع من نوفمبر تاريخ تقديم استقالته. وكتب الحريري "القول انني محتجز في السعودية وإنني ممنوع من مغادرة البلاد هو كذبة. انا بطريقي الى المطار".
وكان مصدر مقرب منه قال قبلها أن الحريري "اجرى اجتماعا ممتازا مع ولي العهد (السعودي)" قبل مغادرته السعودية.
وكان الحريري اعلن استقالته بشكل مفاجئ عبر تلفزيون العربية من الرياض في 4 نوفمبر الحالي. وظل في السعودية منذ ذلك الحين وتحدث عن مخاوف امنية وهاجم في خطابه كلا من ايران وحزب الله اللبناني.
لكن بقاء الحريري طيلة تلك الفترة في السعودية اثار اتهامات باحتجازه، بما في ذلك من قبل الرئيس اللبناني ميشال عون الذي رفض قبول استقالة الحريري.
وتأتي استقالة الحريري وسط تصاعد التوتر الاقليمي في المنطقة بين ايران والسعودية التي تجري تعديلات كبيرة في الهيكلية السياسية للملكة يقودها ولي العهد الامير محمد بن سلمان.
من جهة اخرى، قررت السعودية استدعاء سفيرها في برلين احتجاجا على تصريحات لوزير الخارجية الالماني سيغمار غابريال لم ح فيها الى ان الحريري محتجز ضد ارادته في الرياض.
وكان غابريال حذر الخميس دون أن يأتي على ذكر السعودية من ان "لبنان يواجه خطر الانزلاق مجددا الى مواجهات سياسية خطرة وربما عسكرية".
وأضاف غابريال "من اجل منع ذلك، نحتاج خصوصا لعودة رئيس الوزراء (اللبناني) الحالي"، معتبرا ان لبنان "ينبغي ان لا يصبح لعبة (...) لسوريا والسعودية أو غيرهما".
وقال عون ان توجه الحريري الى فرنسا بمثابة "فتح باب الحل" للازمة الحادة. وكتب في تغريدة "أنتظر عودة الرئيس الحريري من باريس لنقرر الخطوة التالية بموضوع الحكومة".
وتابع "اذا تحدث الرئيس الحريري من فرنسا فإنني اعتبر انه يتكلم بحرية إلا ان الاستقالة يجب ان تقدم من لبنان وعليه البقاء فيه حتى تأليف الحكومة الجديدة لان حكومة تصريف الاعمال تستوجب وجود رئيس الحكومة".
وأوضح ماكرون الجمعة في حديث صحافي في ختام قمة أوروبية في مدينة غوتنبرغ السويدية ان الحريري "ينوي، على ما اعتقد، العودة الى بلاده في الايام او الاسابيع القادمة".
وترأس الحريري حكومة تسوية تضم حزب الله. وكان والده رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري اغتيل في 2005 بتفجير سيارة. وأحدثت في العاشر من يونيو 2007 المحكمة الخاصة بلبنان لمحاكمة المسؤولين عن اغتياله.
وأصدرت هذه المحكمة مذكرات توقيف بحق عناصر من حزب الله الذي رفض تسليمهم ونفى اي علاقة له بالاغتيال.
في موسكو، اتهم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل جهات لم يحددها بالسعي الى "ازاحة رئيس الدولة اللبنانية".
والجمعة قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عقب محادثات مع وزير الخارجية الاسباني الفونسو داستيس انه "لا يمكن السماح لميليشيا حزب الله الارهابية بالعمل خارج اطار القانون".
وأضاف "نرى ان حزب الله يرتهن النظام المصرفي اللبناني لأنشطته في تبييض الاموال، ونرى حزب الله يختطف المرافئ اللبنانية من أجل تهريب المخدرات، ونرى حزب الله ينخرط في نشاطات ارهابية ويتدخل في سوريا والبحرين واليمن".