اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الخميس، على الخصوص، بمطالب عقلنة النفقات العمومية الذي أصبح ضرورة ملحة نتيجة التراجع الكبير للعائدات الخارجية للدولة وانهيار احتياطيات الصرف، وكان من نتائجه المباشرة إرساء الحكومة لنظام رخص استيراد بعض المواد الموجهة للإنتاج وكذا لاستهلاك الأسر، تسبب في ظاهرة النقص في المواد والارتفاع المهول في الأسعار والتضخم. وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "الوطن" أن إرساء الإجراء الجديد الذي أملته الظرفية المطبوعة بالأزمة وهاجس وضع حد للفوضى التي كانت تميز التجارة الخارجية، والتي حولت السوق الوطنية إلى مجال لتصريف المنتوجات بمختلف أنواعها والتي لا تستجيب بالضرورة للحاجيات الاجتماعية والاقتصادية، ولد ضغطا شديدا على بعض المنتوجات سواء على مستوى سوق الاستهلاك، أو على صعيد سلسلة الانتاج.
وأضافت الصحيفة، في افتتاحيتها بعنوان "التقشف، شيك بدون رصيد" أن الحكومة جددت على مستوى التواصل الحديث عن عقلنة النفقات بينما يرى فيها المتخصصون مخططا للتقشف بكل ما في الكلمة من معنى، وهو ما يلاحظ بسهولة من خلال غياب تقنين الاقتصاد والسوق مما تجسد عبر عودة ظاهرة النقص في المواد والارتفاع المهول في الأسعار والتضخم.
وفي مقال آخر، بعنوان "مخطط التقشف يهدد الاستقرار الاجتماعي"، أوردت (الوطن) تصريحات الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، التي أكدت أن المأزق الحالي بالجزائر هو نتيجة لسياسة التقشف التي تعمل بها الحكومة منذ سنة 2015. وقالت إن "وتيرة تفقير المجتمع تتسارع. ونحن في حزب العمال نعارض أي سياسة للتقشف أو التقليص من ميزانيات التسيير والتجهيز، والتي تؤثر سلبا على الاستثمارات العمومية الضرورية لانتعاش الاقتصاد وخلق فرص الشغل وتعزيز الخدمات العمومية".
واعتبرت أن "هذه السياسة ستخلق جزائر غنية ونافعة وأخرى فقيرة وغير نافعة وستؤدي لا محالة إلى تفكك مجتمعي"، مضيفة خلال تجمع شعبي أن المواطنين الجزائريين يتجاهلون الحملة الانتخابية لاقتراع 23 نونبر، ليس بسبب غياب النضج السياسي، وإنما جراء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد.
وطالبت، في السياق ذاته، باسترجاع ملايير الدنانير من الضرائب غير المسددة، والتي تتجاوز بشكل كبير ال500 مليار دينار التي تعتزم الدولة ضخها عن طريق التمويل غير التقليدي.
من جهتها، أبرزت صحيفة (ليبيرتي) النداء الذي وجهته مبادرة "معا نبني الجزائر " من أجل إصلاحات يتعين على الحكومة الجزائرية تفعيلها بشكل عاجل قصد الحد من صدمة كرة الثلج، مذكرة بأنه منذ سنة 2011 لم يفتأ يحذر الرأي العام بالضرورة الملحة لاصلاح اقتصاد البلاد من أجل الحد من ارتباطها بأسواق البترول وتقلباتها، وأن ما كان أمر عاجلا قبل ست سنوات ما يزال كذلك اليوم، مع تراجع سعر برميل النفط إلى النصف.
من جانبها، كتبت صحيفة (الفجر) أنه عوض اللجوء إلى جيوب المواطنين، كان يتعين على الحكومة التفكير من استرجاع الأموال العمومية التي تم تبديدها، وإجبار أصحاب رؤوس الأموال الكبرى على تسديد ضرائبهم.
أما صحيفة (الشروق) فقد ذكرت أن المطالب في الجزائر هي نفسها سواء بلغ سعر برميل النفط 120 دولارا أو انخفض إلى 50 دولارا، مستشهدة على الخصوص بالحكامة الاقتصادية وإصلاح القطاع البنكي، والانفتاح على الاستثمار وتبسيط المساطر الإدارية بالنسبة للمقاولات (...).
واعتبرت الصحف الجزائرية أن سياسة التقشف، التي يتم تطبيقها بشكل سيء، قد يكون لها ثمن سياسي، اقتصادي واجتماعي، ومن نتائجها بطء النشاط الاقتصادي جراء غياب قطاع الغيار والمدخلات، وضغوط على مواد الاستهلاك، بما فيها تلك المستهلكة على نطاق واسع والمدعمة من قبل الدولة.