يشكل المشروع الضخم، الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك محمد السادس والرئيس النيجيري خلال زيارته الرسمية لثاني بلد في اقتصاديات إفريقيا، فرصة لتدارك الوقت الضائع من أجل تحقيق الاندماج الجهوي الذي يعتبر ضرورة للدول الإفريقية. ويعتبر المشروع العابر لمجموعة من الدول الإفريقية، بالإضافة إلى مشاريع أخرى من قبيل مشروع إنتاج الأسمدة بنيجيريا، مبادرة استراتيجية تجسد بقوة تعاون جنوب – جنوب، الذي يعطي قيمة للشراكة الجديدة بين قوتين بالقارة.
ويقول الاقتصادي السويدي جان مارك مايار إن الرباط أطلقت توجها استراتيجيا غير مسبوق نحو نيجيريا، أكبر بلد إفريقي الذي يبدو أكثر وعيا بتوجهات وأدوات المغرب كي يفتح صفحة جديدة من الاندماج الاقتصادي على مستوى المنطقة. فموقع المغرب الجيوستراتيجي على أبواب القارة العجوز وباعتباره همزة وصل بين كبار المنتجين للمحروقات بإفريقيا تجعل من المملكة فاعل لا يمكن الاستغناء عنه من أجل نقل الغاز والذهب الأسود، يؤكد الخبير الاقتصادي.
لا يتعلق الأمر فقط بخط أنابيب متعدد الرهانات التجارية والاقتصادية ولكن أيضا ذو رهانات جيوستراتيجية. حيث سيشرك كل البلدان المعنية في مشاريع إنتاج الكهرباء في كل المنطقة. فالاكتشافات الحديثة لآبار الغاز بكل من السينغال ونيجريا وساحل العاج وغانا تعد بمستقبل مشجع بالنسبة لخط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا.
عمليا سيمكن خط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا من تزويد كل البلدان المعنية بالطاقة على امتداد 4 آلاف كيلومتر. هذا المشروع الضخم الذي يربط خليج غانا بالمغرب يمكن أن يربط بين إفريقيا وأوروبا أيضا، السوق الأكبر لاستهلاك المحروقات. رئيس الديبلوماسية النيجيرية عبر عن رغبة بلاده في الوصول إلى السوق الأوروبية من خلال استثمار التقدم في العلاقات مع المغرب.
ومن خلال تعزيز اندماج اقتصادي أكثر عمقا يقوم على أساس التكامل الإيجابي والتعاون المستدام ومقاربات مندمجة، فإن هذه الأرضية جنوب - جنوب ستعمل على تسريع تحول بنيوي للاقتصادات الوطنية للمنطقة، مما سيضع دول هذه الأخيرة على طريق نمو أكثر قوة. هذه الخطوة تعتبر بادرة خير نحو التعاون الاستراتيجي بين البلدان الإفريقية بعيدا عن الخلفيات السياسية والجيوسياسية التي تحكمت في مسار القارة وفي رقاب شعوبها، في الوقت الذي تحتاج القارة إلى التنمية المتوازنة خصوصا وأنها من اكثر القارات تضررا من الاحتباس الحراري.