بعد إذن كل من وينستون تشيرشيل ، يوسف ستالين و فرانكلين روزيفيلت مهندسي يالتا، وجمال عبد الناصر مبدع اللاءات الثلاثة
محمد بوداري يعيش النظام الجزائري أحلك أيامه في الآونة الأخيرة، وذلك على إثر الحسابات الخاطئة لجنرالاته الذين لم يتورعوا في تقديم الدعم لنظام القذافي. وكان النظام الجزائري قدم دعما لا مشروطا لنظام القذافي ضد الثوار وانتقد عمليات الناتو وصوت ضد قرار الجامعة العربية بإنشاء منطقة حظر طيران فوق ليبيا، متذرعا بخوفه من أن يوفر الاضطراب في ليبيا ملاذا آمنا للقاعدة والجهاديين المتطرفين. واتهم المجلس الوطني الإنتقالي الليبي الجزائر بالوقوف إلى جانب نظام العقيد القذافي ومده بالسلاح والمرتزقة وهو ما نفته الجزائر بشكل قاطع أكثر من مرة. إلا أن التطورات الأخيرة أكدت بالملموس أن الجزائر كانت ضليعة في مساندة الديكتاتور الليبي، وذلك من خلال مده بالسلاح والعتاد وفتحها للحدود أمامه، وكذا تسخير مرتزقة البوليساريو في القتال إلى جانب "مجنون الحكم" في طرابلس. وهذا ما أكده الموقع الإلكتروني (جيوتريبون.كوم) عن مصدر بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي بقوله إن نحو 556 مرتزقا من (البوليساريو) استقدموا لدعم كتائب القذافي تم اعتقالهم من طرف مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي. موضحا أن المجلس طلب نقلهم إلى بنغازي في انتظار "إلقاء القبض على باقي عناصر البوليساريو الموجودين في ليبيا". ووفق نفس المصدر فإن قرار المجلس تم اتخاذه عقب الهجوم الذي وقع يوم 22 غشت من قبل الثوار على سفارة الجزائربطرابلس. وأوضح أن المقاتلين المناوئين للقذافي قد يكونوا عثروا بمبنى السفارة الجزائرية على وثائق تثبت بشكل خاص تورط الجزائر وتكشف عن دعمها القوي للعقيد القذافي. وتحاول الجزائر الخروج من هذا المأزق، وذلك باختلاق الأعذار، حيث سرح أحد مسؤوليها لوكالة رويترز أن "هناك دليل على أن إسلاميين ليبيين سلّمتهم الجزائر إلى طرابلس نجحوا في الهروب والانضمام للمعارضة، وشاهدنا أحدهم على تلفزيون الجزيرة يتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي". والتماسا لأعذار أخرى قال المسؤول الجزائري أن "الجزائر لا تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي؛ لأنه مؤسسة انتقالية كما يشير اسمه، ولذا فإننا سنعترف فقط بالممثلين الشرعيين للشعب الليبي بمجرّد أن يختار بنفسه زعماءه". تمادي النظام الجزائري في ركوب رأسه ستكون له انعكاسات خطيرة على مستقبل علاقاته مع الجيران، وهو ما أشارت إليه صحيفة الخبرالجزائرية عندما توقعت أن "العلاقة بين الجزائر وحكام ليبيا الجدد سيطبعها التوتر على الأقل في بدايتها، بسبب مخلفات التراشق بين الطرفين في قضية المرتزقة، ولكن هذه القضية لن تكون العنصر الوحيد الذي يسمم العلاقات في المستقبل، فالربط الذي أحدثته الجزائر بين تداول السلاح واستغلاله من طرف تنظيم القاعدة، يحمل اتهاما ضمنيا للمعارضة بالاستعانة بالإرهابيين في حربهم ضد القذافي وفي مسعى أخذ السلطة". ويزداد الضغط الخارجي على النظام الجزائري لينضاف بذلك إلى ما تعرفه البلاد من تحاقن داخلي وتفجير للأوضاع الاجتماعية والسياسية، بسبب الخيارات السياسية والاجتماعية التي تنهجها الطغمة العسكرية الحاكمة، وهو ما يجعل الجزائر عرضة للإصابة بعدوى تغيير الأنظمة العربية فلديها قدر ضخم من الشباب والبطالة ونظام حكم متخشب لا يسمح بأية مشاركة للشعب في اتخاذ القرار، بالإضافة إلى كونها مرتا للفرع الأشد عنفا لتنظيم القاعدة وهو القاعدة في المغرب الإسلامي.
ويزداد قلق النظام الجزائري من أن يكون هو التالي في السقوط بعد القذافي وهو ما يجعله يخبط خبط عشواء، كأنما فقد البوصلة التي يهتدي بها، فهل سيكتسح البلاد موج التغيير المنطلق عبر شمال أفريقيا؟