شعب بريس- محمد بوداري يبدو أن النقاش الدائر حول اللائحة الوطنية يتجه صوب الباب المسدود، وهو ما سيؤدي لا محالة إلى مواجهة مباشرة داخل الأحزاب بين الشباب والقيادات الحزبية، التي تلتزم الصمت حيال ما يستجد من نقاش بهذا الشأن داخل الأوساط الشبابية. فبعد أن كانت اللائحة الوطنية مثار جدل بين الأحزاب والداخلية من جهة والحركة النسائية من جهة أثانية، دخل الشباب على الخط للمطالبة بتخصيص نسبة لهم داخل هذه اللائحة. فقد أقدمت منظمات شبابية مدعومة بجمعيات مدنية على إطلاق مبادرة تهدف إلى تحسيس الرأي العام بضرورة إقرار نمط اقتراع يعتمد منطق التمييز الايجابي لتمكين فئة السباب من ولوج المؤسسة التشريعية، وذلك في إشارة إلى اللائحة الوطنية المخصصة للنساء. وأنشأت هذه المنظمات يوم الأربعاء 17 غشت 2011 بالمقر المركزي لحزب الاستقلال بالرباط، ما أسمته "حركة الشباب المغربي من أجل التمثيلية السياسية الآن"، والتي دعت من خلاله إلى "تنزيل اللائحة الوطنية بشكل مغاير عما تم تسويقه، من خلال فسح المجال للشباب مناصفة بين الجنسين، ذكورا وإناثا، وليس لائحة نساء وأطر"، مهددة بخوض معارك نضالية ضد أحزابها في حالة عدم الإنصات على مطالبها. وفي السياق ذاته دعت "حركة بدائل مواطنة"، أمس الجمعة بمدينة فاس إلى برلمان وحكومة يتشكل ثلثهما على الأقل من الشباب. وأوضحت الحركة في أرضية تقديمية خلال لقاء وطني حول موضوع "الشباب والإصلاحات السياسية: من أجل تمثيلية أمثل للشباب في المشهد السياسي الوطني، أن "الواقع الميداني ومستلزمات التكافؤ يتطلبان إرساء مستوى تمثيلية أفضل لفائدة الشباب في المؤسسات السياسية على مستوى الوطني والجهوي والمحلي، ولكن أيضا داخل التنظيمات السياسية". وأضافت أن الإرادة السياسية لإصلاح الدولة والفاعلين السياسيين يتعين أن تقود في هذا السياق إلى انخراط فعال للشباب في المشهد السياسي الوطني بقوة القانون، ونسبة تعكس مستوى حضور هذه الفئة داخل المجتمع. أكد الفاعلون الجمعويون خلال هذا اللقاء أن إدماج تمثيلية للشباب في اللائحة الوطنية لا يحل نهائيا قضية تشبيب المشهد السياسي، ولكن يشكل محاولة "هروب إلى الأمام ". واعتبروا أن الجدل الدائر حول تطوير تمثيلية الشباب يتعين أن ينصب على إرساء نمط اقتراع ملائم، وتقطيع انتخابي دقيق يتيح حضورا أفضل في الميدان. من جهة أخرى طالبت لجنة المتابعة "تجمع مغاربة أوروبا من أجل مواطنة فعلية هنا وهناك"، بإدماج المغاربة المقيمين بالخارج في اللائحة الوطنية للانتخابات التشريعية القادمة إلى جانب النساء والشباب من خلال مرشحين تقترحهم الأحزاب السياسية. وأكدت اللجنة في ندوة صحافية عقدت يوم الأربعاء بالرباط وخصصت لتسليط الضوء على رسالة مفتوحة كانت قد وجهتها إلى رئيس الحكومة وإلى مجموعة من الوزراء ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين،على تفعيل ولوج مغاربة العالم إلى حقهم في المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة أسوة بباقي فئات المجتمع المغربي.
وكانت فعاليات نسائية قد دعت في وقت سابق إلى تخصيص اللائحة الوطنية للنساء فقط مع توسيعها واعتماد مبدأ المناصفة في اللوائح الإقليمية في الاستحقاقات القادمة، وترشيح 15 في المائة على الأقل من النساء كرئيسات في هذه اللوائح.
وأكدت الفعاليات النسائية في لقاء تواصلي سابق نظمته جمعية (جسور- ملتقى النساء المغربيات)، بالرباط، أن نمط الاقتراع باللائحة الوطنية هو الأفضل للتمثيلية النسائية ومكسب مهم لا يمكن التراجع عنه باعتباره آلية للتمييز الإيجابي لا يجب تقاسمه مع فئة أخرى.
واعتبرت أن اللائحة الوطنية مكسب للحركة النسائية يعالج بشكل نسبي حالة التمييز والحيف التاريخي الذي عانت منه النساء، داعية الأحزاب إلى استيعاب روح الدستور الجديد من خلال فتح المجال لتجديد نخبها عبر ترشيح الشباب والأطر في اللوائح الإقليمية.
وحسمت خديجة الرباح هذا الأمر مؤكدة بأن الصيغة النهائية للاتفاق الذي خرج به منتدى النساء البرلمانيات وحركات نسائية ونساء أحزاب والحركة من أجل ديمقراطية المناصفة وصل إلى ضرورة التشبث بتخصيص اللائحة الوطنية و25 في المائة من رئاسة اللوائح المحلية للنساء. واعتبرت الرباح، المنسقة الوطنية للحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، أن النقاش الدائر اليوم حول مطالب الشباب، بتخصيص نسب مهمة لهم في اللائحة الوطنية، خاطئ لأن تاريخ تدبير التمييز الايجابي في العالم يخصص اللائحة الوطنية للجنس الأقل تمثيلية وهو في المغرب النساء، أما الشباب فهم فئة عمرية وليسوا جنسا واحدا.
للإشارة فإن مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب رفع عدد الأعضاء من 325 إلى 395 عضوا ينتخبون بالاقتراع العام المباشر عن طريق الاقتراع باللائحة منهم 305 ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية المحلية المحدثة، و90 عضوا ينتخبون برسم دائرة انتخابية وطنية تضم النساء والشباب والأطر، تُحدث على صعيد التراب الوطني. ونص المشروع أن اللائحة الوطنية تقودها نساء، ولا ينبغي أن يزيد عدد الشباب فيها عن 35 مرشحا تقل أعمارهم عن 35 سنة شمسية.
ويظهر أن الأحزاب المغربية تمر بمرحلة عصيبة هذه الأيام، بسبب هذا الجدل الذي خلقته اللائحة بين النساء والشباب والجالية المغربية بالخارج، بالإضافة إلى حيرتها بين المطالبة برفع سن الترشيح للانتخابات، وبين رفض اللائحة الوطنية ككل لعدم دستوريتها، خاصة أنها تسببت في انقسامات تهدد الأحزاب بالانفجار قبيل الانتخابات، علما أن غالبية قيادييها كانوا يمنون النفس بالترشيح في اللائحة الوطنية حتى يضمنوا مقاعد في مجلس النواب، بعيدا عن صخب اللائحة المحلية التي يملك مفاتحيها أعيان وخبراء الانتخابات داخل الأحزاب، لذا تشدد مختلف الأحزاب على أن يوكل إليها تحديد معايير الترشيح في اللائحة الوطنية، بدلا من التنصيص عليها في القانون.