شعب بريس – و م ع تحقق خدمة ترامواي الرباط - سلا التي انطلقت في الصيف الجاري يوما عن يوم الإقبال والارتياح لدى سكان العاصمة الذين أضنتهم لسنوات وما تزال مشاكل النقل الحضري، وإن كانوا يعتبرون أن ثمن هذه الخدمة مرتفع نسبيا فإن شركة ترامواي تعدهم بتخفيضات ونظام تعرفة جديد ابتداء من سبتمبر المقبل.
وأكدت مديرة شركة الترامواي الرباط – سلا، لبنى بوطالب أن هذا المشروع الجديد للنقل حقق نجاحا منذ انطلاقته يوم 18 ماي 2011 وذلك باعتباره أول تجربة في المغرب أنجزت في التاريخ المحدد لها.
وقالت بوطالب أن ثمن التذكرة الحالي (سبعة دراهم) يندرج ضمن المرحلة التجريبية، غير أنه في شهر شتنبر المقبل الذي يمثل الانطلاقة الحقيقية للترمواي "سنعمل على مراجعة الثمن عبر إحداث أسعار جديدة محفزة تكون الغاية منها تقريب الترمواي من المواطنين".
ويتمثل نظام التعرفة الجديد في اعتماد الاشتراك بعدد الرحلات، بحيث قد يصل سعر رحلة إلى ثلاثة دراهم حسب استعمال التذكرة، بالإضافة إلى أشكال أخرى مرتقبة من الاشتراك في شهر شتنبر 2011.
ومن جهته أكد مدير وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، المشرفة على مشروع الترمواي لمغاري الصاقل، أن هذه الفترة يمكن اعتبارها بفترة ملاحظة ستمكننا من مراجعة ثمن التذكرة والتدقيق في منظومة النقل الإضافية والمتكاملة، مؤكدا أن شهر شتنبر سيكشف لنا عن معالم جديدة تتعلق بالإقبال على الترمواي، علما أن الهدف هو جعل الترمواي في متناول الجميع مع مراعاة التكاليف والنفقات المرتبطة به.
وبدأت الشركة جديا التفكير في توسيع شبكتها لتصل إلى تمارة وحي الرياض وبوقنادل وسلاالجديدة وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية، كما أنها بصدد دراسة الحصول على الغلاف المالي لتحقيق هذا المبتغى، علما أن 20 كلم المستعملة حاليا كلفت غلافا ماليا قدره 3 مليار و800 مليون درهم .
وبخصوص هذا الأمر يقول الصاقل، إن تحقيق هذا الهدف يمر أساسا باحترام التزاماتنا تجاه شركائنا (فرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى) الذين منحوا الشركة قروضا مهمة، إذ يتعين أولا تسديدها للحفاظ على سمعة ومصداقية الوكالة ثم التفكير بعدها في مشروع التوسيع المنشود.
يذكر أن شركة ترمواي الرباط - سلا وقعت مع الشركة الفرنسية لتنمية النقل العمومي "ترانس ديف" على عقد استغلال شبكة الترمواي الذي يمتد على مدى ست سنوات بقيمة إجمالية قدرها 850 مليون درهم.
وعبرت شرائح واسعة من المواطنين مختلفة الأعمار عن سرورها بهذه المنظومة الجديدة للنقل، التي تضمن لها الراحة وربح الوقت.
وقال كمال وهو طالب في ال19 من عمره أنه يفضل التنقل في الترمواي من سلا إلى مدينة العرفان، لربح الوقت وللتركيز والمواظبة، كذلك هو الشأن بالنسبة لعلال (40 سنة) موظف ينتقل يوميا من العكاري اتجاه أكدال، الذي أكد في أنه يجد راحة كبيرة داخل العربات النظيفة التي تتوفر على مكيف يلطف الجو، مما يمكنه من الالتحاق إلى عمله دون أن ينشغل بمشكل التوقيت.
نفس الارتياح عبر عنه عبد الرحمان وهو رجل أعمال في الخمسين من عمره حيث أكد أنه تخلى عن استعمال سيارته الشخصية للتنقل يوميا من سلا إلى الرباط وذلك لربح الوقت والبحث عن الراحة التي لقيها في الترمواي الذي رفع عنه عبء معاناة حركة السير في الطرقات.
ولا يختلف إثنان في أن الترمواي أضفى جمالية على العدوتين، كما أن مساره يضفي الهدوء والسكنية بفضل النباتات المغروسة في جنبات أرصفته وتلك المحاذية للمحطات، كما هو الحال بالنسبة لساحة الجولان ومدينة العرفان وفي مدينة سلا.
وقالت بوطالب في هذا الصدد أن موضوع التهيئة كان دائما نصب أعيننا، بداية من لون الترامواي الذي شارك في اختياره ثلة من الفنانين المغاربة الذين ركزوا على عامل الضوء حتى يوصل إحساسا بالسكينة والتفاؤل والسلام بفضل الضوء الذي يشع من ألوانه، كما تكسوه زخارف تستمد خصوصيتها من الزليج المغربي الأصيل.
وفضلا عن مساهمته في حماية البيئة عبر التقليص من نسبة التلوث والضجيج، فإنه يساهم أيضا في التنمية الاقتصادية بالعدوتين من خلال إحداث قرابة 600 منصب شغل موزعة ما بين موظفي وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، وشركة الأمن الخاصة، وشركة النظافة، أما النصف الباقي (300) فيتمثل في توفير مناصب لفئة من شباب العدوتين منهم من يحصل لأول مرة على منصب شغل.
وأشارت بوطالب إلى أن الترمواي أصبح يتعايش مع ساكنة العدوتين وأضحى يشكل جزء من المدينة سيما وأن الأمر لا يتعلق بمشروع تجاري صرف بل يشكل نقلة نوعية بالنسبة لقطاع النقل الحضري، حيث يوجد المواطن في قلب هذه المنظومة الجديدة، للبحث عن راحته وإزالة كل المخاوف المتعلقة بالتوقيت.
ويقتضي ذلك أيضا الحفاظ بشكل كبير على هذه الوسيلة الرائدة في النقل والحرص على نظافة العربات وتفادي كل الأعمال التي قد تساهم في تلفها، كونه أصبح يستقبل كل فئات الركاب، بمن فيهم المعاقون جسديا والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص محدودو الحركة ومستعملو الكراسي المتحركة.
وأكدت بوطالب أن ما تتوفر عليه الرباط اليوم هو منظومة جديدة للنقل تضمن خدمة منتظمة لنقل الركاب من السابعة صباحا إلى منتصف الليل خلال شهر رمضان.
وأشارت من جهة أخرى إلى أن المستوى الخدماتي بلغ نسبة 98 في المائة، مما لا يترك مجالا للشك لنجاح هذه العملية بفضل احترام الجودة وكسب ثقة الزبناء، علما أن البلدان التي سبقتنا في هذا المجال لقيت عراقيل جمة لم تسجل لدينا لحد الساعة مثلها.
وأضافت عند تدارسنا للنقل في المدينة لاحظنا أن أكبر عدد من الركاب يتمركز في محور سلا نحو الرباط صباحا، ومن الاتجاه المعاكس من الرباط تجاه سلا في المساء، حيث أصبحت العاصمة تعرف حركة دؤوبة تتمثل في توافد المواطنين على المدينة القديمة ووسط المدينة وعلى أكدال، مما يفسر عدول المواطنين على استعمال سيارتهم أو تركها في مواقف السيارات .
وذكرت بوطالب أن حركة النقل بالترامواي أصبحت تستجيب للنمو الديموغرافي الذي تشهده العدوتان، مما يؤكد مجددا ايجابية هذه الفترة لأن نجاحها ينحصر في فصل الصيف الذي ينخفض فيه التنقل، ولهذا ينتظر أن تكون الانطلاقة الحقيقية للمشروع ابتداء من شهر شتنبر المقبل وبعد عيد الفطر، ثم الدخول المدرسي والجامعي الجديد.