انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل لتدارس أربعة مشاريع مراسيم    السيناتور الأمريكي جيري موران يشيد بدور جلالة الملك في تحقيق السلام    ممثل المغرب في المجموعة الثانية عقب إجراء قرعة كأس الكونفدرالية الإفريقية    "شبكة" تطالب بحوار عاجل لإنهاء أزمة الطلبة الأطباء وتجنب انهيار القطاع    الداكي: مكافحة التعذيب أولى الأولويات    بورصة الدارالبيضاء.. تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    رئيس مرصد صحرواي ل" رسالة 24 ": اعتبارات سياسوية ضيقة وراء قرار المحكمة الأوروبية    مهنيو النقل الدولي يستنكرون إيقاف الحكومة لدعم المحروقات    "القسام": طوفان الأقصى ضربة استباقية وندعو لأكبر تضامن مع فلسطين    في ذكرى 7 أكتوبر.. تدخل بالقوة لتفريق مسيرة تضامنية بوجدة ومظاهرات جديدة بعدة مدن    التشيك تجدد التأكيد على تشبثها بعلاقاتها الوثيقة مع المغرب    الأرصاد الجوية تبشر بقدوم أمطار الخير إلى الريف ومناطق أخرى من المملكة    إدارة السجن المحلي الأوداية بمراكش تنفي مزاعم انتحار سجينين بسبب "الإهمال الطبي" وتعريض سجينة ل "التعذيب"    إحباط محاولة للهجرة السرية بإقليم طرفاية    حموشي يمنح ترقية استثنائية لشرطي فقد حياته بين طنجة والفنيدق    المنتدى العربي للفكر في دورته 11    الملك محمد السادس يهنئ خادم الحرمين الشريفين بمناسبة الذكرى العاشرة لبيعته    السلطات المغربية تعتقل مجرما خطيرا فر من السجن بإحدى الدول الأوروبية    المغرب يحتضن النسخة الأولى لمؤتمر الحوسبة السحابية    بركان تتعرف على منافسي "كأس الكاف"    مفتش شرطة بمراكش يضطر لاستعمال سلاحه الوظيفي لتوقيف جانح    افتتاح السنة التشريعية حدث دستوري وسياسي واجتماعي واقتصادي بدلالات وأبعاد وطنية ودولية    اغتيال حسن نصر الله.. قراءة في التوقيت و التصعيد و التداعيات    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    جائزة نوبل للطب تختار عالمين أمريكيين هذه السنة    نسبة مشاركة هزيلة.. الشعب التونسي يرفض مهزلة الانتخابات الرئاسية    هروب ثلاثة مغاربة من غرفة طلب اللجوء بمطار مدريد    أرباب المخابز يحتجون على عشوائية القطاع وتدهور وغياب الدعم المالي    أسعار الذهب تتراجع في المعاملات الفورية    جائزة كتارا تختار الروائي المغربي التهامي الوزاني شخصية العام    ريال مدريد يعلن إصابة داني كارفاخال بتمزق الرباط الصليبي الأمامي وعدة إصابات خطيرة أخرى    بطولة احترافية بمدرجات خاوية!    جهة سوس تسجل أعلى معدل بطالة على المستوى الوطني    مزراوي يغيب عن المنتخب الوطني بسبب الإصابة ونجم الرجاء الأقرب لتعويضه    تعريف بمشاريع المغرب في مجال الطاقة المتجددة ضمن أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة2024    الدحاوي تمنح المغرب الذهب ببطولة العالم للتايكوندو للشبان في كوريا الجنوبية    منتخب "U17" يواجه السعودية استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    "حزب الله": لا بد من إزالة إسرائيل    مشعل: إسرائيل عادت إلى "نقطة الصفر"    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعزي في وفاة الصحفي مصطفى لخيار    فيلم "جوكر: فولي آ دو" يتصدر الإيرادات بأميركا الشمالية    حماس تعلن إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل تزامنا مع إحياء ذكرى 7 أكتوبر    في لبنان مصير العام الدراسي معلق على وقع الحرب وأزمة النازحين    بنحدو يصدر ديوانا في شعر الملحون    انطلاق منافسات الدورة ال25 لرالي المغرب    "أيقونة مغربية".. جثمان الفنانة نعيمة المشرقي يوارى الثرى في مقبرة الشهداء    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    7 سنوات على موجة "مي تو"… الجرائم الجنسية تهز قطاع صناعة الموسيقى بالولايات المتحدة    إسرائيل ربحت معارك عديدة.. وهي في طورها أن تخسر الحرب..    الملك محمد السادس يشارك الأسرة الفنية في حزنها لفقدان نعيمة المشرقي    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع الصحافية رويدا مروة
نشر في شعب بريس يوم 18 - 08 - 2011


حوار مع الصحافية رويدا مروة

رويدا مروّه: إذا لم تبدأ الأحزاب السياسية والقوى الفاعلة في المجتمع مسيرة نهضة حقيقية فلن يكون للتعديلات الدستورية سوى مكاسب متوسطة القدر للمغاربة

نستقبل في هذه الفترة الجد صعبة في تاريخ المنطقة العربية خاصة والعالم عامة المديرة التنفيذية "للمركز الدولي للتنمية والتدريب وحلّ النزاعات" والباحثة في العلاقات الدولية والناشطة الإعلامية والحقوقية رويدا مروه للحديث عن فيلمها الأخير "المخلوع" الذي يتحدث عن ما يقع بتندوف من انتهاكات لحقوق الإنسان وكذلك عن رأيها في قضية الصحراء والحكم الذاتي والربيع العربي والحالة المغربية المنفردة، نترككم مع هذه المفكرة اللبنانية الملمّة بالقضايا المصيرية للأمة بشكل كبير لتتعرفوا عليها عن قرب.

- من هي رويدا مروّه الإنسانة والحقوقية والناشطة الإعلامية؟

رويدا مروّه "الإنسانة" فتاة لبنانية عربية من "آل مروّه"...هذه الكلمات تختصر افتخاري بكوني أنتمي إلى عائلة لبنانية جنوبية عريقة (آل مروّه) المعروفة بإبداعاتها الفكرية والثقافية والإعلامية الفلسفية والنضالية في مجال حريّة الرأي والتعبير وهي العائلة التي ينتمي إليها أعلام في الصحافة كالراحل الناقد الموسيقي المعروف نزار مروّه والراحل المبدع الصحافي كامل مروّه مؤسس "جريدة الحياة"... وهي العائلة التي أنجبت في الفلسفة والفكر الراحل الشهيد الشيخ حسين مروّه والمفكر الكبير وأحد ابرز أعلام الحزب الشيوعي اللبناني الأستاذ كريم مرّوه... إضافة" إلى أسماء كبيرة أخرى من العائلة كناشر وصاحب جريدة "الدايلي ستار" (الجريدة اللبنانية الوحيدة الناطقة باللغة الانكليزية في لبنان) الأستاذ جميل مروّه وغيره من الشخصيات المعروفة من مختلف مجالات الإبداع والمعرفة والذين يصعب حصرهم هنا...هؤلاء جميعا واسم عائلتي حمّلني مسؤولية كبيرة في تحقيق انجازات تليق بهذه العائلة وصيتها الذي ذاع في العالم العربي كافة، كما أن اسم العائلة كان دائما "ورقة عبور" إلى كل من سمع باسمي بل لقائي شخصيا...ومّما أفخر بالتعريف به عن نفسي أنني أحمل الجنسية اللبنانية وهي بمثابة "شهادة تقدير" أحملها معي أينما ذهبت لأنها تعبر عن انتمائي لشعب مناضل ومقاوم حارب المستعمر الفرنسي ومن بعدها حارب إسرائيل وذاع صيته منذ عقود في نجاحاته في قطاع التجارة والاقتصاد والمال والأعمال والفكر والثقافة داخل لبنان وخارجها لدرجة أنّ الجملة التي تعوّدت سماعها في كل بلد أزوره "أنت لبنانية...أهلا بلبنان بلد العلم والثقافة والإبداع... "...كما أنني أفخر بالتعريف عن نفسي بكوني "عربية" لأنني تربيت على قيم ومبادئ وتمسكت بها يوما بعد يوم بفعل تجربتي المهنية ولقائي بناشطين وصحافيين عرب وهي شعوري بالفخر والاعتزاز من كوني أنتمي لثقافة عربية تحتضن أعرق القيم والمثقفين وهنا ألوم العديد من الشباب العربي الذين طالما انتقدوا الشعوب العربية وواقعها المعاش قبل ما يسمى "بالربيع العربي" وكانوا يتمثلون دائما بالشباب الغربي لكنني لم أنتظر (وأعرف أن كثيرين مثلي) "الثورات العربية" لأكتشف أن الشعوب العربية شعوب حيّة وحيوية ونابضة بالكرامة واللارضوخ"...

أمّا رويدا الناشطة الحقوقية والصحافية فهي الثائرة دائما من أجل التغيير ونصرة القضايا المحقة... كثر لا يعرفون أنني بدأت عملي الصحفي منذ دخولي السنة الجامعية الأولى في قسم الصحافة لأنّ حماسي الإعلامي جعلني منذ الشهر الأول في دراسة الإعلام أبحث عن فرص التدرّب والتطوير الخبراتي في مجال الإعلام وعندما أعود بالذاكرة ست سنوات إلى الوراء أشعر أنني اجتزت مراحل كثيرة في سنوات قليلة بمجهود فردي وجبّار لأن حماسي واستعدادي للعمل وبناء مستقبل مهني كبير كان يساعدني لتجاوز كل مشكلة أو عقبة تواجهني...ومنذ ثلاث سنوات تفرّغت بشكل شبه كامل للعمل الحقوقي والمدني الذي أصفه بأنه "تحديّ كبير في داخلي لا ينتهي للتعريف بقضايا إنسانية أؤمن بها"......لقد عملت لأكثر من ثلاث سنوات متواصلة في مجال إعداد وتقديم برامج إذاعية وتلفزيونية اجتماعية إلى أن تفرّغت بشكل كامل للعمل الحقوقي عندنا بدأت دراسة الماجستير في العلاقات الدولية حيث ألهمني مجال التدريب على حقوق الإنسان وحل النزاعات والتدريب الإعلامي وقد ساعدني في اكتساب سمعة طيبة في العمل الحقوقي عدم وجود أي انتماء سياسي لي ولعائلتي في بلد كلبنان معظم إعلامييه مسيّسون حزبيا ...لم أطق يوما العمل الوظيفي الذي جرّبته كمسئولة إعلامية في شركات خاصة كبرى في لبنان لأنّ حماسي للمجتمع المدني كان يسرق اهتمامي دوما...


-ما السرّ في اهتمامك بقضية الصحراء المغربية في فيلمك الأخير "المخلوع" وفضحك للانتهاكات الجسيمة بمخيمات تيندوف ؟

سعيدة جدا بطرحك لهذا السؤال لأنني على يقين أن كثير من المغاربة والعرب يطرحون هذا السؤال (بعضهم بالخفاء وبعضهم يوّجهون سؤالهم اليّ مباشرة) وربما هذه هي المرّة الأولى التي سأجيب فيها بشكل علني وصريح جدا عن سبب هذا الاهتمام... وباختصار إجابتي هي "لماذا نهتم كعرب بقضية فلسطين وحق الفلسطينيين في العودة؟ ولماذا نتضامن ونحزن لما يحصل في العراق؟ ولماذا نتضامن مع الثورات العربية الطامحة للتغير؟ ...إذا كنا قد سلّمنا جدلا بهذه القضايا ومواقف التضامن العربي فيها من منطلق كوننا عرب ومسلمين، فلماذا نستغرب أن تتضامن حقوقية عربية مع صحراويين (عرب مسلمين) محتجزين في مخيمات تندوف وسط غياب وسائل اتصال سواء انترنت أو تغطية إعلامية داخل المخيمات ووسط تنكيل بأبسط حقوق التنقل والتعبير والسفر والتعليم والصحة؟... ولماذا يستغرب الكثيرون إنني اعمل على فضح انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف لاسيّما قضيتي ترحيل الأطفال قسريا إلى كوبا وإبعادهم عن ذويهم بحجة الدراسة إضافة إلى التمييز الجنسي داخل المخيمات وظاهرة الرق والعبودية والتي كشف عنها أكثر من فيلم وثائقي دولي سابقا؟ في وقت يهبّ فيه ناشطون أوروبيون وأميركيون لنصرة من انتهكت حقوقهم في أقصى بقاع الأراضي العربية؟... أعتقد أنّ هذه الأسئلة قد تقنع البعض ومن لم يقتنع فأنا أعلن وبكل إصرار أن قضية الصحراء بالنسبة إليّ هي التزام أخلاقي وإنساني لم ولن أتخلى عنه مهما كلّفني النضال في هذه القضية... ولا أخفي عليك فمن يبحث في الانترنت سيجد حجم الهجوم الذي أتعرّض إليه في كل مرّة انّظم نشاط أو اكتب مقالا يطال القضية... ربما سبب هذا الهجوم انه من سنوات طويلة لم يعمل شخص عربي (غير مغربي) على هذه القضية وهذا ما يثير حفيظة البعض ولكن لا شيء سيمنعني عن النضال الذي تعبت كثيرا للوصول إليه في التعريف بانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تدونف وسأكمل الطريق بإرادة أقوى... أمّا فيلم "المخلوع" فهو لم يكن أول مبادرة حقوقية وإعلامية حول قضية الصحراء أقوم بها، فعلاقتي بقضية الصحراء بدأت قبل عامين عندما بدأت شخصيا اهتم بالقضية من خلال دراستي لحل النزاعات ومن ثم زيارتي الرسمية لمدينة العيون والتجوّل في المدينة ولقاء والي المدينة وابرز فعالياتها السياسية والاقتصادية والثقافية والجمعوية للإطلاع عن كثب عن هذه القضية...بعدها بدأ تحدّي كبير ينمو في داخلي يشبه كل التحدّيات الأخرى التي اجتاحت إرادتي لتكريس وقت طويل واهتمام كبير مدفوعة بحس إنساني بحتّ لمساندة ضحايا التعذيب داخل مخيمات تندوف من قبل جبهة البوليساريو...

زيارة تضامن مع مصطفى سلمى في نواكشواط،يوليو 2011
ويوما بعد يوم عندما بدأت اكتشف كل المغالطات والأكاذيب والتضليل الإعلامي الذي يلّف القضية بدأت أتحمس أكثر للعمل على القضية خاصة أنني كنت أرى جهلا عربيا كبيرا حول ما يحصل في هذه القضية وعدم رغبة اي جهة عربية رسمية في تحمل مسؤولية حقيقة تجاه مسار هذا النزاع الذي يعطل قيام "اتحاد المغرب العربي" ويشوّه علاقات دولتين عربيتين ذات أهمية إستراتيجية وسياسية ودولية هما المملكة المغربية والجزائر...وبعد أن شاركت في أكثر من محفل دولي في أروقة الأمم المتحدة لا سيما الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف وغيرها من الفعاليات الإعلامية والحقوقية حول حقوق الإنسان وحماية الأطفال والنساء في أماكن النزاعات قررت في بداية العام بالتعاون مع مجلس إدارة "المركز الدولي للتنمية والتدريب وحلّ النزاعات" أن أبدا بالعمل على عمل وثائقي يوّثق لمعاناة نساء وأطفال تندوف من خلال شهادات عائدين من المخيمات سردوا شهاداتهم ضمن سياق درامي... وهكذا جاء فيلم "المخلوع" وهو من إخراج مشترك بيني وبين زميل لبناني آخر "محمود فقيه"، وسيكمل الفيلم طريقه إلى كل المحافل الحقوقية والإعلامية وسينشر المزيد والمزيد حول حقيقة ما حصل ويحصل في مخيمات تندوف... وقد تمّ عرضه أولا في العاصمة الرباط خلال شهر يوليو وبعد شهر رمضان المبارك سيكون هناك عروض للفيلم مع جلسة مناقشة لشخصيات الفيلم في بيروت وعواصم عربية وأجنبية أخرى...


- أين يمكن لك تصنيف الكيان الوهمي البوليساريو بعد قيامك بفيلم المخلوع ؟ وما هي الرسالة التي كنت تودين إيصالها للعالم من خلاله ؟
في الواقع فانّ الرجوع إلى الأرشيف الالكتروني المنشور حول فيلم "المخلوع" نجد أن أنصار ما يسمى "البوليساريو" شنوا حربا الكترونية عنيفة اللهجة وصلت إلى حدّ القدح والذّم ضدّي حتى قبل عرض الفيلم... وقد كنت سعيدة جدا بذلك لأنهم لم يجدوا أي طريقة يرّدون بها على الحقائق التي صورّها الفيلم وشعرت منذ تلك اللحظة بأنّ الفيلم أوصل رسالته بعد نشر أول مقابلة معي حول مضمون الفيلم وشعرت أنني نجحت بنشر الرسالة الأساسية للفيلم بشكل صحيح عبر حجم الاستنفار والاستفزاز الذي حصل من قبل الطرف الآخر... الرسالة كانت واضحة وهي تسليط الضوء على قصص نساء ورجال صحراويين عانوا من التعذيب النفسي والجسدي على أيدي جبهة البوليساريو قبل هروبهم من المخيمات وعودتهم إلى أرض المغرب...
أما واقع الجبهة في الأسابيع القليلة الماضية وحتى يومنا هذا فهي متخبطة داخليا بعد أن خرجت أصوات العديدين من معارضي القيادة الحالية إلى العلن وأبرزهم مؤخرا الشاعر الصحراوي الناجم علال والذي أقدمت عناصر من ميليشيات البوليساريو على اعتقاله لمدة ساعتين عند مروره عبر حاجز امني رفقة صديق له حيث تم استنطاقهما و حجز سيارتهما وذلك على إثر إصداره لألبوم غنائي تحت عنوان "شباب التغيير" الذي أيّد فيه شباب الثورة الصحراوي وانتقد فيه سياسة قادة البوليساريو متهما إياهم بالاغتناء على حساب مأساة الصحراويين الذين ضاقوا ذرعا بطول معاناتهم التي استمرت على مدى أزيد من 35 سنة.
ولعلّ ابرز ضربة كانت ومازالت للجبهة هي المناضل الكبير مصطفى سلمى ولد سيدي مولود الذي عاقبته الجبهة لأنّه أيد مقترح الحكم الذاتي قبل عام فقامت بتسليمه لمكتب المفوضية السامية لغوث اللاجئين بنواكشوط، وهو ينتظر تحديد وجهة نهائية تجمعه بعائلته بعد معانات النفي والاعتقال والتعذيب والحرمان من لقاء أهله وأبناءه إضافة إلى إبعاده ومنعه من دخول المخيمات إثر اقتناعه وتأييده لمبادرة الحكم الذاتي المغربية واعتبارها حلا واقعيا ينهي شتات الصحراويين ويضمن مستقبلهم.
كل هذه الأحداث لا تعكس سوى ضياع وتشتيت جبهة البوليساريو في ما يخصّ مسار النزاع التي لم تفعل شيئا في كل مرة تدعوا فيها ألامم المتحدة الى جولة جديدة من المفاوضات الرسمية وغير الرسمية حول الصحراء سوى عرقلة مسار المفاوضات ورفض كل مقترحات الحل الممكنة والتشبث بالمطالبة بالاستقلال كتعبير عن حق تقرير المصير في وقت أصبح معروفا فيه ان الاستقلال هو غير ممكن للصحراويين كم أن كل النظريات السياسية تؤكد أن حق تقرير المصير له أشكال أخرى غير الاستقلال وهي الحكم الذاتي...

-هل يمكن اعتبار الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب حلّا للنزاع بالصحراء؟

رأيي لم يتغير في ما يخص مقترح الحكم الذاتي لإنهاء النزاع على الصحراء...ومنذ بداية النزاع في العام 1975 وحتى يومنا هذا لم يكن هناك طرح أكثر واقعية وقابلية للتنفيذ من مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في العام 2007, كل الطروحات السابقة للحل من الاستفتاء إلى ما ينادي به الطرف الآخر أي الاستقلال التام تعارضه الوثائق التاريخية والقانونية والجغرافية حول هوية الصحراء وولاء قبائل الصحراء إلى المملكة المغربية إضافة إلى أن الأمم المتحدة عبر مبعوث الأمين العام كان باستمرار ومع توالي العديد على هذا المنصب اعترفوا بقناعة بانّ الحلول الأخرى غير ممكنة ووصفوا مقترح الحكم الذاتي بأنه الأكثر قابلية للتطبيق وحتى عواصم القرار في العالم اعترفت بنفس الأمر، وانأ شخصيا أكثر ما لفتني في هذا المقترح هو انه ورقة تفاوض حقيقية غير جامدة بل لينة وتتّسع للكثير من الإضافات والحذف وهذا فعلا ما يجعلنا نؤمن بهذا المقترح كونه يفسح المجال أمام كل أطراف الحوار للجلوس والتفاوض على ورقة قائمة والخروج من سلسلة المفاوضات غير الرسمية التي لم تفض إلى أي نتيجة منذ اشهر وسنوات وفي كل مرة تنتهي جولة تكون النتائج "رواح مكانك" وهذا ما كنت قد ذكرته في عدّة مقالات سابقة لي حول تقييم مفاوضات الصحراء برعاية الأمم المتحدة...

- بصفتك المديرة التنفيذية "للمركز الدولي للتنمية والتدريب وحلّ النزاعات" وباحثة في العلاقات الدولية كيف ترين الوضع الحالي في العالم العربي عامة والحالة المغربية خاصة؟

اسمح لي أن أبدأ بالوضع المغربي أولا والذي لا يخفى على أحد انه يمرّ بمرحلة تحول سياسية كبيرة منذ نشوء حركة 20 فبراير وحتى يومنا هذا... لقد كنت في زيارة للرباط حين بدأت تحركات 20 فبراير وكنت أيضا في زيارة أخرى للرباط حين تم الاستفتاء على الدستور في الأول من يوليو الماضي ورأيت بنفسي مجريات الحياة السياسية والحراك الشعبي في المملكة عن قرب...وأعتقد أن الأهم من نتيجة الدستور والاهم من النقاش الذي دار قبل الدستور بين مقاطع ومؤيد ومعارض هو النقاش الدائر حاليا حول موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة وحجم التعبئة الشعبية للمشاركة من قبل مختلف الأحزاب السياسية كي لا يتكرر سيناريو المشاركة الضعيفة في الانتخابات النيابية خلال الدورة الماضية... ونقرأ منذ فترة قريبة عدم رضا عن حراك الأحزاب السياسية تجاه الانتخابات القادمة والاكتفاء بوجود نقاشات داخلية بين وزارة الداخلية وممثلي الأحزاب حول موعد تحديد الانتخابات...

بالنسبة لهذا الشق اعتقد أن الشعب المغربي وليس فقط الأحزاب المغربية أمام تجربة حقيقية لتقييم مدى استعداهم لبناء "مغرب جديد" قائم على المصالحة والإنصاف وتفعيل مجالس وطنية للشباب وحقوق الإنسان ومدى قدرتهم على تلّقف التعديلات الدستورية الجديدة...
فليس مهما" أن كان حجم التعديلات الدستورية كافي او غير كافي ولكن المهم أن يوجد كفاءات بشرية لا سيما سياسية وحزبية ونقابية منها قادرة على أن تمسك زمام السلطة في مرحلة "ما بعد الدستور الجديد"... فإذا كان النقاش حول الانتخابات القادمة هو نقاش حكومي - حزبي فقط حول التاريخ الأنسب للانتخابات فاعتقد ان المغرب سيخسر كثيرا لانّ هذا يعني بقاء الحال على ما هو عليه ويعني أيضا أن الحكومة المغربية والسلطات المغربية هي من سيتابع تنفيذ الدستور الجديد ولن يكون للشعب "كلمة الفصل" في مسار ومراحل تطبيق الدستور الجديد وكل ذلك لن يتحقق بدون تعبئة شعبية لمشاركة مرتفعة من الناخبين في الدور المقبلة للانتخابات التشريعية وعندها على الجميع ان يرضى بالنتائج لان مرحلة "الحل الجاد" بعيدا عن التظاهر وسيناريوهات الشارع تكون قد حانت ولن تحتمل أي تأجيل آخر...
فالمغرب اليوم دخل في المرحلة التي لازال العالم العربي يتخبط بها وهي المرحلة الانتقالية بين الإصلاح والديمقراطية (وصل المغرب لهذه المرحلة بعد التعديلات الدستورية التي وافق عليها الشعب بأغلبية ساحقة في استفتاء يوليو)... وإذا لم تبدأ الأحزاب السياسية والقوى الفاعلة في المجتمع مسيرة نهضة حقيقية فلن يكون للتعديلات الدستورية سوى مكاسب متوسطة القدر للمغاربة...

بالنسبة للوضع العربي، أرى أن لكل حراك في الشارع العربي اليوم خصوصية مختلفة رغم أن كل "شوارع التغيير العربي" أجمعت على المطالبة بحرية الرأي والتعبير والديمقراطية والإصلاحات السياسية والاقتصادية...ولكن الخطر الحقيقي على هذا الحراك هو الأنظمة الدكتاتورية العربية التي مازالت قائمة اليوم والغرب ومعه أميركا التي لن ترضى بدول عربية قوية وأنظمه جديدة قوية مستقلة عن التبعية للغرب...ولكن الوصول إلى أنظمة جديدة "نظيفة" وقف على الوعي السياسي للشعوب العربية وليس فقط الوعي الجماهيري...فالوعي الجماهيري قد يعني أن هناك آلاف وملايين الأشخاص ينزلون للشارع للهتاف ضد نظام أو لرفع شعار تغييري إصلاحي ولكن هذا وحده لا يكفي لبناء أنظمة جديدة قوية وديمقراطية... والدليل هو ما يحصل في مصر وتونس بعد سقوط راس النظام السابق بن علي ومبارك، علما أن النظام السابق لم يسقط لان رموزه ورجاله موجودون...أما الوعي السياسي للشعوب فيعني أن يعرف الشعب أن القوانين والدساتير الجيدة وحدها لا تضمن قيام دول وأنظمه قوية وان المشاركة في الأحزاب السياسية والانتخابات التشريعية هي السبيل الوحيد للمجيء بمن يستحق لحكم الشعوب العربية في مراحل ما بعد "الثورات" هذا ان سارت "الثورات" العربية بعيدا عن انحراف الأهداف...


-ما هي أعمالك وتحركاتك المستقبلية ؟

العمل البحثي والصحفي يبقى اهتمام شخصي ومهني ولكن عملي كمديرة تنفيذية للمركز الدولي للتنمية والتدريب وحل النزاعات- هذا الحلم الصغير- الذي بدأ قبل عام حين شاركت في تأسيسه رفقة صحافيين وناشطين آخرين وبدأ يكبر وينفذ مشاريع أكبر يوما بعد يوم... والمركز يخبئ العديد من المشاريع الجديد في الأشهر القادمة منها أفلام وثائقية جديدة حول حقوق الإنسان إضافة إلى ورش عمل ومؤتمرات حول رصد انتهاكات حقوق الإنسان والتدريب الإعلامي وبناء قدرات الشباب في أماكن النزاعات... إضافة إلى الإعلان عن شراكات جديدة ومهمة مع مؤسسات تهتم بسيادة القانون والعدالة الاجتماعية والتنمية الثقافية في أماكن النزاعات...


كواليس تصوير فيلم المخلوع
- كلمات ومعاني

لبنان: بلد صغير جغرافيا ولكنه يشغل الدول الإقليمية سياسيا وفكريا... يعاني توترات أمنية ومنقسم سياسيا إلى ما لانهاية بسبب التدخلات الخارجية فيه... لكنّ شعبه يبقى قوي الإرادة ولا ينكسر ويزداد ثقافة وعلما يوما بعد يوم...

الفايسبوك: يستطيع إيصال أصوات الشباب والمبادرات الإنسانية ولكنه "غير كاف" لبناء مستقبل دول ومجتمعات إذا لم تتوفر قوى بشرية تستطيع العمل على أرض الواقع بعيدا عن "كبسة زرّ الانضمام للصفحات والمجموعات" والتي يسهل على الجميع الضغط عليها ولكن وقت "الجدّ" لا تجد من يضغط على "كبسة زرّ التنفيذ"...

عبد العزيز المراكشي: يسبح في "المجهول" في ما يخصّ مستقبل الصحراويين المحتجزين في تندوف، لكنّه يعرف جيدا انه وسائر قيادات البوليساريو مستفيدون من بقاء النزاع دون حلّ نهاي... وأعتقد انه ليس بيده القرار النهائي في هذا الإطار... لكنني اطمح للقائه ومحاورته يوما لأسأله الكثير...

الربيع العربي: لا يهمّني تسميته ب"الربيع العربي" أو "الحراك العربي" أو "الثورات العربية" بقدر ما يهمّني الإستراتيجية التي يعمل عليها الاصطلاحيون في العالم العربي للوصول إلى "ربيع المناخ السياسي العربي"....

المغرب: شعب متواضع وبلد ساحر في طبيعته الجغرافية وتاريخه التراثي والحضاري وتنوّعه بين الثقافتين الامازيغية والعربية وأنماط الحياة التقليدية والحداثية وله "خصوصية سياسية وملكية" ليست موجودة في اي بلد ملكي حول العالم..

- كلمة أخيرة للقرّاء

أتمنى كل التوفيق والاستمرار لموقعكم الكريم والمتنوّع وكل الاحترام للقرّاء الأفاضل وأشكركم على هذه المقابلة التي عبرت فيها شخصيا" بكل حريّة وتلقائية عن أفكاري وتطلعاتي والتي أردت من خلالها أن أعبرّ عن أفكار كثيرين من الشباب العربي والقرّاء الذين يتحملّون مسؤولية إنسانية أخلاقية تجاه قضايا يؤمنون بها وقد يدفعون ثمنا" باهظا" دفاعا عن آرائهم...
حاورها: المصطفى اسعد

صفحة التفاعل الخاصة برويدة على الفايسبوك:*
https://www.facebook.com/pages/Rowaida-Mroue-%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%AF%D8%A7-%D9%85%D8%B1%D9%88%D9%91%D9%87/211882208831704

صفحة المركز الدولي للتنمية والتدريب وحلّ النزاعات على الفايسبوك:*
https://www.facebook.com/pages/International-Training-Conflict-Resolution-Center-ITCR/140495116034346?sk=wall

الموقع الالكتروني ووسائل الاتصال بالمركز الدولي للتنمية والتدريب وحلّ النزاعات
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.