على إيقاع رقصة التانجو ميسي يرقص بريال مدريد ويتوج مع البارصا بلقب السوبر الإسباني
شعب بريس: صالح قمران في إطار إياب السوبر الإسباني الذي يدشن عادة الانطلاقة الكروية الإسبانية، جمعت المباراة الساخنة بين فريق الأحلام نادي برشلونة والفريق الملكي ريال مدريد عنوان الحمى الكروية الإسبانية، المباراة التي تعجز كل آلات وأدوات القياس عن مجاراة إيقاعها و قياس درجات حرارتها، جمهور إسباني عاشق وسلوك رياضي يتجاوز الوصف والتصنيف، يسكن القلم لرهبته واليراع لجلاله، وتتسع الأعين والأحداق لمتابعة تفاصيل هذا الاستثناء الكروي الإسباني، جماهير على بضعة أمتار من ركح الملعب، تحتل المدرجات على الطريقة الأنجلوسكسونية، في سيمفونية تفوق سيمفونية بيتهوفن التاسعة في مقامها ولحنها وسحرها وتنظيمها وتناغمها،إيذانا بوجبة كروية إسبانية كاملة المذاق والتوابل والبهارات ، سبحان الواهب الخالق، سبحان خالق البصر والبصائر. كعادة الاصطدام الإسباني الكروي المألوف، تتعارك الخطط الكروية بين الغريمين وبين المدربين كوارديولا ومورينيو، وهي في تجدد دائم لكن الفرق تصنعه أقدام مبدعة ،أقدام تروض الكرة وتسحرها وتحرك بوصلتها أينما شاءت واشتهت، هي أقدام نوابغ الكرة اجتمعت في فريق ملكي يجر وراءه تاريخا حافلا من الأمجاد وفريق برشلونة الذي جذب الشهرة من كل أطرافها حتى أضحى ماركة رياضية مسجلة في غينيس الأرقام القياسية العالمية. المباراة وفت بوعودها ،فما أن استوت عقارب الساعة في دقائقها العشر الأوائل حتى قدمت أول غيثها الكروي و شرب الجمهور الإسباني والعالمي نخب هدف أسطوري ،تمريرة لميسي راقص التانجو وحفيد قمم شامخة مازالت تحتفظ بها الذاكرة الكروية العالمية ،فهو من شجرة مارادونا –بورتشاكا –فالدانو-باتيستوتا –ريكيلمي، بدهاء هؤلاء الكبار وصنعتهم وبخفة بهلوان بارع لا يترك كثيرا من الضجيج ،يمنح الكرة في طبق ذهبي لإنيستا الساحر ليودعها مرمى كاسياس. فريق ريال مدريد وبنخوة وعزة الكبار، زمن بوتراغينيو وراوول تمكن من تسجيل هدف بقدم المدافع الصلب راموس إثر تمريرة عرضية جانبية أتمها بحرفية في مرمى فالديس، إلا أن فريق البارصا أبى إلا أن يؤدي البطولة كاملة إذ قبل أن يلفظ الشوط الأول أنفاسه الأخيرة وب"بيشنيت ساحرة" تراقصت لها الأعين وتعالت على صوت فحيحها الأصوات، ففد دبت مسرعة في الشباك كما يدب فحيح الأفعى في جحر مهجور لا حارس له، هي موسيقى عازف رومانسي و لدغات لاعب أسطوري ولسعات موهبة كروية اسمها ميسي. في الشوط الثاني، لم تهدأ الآلتين الكرويتين للفريقين إذ يخيل لك أحيانا أن من يروض الكرة ليست أقداما آدمية، تخفف الإيقاع وتزيد من دوران عجلته الحارقة وفق مزاجها، وعلى مشارف الدقائق الأخيرة من الشوط الثاني تمكن الفرنسي-العربي كريم بنزيمة من إدراك تعادل ثمين في وقت حساس، إلا أن عظمة البارصا بسحرها ونبوغ لاعبها ميسي يعاود الكرة ويتحف الملايين من العشاق على امتداد الكون الرياضي بهدف جميل ونغمة نادرة شبيهة بنغمة وتر العود الخامس الذي أبدعه ذات يوم زرياب الموصلي، به يمنح للبارصا أول عنقود من عناقيد باكورة محصول رياضي لموسم قادم حارق، عنقود السوبر الإسباني لتعزيز خزانة رياضية فاضت جنباتها بالكؤوس وطفحت موازينها بالألقاب وأضحت تعيش تخمة التتويجات والأمجاد، اللهم بارك، اللهم لا حسد. المعزوفة الكروية الجميلة التي برع في أداء تقاسيمها كل اللاعبين من الفريقين لم يخدش جمال عذوبتها وصفائها سوى تلك المشاحنات التي سجلتها الدقائق الأخيرة من هذا السجال الكروي الذي يطبع عادة الديربيات الكروية العالمية ولا تعدو أن تكون مجرد انفعالات لاعبين كبار ألفوا النصر وجيناتهم الكروية لا تحب الهزيمة إطلاقا رغم إيمانهم أن الرياضة في عرفها معادلة تقوم على ثلاثة توابث/ متغيرات : النصر والتعادل والهزيمة.