في خضم الغموض الذي يكتنف الأوضاع داخل جبهة البوليساريو، على إثر وفاة زعيمها محمد عبد العزيز المراكشي أمس الثلاثاء 31 ماي، اتصلنا بأحمدو ولد السويلم، القيادي السابق في صفوف البوليساريو وأحد مؤسسيها البارزين، وأحد أبرز شيوخ قبيلة أولاد الدليم، والذي عاد إلى المغرب سنة 2009 استجابة لنداء "الوطن غفور رحيم"، فكان لنا معه هذا الحديث المتميز: كيف تلقيتم وفاة محمد عبد العزيز زعيم البوليساريو؟
لقد تلقّيت خبر وفاة زعيم البوليساريو عبد العزيز المراكشي بكل فرح، حيث أنه خبر يدخل في خانة الأخبار السارة، كما أنني لا أخفي أملي في أن يموت نزاع الصحراء بوفاة زعيم البوليساريو، أحد أكبر أعداء الوحدة الترابية.
برأيكم هل ستستمر الجبهة بنفس السياق السياسي أم أن تغييرا سيطرأ على نهجها مستقبلا؟
حسب توقعاتي ومتابعتي للوضع في المخيمات، أظن أنه ستكون هناك بعض التغييرات بناء على الشخص الذي سيخلف المراكشي على رأس جبهة البوليساريو، لكن هذا لن يحول دون استمرارية حصول البوليساريو على الدعم من طرف أعداء الوحدة الترابية، وفي مقدمتهم الجزائر.
غير أنني أتمنى أن يحدث زلزال قوي على مستوى الجبهة بعد وفاة زعيمها، وأن تتدهور حياتهم، مع العلم أنهم يعيشون أصلا حياة مأساوية.
من هي في رأيكم القوى المتصارعة حول القيادة؟
أرى أن نائب عبد العزيز المراكشي المدعو خطري ولد ابوه هو المرشح الأبرز لخلافة هذا الأخير على رأس الجبهة.
هل ترى أن النظام الجزائري قادر على إنتاج عبد العزيز آخر؟
ربما، لأن الجزائر لها مصلحة في هذا النزاع، وأظن أنها لن تتوقف عن الدعم العلني للبوليساريو-إلى جانب جنوب إفريقيا ودول أخرى- وبالتالي، فإن الجزائر ستحاول إنتاج نسخة طبق الأصل لعبد العزيز المراكشي، ولن تتوقف مناوراتها بوفاة هذا الزعيم، كما أتمنى أن يكون المستقبل في صالح المغرب وأن يظهر الحق ويزهق الباطل.
وماذا عن حركة "شباب من أجل التغيير" الاحتجاجية، هل ستصعد من احتجاجاتها داخل المخيمات؟
نعلم أن أية حركة احتجاجية يكون لها ثقل، وأظن أن حركة "شباب من أجل التغيير" ستواصل احتجاجاتها وتنديدها بالوضع داخل المخيمات وبسياسة القيادة، لكنها ستتعرض لضغوطات وسنسمع عن اعتقالات تعسفية كثيرة، لكن هذا لن يمنعنا من التفاؤل والإيمان بأنه يمكن لهذه الحركة أن تحدث تغييرا داخل المخيمات.
هناك حديث عن تيار قوي تقوده زوجة المراكشي، فهل سيكون لها دور في تعيين خليفة زوجها؟
ربما سترشح أحد المقربين منها، لكن تعيين خليفة المراكشي المدعو خطري ولد ابوه سيتم بناء على مدى قوة ووزن التيارين، لكنني، وكما قلت، أعتقد أن نائب عبد العزيز المراكشي هو مرشح بنسبة جد كبيرة ليكون الزعيم الجديد لتنظيم البوليساريو.
يشار إلى ان احمدو ولد سويلم يعتبر أحد مؤسسي البوليساريو سنة 1973 في الوقت الذي كان لا يتجاوز 22 سنة، وكان وقتها العضو الوحيد في الجمعية الإسبانية (البرلمان) في المناطق الجنوبيةالمحتلة، بينما كان والده عضو (الكورطيس)، البرلمان الإسباني، وهو ما يدل على وزن العائلة التي ينتمي إليها ولد السويلم.
وفور عودة أحمدو ولد سويلم إلى المغرب سنة 2009، التحق استُقبل من طرف جلالة الملك محمد السادس، بتزامن مع الاحتفال بالذكرى العاشرة لعيد العرش.
وبعد رجوعه إلى ارض الوطن تم تعيين أحمد ولد سويلم على رأس التمثلية الدبلوماسية المغربية بإسبانيا، وظل سفسرا للمملكة بمدريد إلى غاية 2013، حيث عين مكانه فاضل بنعيش.
وكان ولد سويلم أحد قياديي تيار خط الشهيد المعارض، كما كان أحد أبرز المناوئين لقيادة البوليساريو، خاصة منذ انتفاضة سنة 1988، حيث كان، إلى جانب ثلاثة قيادات أخرى، يشكلون الجبهة المعارضة داخل جبهة البوليساريو.
وظل القيادي السابق في جبهة البوليساريو، أحمدو ولد السويلم، يتقلد مناصب مهمة داخل قيادة الانفصاليين، إلى غاية اللحظات الأخيرة قبل التحاقه بالمغرب، سنة 2009، بالنظر إلى ما يمثله من مركز على مستوى الانتماء القبلي، حيث يتحدر من قبيلة أولاد الدليم، إحدى أهم قبائل الصحراء، وكذا ما يمثله من توجه يتعارض مع قيادة الجبهة في غالب الأحيان. وكان آخر منصب تقلده هو وزير مستشار لدى رئاسة "الجمهورية الصحراوية" المزعومة، وقبلها كان أحد الشيوخ المكلفين بعملية تحديد الهوية للصحراويين، من الجانب الآخر، قبل أن تتوقف هذه العملية بعد التأكد من استحالة إجراء استفتاء.